في 2008 تقدمت المؤسسة الاقتصادية اليمنية بشكوى ضد ثلاثة من موظفيها بتهمة الاختلاس إلى محامي النيابات العسكرية مدير دائرة القضاء العسكري، وهو ما احتسبه البعض حرص المؤسسة على المال العام، لكن بعد سنوات من توجيه التهم تبين أن قيادة المؤسسة لم تستطع أن تقدم دليلا واحدا تثبت تورط المتهمين بالتهم المنسوبة إليهم، وكما جاء في إحدى جلسات المحكمة العسكرية أن المؤسسة ليس هدفها التقاضي بقدر ما تهدف إلى إبقاء المتهمين في السجن. الرائد ملاطف يحيى الرفيق، مدير فرع المؤسسة بمحافظة إب، رفعت المؤسسة ضده قضية بتهمة اختلاس، ولا يزال محبوسا على ذمة القضية منذ 2008، وتهربت المؤسسة من حضور جلسات المحكمة لعدم امتلاكها أي دليل ضد المتهم.
ملاطف لا يزال يقبع خلف القضبان في السجن الحربي بصورة مخالفة للقانون، كما أكده النائب العام في مذكرة وجهها إلى محامي النيابة العسكرية (أن استمرار حبس ملاطف يعد مخالفا للقانون).
شكاوى متناقضة ففي عام 2008 عندما تقدمت المؤسسة بقيادة مدير المؤسسة السابق العميد أحمد الكحلاني بشكوى قالت إن المتهم، ملاطف الرفيق مدير فرع المؤسسة بمحافظة إب، ومدير حسابات الفرع، محمد أحمد النعمان، ورئيس قسم المبيعات، رشيد علي قائد العامري، وبحسب الشكوى فإن المتهمين قاموا بارتكاب أفعال وتصرفات مخالفة للقانون بهدف الاستيلاء على مال المؤسسة وضمها إلى أملاكهم، كما جاء في الشكوى المقدمة في 2008.
وذكرت الشكوى عدداً من الوقائع والمخالفات التي ارتكبها المتهمون في قيادة فرع المؤسسة بإب منها: تسليم كميات كبيرة من المواد الغذائية إلى موظفين لا يستطيعون سداد تلك المبالغ، وأخرى إلى شركات وهمية، وضم أموال المؤسسة إلى حساباتهم الشخصية، وصرف مواد بدون أي ضمانات، كان إجمالي المبلغ الذي تحدثت عنه الشكوى الممهورة بختم أحمد الكحلاني 293 مليون ريال.
بعد التحقيقات التي قامت بها النيابة العسكرية، والتي استمرت في مخالفة صريحة خمس سنوات، نص قرار اتهام النيابة في 2012، وضم 46 متهما جديدا، معظمهم معلمون في إب، والمبلغ المتهم به قد تراجع إلى 217 مليون، 306 آلاف ريال.
قرارا الاتهام الجديد يؤكد أن إدارة فرع المؤسسة وزعت أو باعت بالتقسيط مواد عينية لموظفين حكوميين معلومين ومحددين، وليس صحيحا أنه تم تحويل تلك المبالغ إلى حسابات شخصية.
الوثائق التي لدى الرائد ملاطف تثبت مدى التلاعب الحاصل لدى النيابات العسكرية، وانحيازها بشكل واضح ضد المتهمين، والتعسف الممارس ضدهم، دون أدنى مراعاة لأبسط حقوقهم، كما يقولون.
الديون استُخدمت لإدانة المتهمين لم تنته القصة عند ذلك الحد من التخبط في شكاوى المؤسسة، حيث كانت في كل مرة تتراجع عن المبالغ التي تقول إن المتهمين اختلسوها.
