سبق وفوضنا الرئيس هادي تفويضا كاملا بكل ما يتعلق بأمر سيادة البلد، تفويض غير مشروط ولا منقوص، أثق في وطنية الرئيس، وعمق المشكلات التي تواجهه، أثق أيضا أنه قادر على مواجهة التحديات، وبذل الجهود التي تكفل به إنقاذ البلد، التي لم ينقذها طوال عامين. طالبنا الرئيس هادي بوضع حلول، في ظل تفاقم المشكلات خلال الفترة الماضية، وذهب الرئيس إلى الحلول التي يراها مناسبة، وبعد أن عجز، على مستوى الداخل، في إيجاد ما طالبه به الشعب، والرئيس هو الشخص المفوض إدارة البلد، ومهما كان الآن الوضع القانوني لهذا التفويض، وأسبابه ووضعه الحالي، فكلنا ندرك انه وضع إستثنائي بالأساس، ومن منطلق مواطنتي أدعم خيارات الرئيس وبالذات في إدارة الشأن الخارجي، وأنتظر منه أن يكون أيضا مدركا أن القرارات الدولية هي الحل، ودون شك سوف اساند الرئيس في كافة قراراته وأدواته التي يراها مناسبة للمرور باليمن، وخاصة تلك التي لها علاقة بالخارج، دون رفض كل شيء بطريقة عدمية، بل أنتظر ما سيفعل الرئيس وكيف سيستخدم هذه القرارات، التي تبدو واضحة انها دافعة له، وليس هدفها التدخل في اليمن، أو تفريط بسيادته.
مؤخرا استولت عليّ الدهشة خلال اليومين الماضيين، اشخاص كثيرون يصفون قرار مجلس الأمن بأنه تفريط بالسيادة، غير آبهين بعرض واقعي للتحديات التي أملت على الرئيس هادي خيارات استخدام مجلس الأمن والقانون الدولي، ودهشت أكثر وأنا أتابع ردود الفعل من جماعات مسلحة وأخرى نفعية ومصلحية ومعروفة خلال تاريخها الماضي أنها لا تحترم السيادة، ولا تساعد على البناء في هذا البلد المنهك بالحروب والنزاعات المسلحة.
ولاحظت كيف تتعامل فوق السيادة الوطنية، وتطلق لنفسها العنان، لتصدير خطاب دعائي يتحدث عن السيادة المُفرط بها، ولم يفتها التلميح إلى أن القرارات تدخل خارجي، ليوجه كل هذا بشكل تدميري ضد سيادة البلد اصلا.
غير سعيد بما وصل له الحال، ولكن من المهم فهمه من وحي وطنيتنا، لا من وحي الاصطفاف خلف أجندات وإيديولوجيات ومخاوف عدمية وأنانية، وخاصة أن هناك من يريد أن يثبط اساس العملية السياسية في البلد، ومن ثم يحلها بطريقته أو عبر الكلاشينكوف، واتساقا مع ما يمليه الواقع ويشترطه أداؤنا العام كمواطنيين دافعين ومساندين للرئيس، أعتقد أن كل موقف متنصل أو مسفه بلا حجج منطقية ولا ينطلق من حجم التحديات التي نعيشها، هو الهروب إلى الأمام والتفريط بالوطن والوطنية.
بدون تطفل على الموقف المعارض للقرارات، اشكك فقط، اليمن تتدخل في شأنها دول خارجية، وتؤثر سياسات التدخل تلك والتي تنتهجها دول أقليمية عديدة...، تأثيرا مباشرا على حياة اليمنيين، ونحن شعب لا نمتلك صواريخ وقنابل نووية أو قدرات أخرى تردع التدخل الخارجي، ومن وحي وطني رافض لكل تدخل خارجي، أتمنى أن يتحول هذا القرار الى سلاح رادع لمواجهة تدخل الدول الأخرى، وأن يكون بمقدور الرئيس هادي استثمار القانون الدولي في مصلحته لوقف تدخل الخارج في اليمن، وبالتالي تدرج التدخلات الإقليمية سيئة التأثير والصيت تلك، تحت البند السابع، وتفرض على تلك البلدان عقوبات.
ففي ظل التدخلات الإقليمية في اليمن، تصبح الحدود السيادية لا معنى لها. وسيادة اليمن تبدأ من وضع حد لكل هذا، ومن ترجمة علاقات اليمن مع الدول الأخرى عبر مؤسسات الدولة اليمنية لا سواها.
ملاحظة أخيرة، الحروب الداخلية لا تعالج المشكلات، ولا توحد الشعوب، بل تخلّف العار والذل لأي شعب.