السيادة في أبسط مفاهيمها هي الحرية والعيش الكريم لكل مواطن على أرض أي وطن، عاش الإنسان منذ بدء الخليقة يبحث عن سيادته حيث توفرها الطبيعة. كان ينزع وطنه: خيمة ينصبها حيث الماء والكلأ، لا يقبل بالجوع أو العطش بدعوى حب المكان أو الولاء لتراب ما، وقد يترك الماء والكلأ حين يشعر بالخوف على سيادة حياته وحريته. ظل الإنسان يطارد الأوطان كعاشق للجمال، أما وقد تحدد الوطن بأوراق ثبوتية لم يعد من السهل على الإنسان أن يبحث عن سيادته الوطنية، فالسيادة قدر كأبيه وأمه، وعليها ألاّ تكون منزوعة الحنان كي يبر بها ولا يعقها! تبدأ الشعوب بانتهاك سيادتها حين ترفع شعار "نموت نموت ويحيا الوطن"، الوطن الذي ينمو بشرب دمي سيكون غريم أطفالي لا وطنهم.
أيها السادة أعطونا سيادة كي نخشى عليها مثلكم، لا عجب في تخبطكم ونواحكم على سيادتكم فهي سيادة بحجم عائلي لا نشتم نحن منها أي رائحة سوى أوراقنا الثبوتية المكسوة بغبار الإرهاب، وعليه لا حق لنا في الهروب إلى وطن بمقاس سيادتنا بينما سماء الوطن بمقاس كل الطائرات بدون طيار، عن أي سيادة تتحدثون يا أصحاب السيادة؟ وطن منتهك براً وبحراً وجواً، بطون الملايين فيه خاوية مقابل مئات الكروش المتعفنة بقوت الجميع! سيادتكم أثخنتم السيادة بلكمات فسادكم المتوالية على عينيها! واليوم ها أنتم مجبرون أن نكون مواطنين لا سادة مطلقين، لذلك تنهارون بينما أقول أنا "نصف السيادة ولا العمى"!
حال المتباكين على السيادة كتلك القصة التي ترددها أمي مراراً حين يستغفلنا شخص ما، تقول أمي إنه "حدث في زمن بعيد أن علم بعض الرجال أن لدى أحد المهمّشين بعض القات فأرادوا أن يأخذوه منه فما كان منهم إلا أن أتوا إلى داره وهم يصرخون: قتلوا ابنك بالنقيل وأنت جالس مخزن هنا.. فصاح الرجل: تكذب.. وراح يجري ليقاتل على ولده رغم أنه لم يتزوج بعد! فأخذ الرجال القات وطاب مقيلهم بالقات والفكاهة على الأبوة الطافحة من صاحبهم".