فقد تقدمت المؤسسة بدعوى عريضة، شرحت فيه بإسهاب عن المتهم الأول في القضية ملاطف الرفيق، كانت الدعوى أشبه إلى حد ما بالتحقيق، حيث بدأت الدعوى بذكر سيرة المتهم منذ وقت مبكر عندما بدأ العمل في المؤسسة قبل 28 عاما، حيث حاولت الدعوى كما يقول شقيق المتهم ملاطف، تلفيق التهم لأخيه، على مبدأ إخوة يوسف عندما حاولوا إلصاق التهمة بأخيهم "إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل"، فسردت قصة الرجل، لكنها تغافلت أنه منذ ذلك الوقت لم يسجل ضده قضية واحدة، وإلا كيف تدرج بالسلم الوظيفي التي سردته الدعوى نفسها، بداية من موظف في قسم الحسابات عام 1986، واستمر فيها أكثر من سبع سنوات قبل أن يرقى إلى رئيس لحساب فرع المؤسسة بالمحويت وظل فيه ثلاثة أعوام.
وكما تقول الدعوى نظراً لخبراته المتراكمة، عُين ملاطف مديرا لإدارة الرقابة والتفتيش بالإدارة العامة للمؤسسة، واستمر فيها ثمان سنوات، بعد ذلك تم تعيينه مديرا لفرع إب، كل ما ورد كان بشهادة المجني عليها (المؤسسة الاقتصادية)، بحسب الدعوى المقدمة إلى النيابة العسكرية، وفي ختام الدعوى ذكرت المؤسسة أن ما تبقى من المبالغ المختلسة، 183 مليون و879 آلف و886 ريال.
لا يزال محبوسا على ذمة قضية منذ 2008، وتهربت المؤسسة من حضور جلسات المحكمة لعدم امتلاكها أي دليل ضد المتهم وتحججت المؤسسة في ملاحظة أوردتها أن المبلغ المدعى به قد تغير عما ورد في قرار الاتهام ويرجع ذلك إلى استنزالنا (أي المؤسسة) مقابل ما ورد من التربية والتعليم مما خصم على المدرسين بتوجيهات النيابة العسكرية بالخصم عليهم وهو ما ظهر من خلا ل تحقيقاتهم وجوب خصمه من مرتبات أولئك المدرسين، ما يثبت شكوك المتهمين بتلفيق تهم لهم من قيادات المؤسسة وأن كل ما ورد من القضايا لحسابات شخصية، حسب ما يقوله المتهمون، وأن تراجع المبالغ يؤكد توالي سداد المدينين للمبالغ التي عليهم.
بعدها تقدم وكيل النيابة العسكرية، محور تعز المكلف بالتحقيق، عبد العزيز هزاع العباسي، بمذكرة إلى إدارة القضاء العسكري في فبراير2012، إلى أن إطلاق سراح المتهم ملاطف مرهون بمبلغ 120 مليون ريال، وأشار في مذكرته إلى فقرة تقول إنه في حال قررت النيابة الإفراج عن المتهم، لا يكون الإفراج نافذاً إلا حال تقديم المتهم للضامن المطلوب الذي تقرر إحضاره وبالتالي لا يتم عرض المتهم على المحكمة ولا يطلب من المحاكم تمديد الحبس على اعتبار أن المتهم محبوس بحبس نفسه على ذمة إحضار الضمان.
مذكرة بتحصيل الديون بحسب شكوى المتهم الأول ملاطف الرفيق ل"المصدر أونلاين" فإنه تقدم بمستندات إلى المحكمة العسكرية بمذكرة من قيادة المؤسسة السابق الكحلاني يطالبه بمتابعة تحصيل الديون بالتعاون مع إدارة الفرع اللاحقة، وهو ما يثبت أن المبالغ كانت مدينة لدى جهات وليس مختلسة كما في قرار الاتهام، وأن على المؤسسة متابعة الأحكام القضائية الصادرة بحق العملاء الذين تأخروا عن السداد.
متهمون بدون محاكمة منذ العام 2008 يتنقل مدير فرع المؤسسة في إب المتهم ملاطف الرفيق بين سجون القضاء العسكري في إب إلى أن استقر به الحال في السجن الحربي بدون حكم قضائي ولا إدانة واضحة.
