علم «المصدرأونلاين» من مصادر رفيعة في مؤتمر الحوار الوطني أن خلافات جديدة طغت على مكونات الحراك الجنوبي في الحوار، على خلفية ما أقرته مؤخراً "اللجنة السياسية" لمكونات الحراك الجنوبي المشاركة في الحوار، بتغير ثلاثة أعضاء من ممثلي الحراك في لجنة ال16 الخاصة بنقاشات القضية الجنوبية واستبدالهم بثلاثة آخرين. كما علم «المصدراونلاين» أيضاً أن القيادي في الحراك الجنوبي محمد علي أحمد عقد، أمس الاول، في صنعاء اجتماعاً طارئاً مع مجموعة من مؤيديه في الحراك لتدارس الموقف من هذا التطور واتخاذ القرارات المناسبة ازاءه بما في ذلك إمكانية إعلان الانسحاب مجدداً من الحوار الوطني.
وقال الدكتور محمد السعدي، عضو الحوار الوطني عن الحراك الجنوبي ونائب رئيس فريق الحكم الرشيد بالحوار، في تصريحات خاصة ل"المصدر أونلاين" أمس إن اللجنة السياسية للحراك الجنوبي والمكونة من 12 عضواً (والتي انتخبت قبل أسبوعين تقريباً من كافة مكونات الحراك المشاركة في الحوار) اجتمعت الخميس الماضي وناقشت وضع القضية الجنوبية في الحوار الوطني، والعراقيل التي تقف عائقا لاستكمالها، وأقرت استبدال ثلاثة أعضاء في لجنة ال16، الخاصة بالقضية الجنوبية بثلاثة آخرين.
وبحسب المعلومات، أقرت اللجنة السياسية استبدال كل من لطفي شطارة ورضية شمشير وخالد بامدهف من لجنة ال16، وإحلال بدل عنهم كلاً من العميد خالد باراس ورياض ياسين ومحمد الشدادي.
وشكلت اللجنة المصغرة (لجنة ال16) للبحث في حلول وضمانات القضية الجنوبية في 10 سبتمبر الماضي. وتضم في عضويتها ثمانية أعضاء عن الجانب الجنوبي ومثلهم عن الجانب الشمالي. ويمثل الجانب الجنوبي فيها خمسة عن الحراك الجنوبي، وهم: محمد علي أحمد، خالد بامدهف، رضية شمشير، بدر باسلمة، لطفي شطارة (من ممثلي الحراك الجنوبي)، إلى جانب ثلاثة جنوبيين آخرين، ولكن عن مكونات حزبية وهم: علي عشال (إصلاح)، أحمد عبيد بن دغر(مؤتمر شعبي)، وعبد الرحمن عمر السقاف (اشتراكي).
وما زالت اللجنة لم تلتئم حتى اليوم منذ إعلان ممثلي الحراك الجنوبي فيها وممثلي المؤتمر الشعبي العام تعليق مشاركتهم قبل أكثر من شهر، بسبب خلافات وتباينات فيما يتعلق بالحلول والضمانات المطلوبة للقضية، على رأسها عدد الأقاليم. حيث يرفض ممثلو الحراك الجنوبي الحديث عن أكثر من إقليمين في إطار الدولة الاتحادية، بينما يرفض ممثلو المؤتمر الشعبي الحديث خارج سقف الوحدة الوطنية.
وأوضح عضو مؤتمر الحوار عن الحراك الجنوبي الدكتور محمد السعدي ل"المصدراونلاين" أن لجنة الحراك الجنوبي السياسية وبعد اتخاذها قرار استبدال ثلاثة أعضاء في لجنة القضية الجنوبية المصغرة رفعت مذكرة خاصة إلى رئيس الجمهورية عبد ربه منصور هادي، باعتباره رئيساً لمؤتمر الحوار الوطني، أبلغته فيها بقرارها وطالبته بالموافقة والتنفيذ. وأكد أن الرئيس وافق على هذا الطلب وأبلغ رئاسة الحوار الوطني وأمانته العامة بالموافقة والتنفيذ. كما وجه مذكرة توضيحية بهذا الشأن إلى مستشار الأمين العام للأمم المتحدة ومبعوثه إلى اليمن، جمال بنعمر.
