انحصرت ثورات التغيير في الوطن العربي في الجمهوريات تقريباً، فيما عدا البحرين وثورة البذخ الخليجي خاصتها التي لم ولن تشبه ثورات الجياع والمحرومين للحريات والحياة الكريمة. وذلك لا يرجع طبعاً لحنكة ودهاء او عدل وأمان الممالك والملوك حتى نقول لهم حكمتم فعدلتم فأمنتم فنمتم على كراسي العرش قروناً، ولا يوجد من يأكل منسأتكم التي تتكئون عليها مغروزة في ظهور شعوب الخليج المدجنة حت الثمالة من أكل الشحوم واللحوم وشرب النفط الخام.
ابدا ولا أعتقد ان سبب ابتعاد رياح التغيير عن كهوف الملوك تسارعهم للإصلاحات المطلوبة من الشعوب او نزول الملوك من عروشهم تحت رغبات الازدهار والاستقرار فقط ابدا..او حتى تلك الفكرة التي تراودنا عن ضعف شعوب النفط او استسلامها او ممارسة السحر الأسود وكل الألوان عليها.
فهل يعني هذا انه لا يوجد في دول الممالك مظلوم او منتهك الحق او حتى جائع واحد؟ الا يوجد فيها اي نفاق وظيفي او استحواذ على المال العام، ام ان المال كله خاص بالملك وأبناء واحفاد وأنسباء الملك؟ الا يوجد فيها فساد من اي نوع؟ الا يوجد فيها معتقل لرأي مخالف او ممتهن الكرامة (باستثناء المعتقليين اليمنيين في كل سجون الخليج)؟ الا يوجد في دول الخليج من يريد ان يعترض مثلا على احتلال الارض من قبل القواعد العسكرية الامريكية او كون بلد مثل دبي لا يمت للعروبة والإسلام بصلة او يثور للتدخل الجالب للعار في شؤون مصر او حتى الانتفاض لتصريحات الملك المومياء حول محاربة الاسلام الإرهابي، هل هم راضون كل الرضا عن سياسة ملوكهم خاصة السياسات الأخيرة ضد شعوب الربيع العربي؟
بالتأكيد الأمر مستحيل، والا فإننا نعتنق دين ملوكهم ونشد على اياديهم.
وعلى هذا فالثورات العربية التي اكتسحت جمهوريات الزيف والادعاء لم تأتِ من فراغ او لأنها جمهوريات فقط بل لأن الجمهوريات عند العرب أشد ملكية من الممالك نفسها واكثر فسادا بالتوريث لأبناء الرؤساء والحكام كونها جمهورية في ظاهر الأمر.
والجمهوريات العربية بذلك ترتكب كل الحماقات المخلة بالنظام الجمهوري وتعتنق مذهب الدكتاتورية المطلقة والاستبداد الجشع والاقصاء الكامل من اجل صراع البقاء على عروش ليست من حقهم.
اذا لماذا سلمت الممالك وهلكت الجمهوريات في اتون صراع لا ينتهي بانقسام شعوبها الى فرق متضادة كل فرقة تظن انها الأحق بالحكم، وقد القت خلف ظهرها اهم مبادئ الجمهوريات وهي الديمقراطية والانتخابات الحرة النزيهة ورفضت التسليم بحكم الصندوق ولجأت الى حكم الشوارع الخلفية المدلسة والخادعة.
هل لأن الممالك هي من تسعى لتدمير الجمهوريات كي لا يأتي اليوم الذي يسقط فيه "هبل" الملك الممثل الوحيد والشرعي للكهنوت الديني.
الكلام لا يرمى على عواهنه، والكل يرى رأي العين تحالف المملكة مع عدوها الرسمي إيران من اجل تعديل مسار الثورات وإفساد نتائجها والنضال المستميت من اجل تصويرها شراً وخراباً على شعوبها، وها نحن نرى ان كل جمهورية في الوطن العربي اجتاحتها ثورة تغيير لم تخرج من أزمات متجددة ومتكاثرة سحقت في طريقها أحلام الثورات وباتت أيدي الموت تتخطف الضحايا في كل بلد وأصبحت تطالعنا إحصائيات المجازر ترد تباعاً عبر شاشات الإعلام كأطباق رئيسية للأخبار كل يوم.
فهل لنا ان نتمنى ربيعاً خليجياً يجرف في طريقة عائلات معمّرة آن لها ان تنقرض او تتحلل في تربة الفتن والأزمات التي تخلقها للغير وليظهر وجه الملوك والسلاطين القبيح ويسقط ادعاء الخوف على مصالح الأمة ورعاية شؤونها؟ أما آن لهبل ان يسقط ويعلو التكبير؟