وعلى الرغم من أن النيابة العسكرية طالبت المتهم بإحضار ضمان يقدر ب120 مليون ريال مقابل المبلغ، لكنها لم تلتزم بقرارها، وكذلك لم تلتزم بقرار المحكمة الصادر في ديسمبر 2012، القاضي بالإفراج عن المتهم بعد إحضاره الضمانات، وكذلك توجيه النائب العام أن حبس المتهم يعد مخالفا لقانون الحبس الاحتياطي.
ليس حرصا على المال العام..إنما حبس المتهمين يقول أقرباء المتهم ملاطف، رغم قرار المحكمة وتوجيه النائب العام، وإحضار الضمانات التجارية والعقارية في كل من عدن وصنعاء، لكن النيابة لم تلتزم بالإفراج عن ملاطف المسجون منذ سبع سنوات بتهم كيدية، وأثبتت التحقيقات ذلك خاصة مع إصرار النيابة والقضاء العسكري مواصلة سجن المتهم دون مراعاة لأدنى الحقوق والواجبات وأخلاق المهنة التي يتطلب أن تكون بعيدا عن أي مماحكاة شخصية، وأن يكون القضاء هو المكان الآمن لكل أبناء المجتمع.
جلسة المحكمة العسكرية في تاريخ 1434ه وعدم حضور المؤسسة الجلسة، قالت المحكمة إن المؤسسة غير جادة في متابعة قضيتها، وليس لديها ما يثبت دعواها مكتفية بتقديم الوثائق للنيابة، وهو ما اعتبرته المحكمة مخالفا للقانون وسير العدالة، وأضافت المحكمة أن هم المؤسسة الوحيد يتمثل ببقاء المتهمين في السجن".
المتهم أحضر الضمانة التي طلبتها المحكمة للإفراج عنه..والنيابة العسكرية رفضت في جلسة أخرى قالت المحكمة في محضر لها "إنه تبين للمحكمة التسويف والمماطلة من جهة الإدعاء بشقيه العام والخاص"، مهددة في تلك الجلسة بعدم النظر في القضية بعد ما تأكد لها التلاعب من قبل المؤسسة الاقتصادية في متابعة القضية وأنها لا تمتلك دليلا واضحا لإدانة المتهمين.
غرض المؤسسة الاقتصادية والنيابة العسكرية، هو إرضاء رغبة أشخاص في مواصلة سجن المتهم الرئيس ملاطف الرفيق وزملائه، هؤلاء الأشخاص لهم تأثيرهم على النيابة والقضاء العسكري، كما يقول أقرباء المتهمين.
المؤسسة لا تخضع للمساءلة حكمها قوانين تُعد المؤسسة الاقتصادية من المؤسسات الوحيدة التي تبقى ملفات حساباتها طي الكتمان، فهي لا تخضع لأي مراقبة أو مساءلة، حتى أنها تحولت في إحدى جلسات البرلمان قبل سنوات للأضحوكة والتندر عندما تحدثت قيادتها عن نسبة الأرباح التي تحققت خلال الأعوام صفر.
ويقول مراقبون إن النظام السابق كان يمهد من خلال المؤسسة لسيطرة الجيش على أبرز القطاعات الاقتصادية والاستثمارية وقطاعات مهمة يستطيع من خلالها التحكم بمجرى الأمور، كما هو الحال في مصر وسيطرة الجيش على الوضع الاقتصادي برمته.
وكان أبرزها عندما تدخلت لاستيراد القمح لحل أزمة الحبوب في سبتمبر 2007م بمبلغ 50 مليون دولار، ولا تزال المؤسسة تستورد القمح حتى اليوم.
المؤسسة الاقتصادية العسكرية (سابقاً) أنشئت عام 1973، بأموال الجيش والأمن وكان يفترض أن تكون ملكاً لتلك الجهات بنسبة 25% للداخلية و 75% للدفاع، وكان الهدف من إنشائها توفير احتياجات ومستلزمات القوات المسلحة والأمن، لكن أنشئت مؤسسة بديلة للقيام بدورها، لتوفير احتياجات ومستلزمات أفراد القوات المسلحة والأمن وأسرهم، واندمجت المؤسستان عام 1979، وتم تغيير اسم المؤسسة عام 1993 إلى المؤسسة الاقتصادية اليمنية.