وكانت مكونات الحراك الجنوبي المشاركة في الحوار الوطني اجتمعت قبل أسبوعين تقريباً وانتخبت لها هيئة سياسية مكونة من 12 عضواً، يمثلون كافة محافظات الجنوب، بينهم القيادي الجنوبي محمد علي أحمد، وذلك لإدارة شؤون ممثلي الحراك المشاركين في الحوار والبالغ عددهم 85 عضواً. كما أقرت تشكيل هيئة استشارية يتم الاتفاق على قوامها وتحديد معالمها وأعمالها في وقت لاحق.
ويتوزع ممثلو الحراك الجنوبي ال85 على أربعة مكونات جنوبية مشاركة في الحوار الوطني تحت يافطة "الحراك الجنوبي"، وهي: المؤتمر الوطني لشعب الجنوب (كان تحت قيادة محمد علي احمد قبل أن يطاح به مؤخرا)، وحركة النهضة الجنوبية، وتكتل المستقلين الجنوبيين (مجموعة عبد الله الأصنج)، والحراك الجنوبي المستقل (تتبع الرئيس هادي).
وطوال الفترة الماضية كان من الملاحظ أن جميع ممثلي مكونات الحراك الجنوبي الأربعة المشار إليها آنفاً ظلت تدار من قبل القيادي الجنوبي البارز محمد علي أحمد، الذي عين رئيسا لفريق القضية الجنوبية بعد انسحاب الشيخ صالح بن فريد الصريمة من مؤتمر الحوار ورئاسة فريق القضية الجنوبية في أبريل الماضي.
ولاحقاً، دخل بن علي – منذ شهرين تقريباً - في خلافات مع الرئيس هادي بعد أن كان ومنذ اليوم الأول لمشاركته في الحوار يعد أحد أذرعه الجنوبية القوية. وقبل أسبوعين تقريباً اجتمع أعضاء في مؤتمر شعب الجنوب وأقروا انتخاب قيادة بديلة برئاسة العميد خالد باراس، الأمر يسري أيضا على الإطاحة به أيضا من رئاسة فريق القضية الجنوبية، الذي أصبح باراس رئيساً لها؛ بحسب تأكيدات متطابقة لقياديين في مؤتمر شعب الجنوب.
وعلم "المصدراونلاين" أن محمد علي أحمد حضر، أمس الثلاثاء، إلى أروقة مؤتمر الحوار الوطني، وعقد اجتماعاً خاصاً مع بعض ممثلي الحراك، لتدارس التطورات الأخيرة بعد قرار الرئيس هادي الأخير بشأن استبدال الأعضاء الثلاثة في فريق ال16 الخاص بالقضية الجنوبية.
وقال مصدر في الحراك الجنوبي ل"المصدراونلاين" إن بن علي اجتمع أمس بعدد من ممثلي الحراك، والذين – وبحسب تصريحات هذا المصدر الحراكي - يتفاوت عددهم ما بين 15 إلى 20 عضواً (غالبيتهم من مؤيديه الدائمين). وأكد المصدر أن بن علي طالب المجتمعين معه أمس بضرورة اتخاذ موقف حاسم من هذا الأمر لا يقل عن "إعلان الانسحاب من مؤتمر الحوار الوطني مجدداً".
واستدرك المصدر، مؤكداً أن هذا الطلب واجه رفضاً من معظم الحاضرين، كون ذلك أصبح أمراً "غير لائق بهم"، لاسيما وأنه يأتي بعد أيام قليلة فقط على إعلانهم العودة الأخيرة، الأمر الذي سيضعهم في موقف محرج مع الآخرين، بمن فيهم ممثلو الدول الذين تدخلوا لإعادتهم وحصلوا منهم على وعود بالعودة والمواصلة.
وأضاف المصدر أنه ونتيجة لذلك أقر الاجتماع الاكتفاء بإصدار بيان بهذا الخصوص "يعلن رفضهم البات لهذا القرار"، ويتهم الرئيس هادي بالتدخل في شؤون الحراك الجنوبي سعياً لشق صفوفه بهدف تمرير القرارات التي يعارضها ممثلو الحراك في لجنة ال16، بشكل خاص، وممثلو الحراك الجنوبي في الحوار بشكل عام، على رأسها رفضهم مسألة الخمسة أقاليم وإصرارهم على إقليمين فقط.
وفي السياق، كتب عضو الحوار الوطني عن الحراك الجنوبي، لطفي شطارة، منشوراً على صفحته في الفيس بوك، بعد ظهر أمس الثلاثاء، أوضح فيه أنهم لتوهم انتهوا من اجتماع للحراك الجنوبي، لكنه (شطارة) وعلى عكس الرقم الذي أدلى به مصدرنا أشار إلى أن 65 عضواً ممن "كانوا حاضرين في أروقة المؤتمر، حضروا هذا الاجتماع (من بين 85 عضواً)، هم قوام ممثلي الحراك الكلي في الحوار"، منوها إلى أن البعض فقط تخلفوا عن الحضور "بسبب عدم حضورهم الى المؤتمر".
وضمن منشوره، قال شطاره، وهو أحد الثلاثة الأعضاء الذين طالبت اللجنة السياسية للحراك الجنوبي في الحوار باستبدالهم من لجنة ال16، إن المجتمعين أكدوا وبصوت واحد رفضهم لتدخل الرئيس هادي في طلبه بأبعاد ثلاثة من فريق الثمانية، مضيفاً أنهم أيضا اعتبروا أنه "ليس من صلاحيات هادي التدخل بمكون الحراك أو وضع قناعاته فوق قناعات اصحاب الشأن".
وأضاف ايضا أنهم طالبوا المبعوث الدولي بالوقوف على الحياد "وعدم التورط في إقحام الأممالمتحدة في الخوض في مناقشة قضايا تهم المكونات السياسية المشاركة في الحوار".
يأتي ذلك بعد تصريحات أدلى بها شطارة لوكالة "قدس برس" العربية، اتهم فيها الرئيس هادي بالتدخل في إبعاده وزملائه من في فريق الحراك الجنوبي. وقال إن "تدخلات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي رئيس مؤتمر الحوار الوطني في إبعاد ثلاثة من المفاوضين الجنوبيين في فريق الحراك يُعد انتهاكا للنظام الداخلي لمؤتمر الحوار، وتدخلاً غير مسؤول من قبل هادي في مكون سياسي مستقل".
وأشار الى أن طلب الاستبدال هذا "جاء بسبب رفض الجنوبيين في التفاوض عن أقل من إقليمين في اطار دولة اتحادية ومرحلة انتقالية خمس سنوات يُجرى بعدها حق تقرير المصير"، مضيفاً للوكالة "الثلاثة الذين يريد الرئيس هادي فرضهم في التفاوض هو لتمرير مشروع الأقاليم الخمسة بحيث يتم تقسيم الجنوب إلى إقليمين والشمال إلى ثلاثة، وهو ما يرفضه جملة وتفصيلاً فريق الحراك في التفاوض".
وقال شطارة إن الحراك الجنوبي المكون من 85 عضواً حضره 65 منهم رفض رفضاً قاطعاً تدخل الرئيس هادي وطالبوه وجمال بنعمر المبعوث الدولي إلى اليمن بالتزام الحيادية في التفاوض، وأن تدخل هادي مرفوض بشكل قاطع وأن عليه التعامل مع الحراك أسوة ببقية المكونات السياسية المشاركة في الحوار.
وأكد شطارة أن هادي رئيس توافقي وعليه أن يبقى كذلك دون إقحام سلطته في قضية شعب هو صاحب الكلمة العليا والفصل في تقرير مستقبله السياسي، موضحاً أن تدخل هادي سيفقده الكثير عند الجنوبيين الذين عانوا من نظام الشمال منذ حرب 1994 وحتى اليوم، كما قال.
وتأتي هذه الخلافات لتزيد من عُمق الخلافات الداخلية وانقسام مكوِنات الحراك الجنوبي المشاركة في الحوار الوطني.
الأمر الذي من المرجح أن يؤخِر اجتماع لجنة ال16 المكلفة بحلول القضية الجنوبية بعد أن كان أعلن قبل أيام قرب التئامها مجدداً منذ أكثر من شهر من الانقطاع، الأمر الذي بدوره أيضا سيؤخر من انتهاء مؤتمر الحوار الوطني، الذي تم تمديده إلى أجل غير معلوم بعد انتهاء فترته المحددة سلفاً في منتصف شهر سبتمبر الماضي.