مر أسبوعان تقريباً على حادثة الانفجار الكبير الذي هز مدينة تعز مطلع هذا الشهر دون أن تقدم الأجهزة الأمنية المعنية بالتحقيقات الأولية والفحص أي معلومات حول الحادثة. الانفجار الذي دوى في المحافظة، بعد صلاة فجر الثلاثاء (2 مارس)، وهز وجدان أبناء المحافظة بعد أن أودى بحياة 11 شخصاً، وجرح 13 آخرين، قيل في وقتها أنه نتج عن انفجار مخزن للألعاب النارية في إحدى العمارات الكائنة بحارة المسبح المكتظة بالسكان.
لكن بعض أسر الضحايا – وفي اتصال هاتفي مع "المصدر أونلاين" شككوا بالرواية الأولية، وقالوا إنهم أوكلوا قضيتهم لمحامين بغرض الترافع عنهم أمام المحكمة، مؤمنين في قرارة أنفسهم أن الحادثة التي أودت بحياة مجموعة من أقربائهم يجب أن لا تمر بسهولة دون التحقق من الأسباب التي أدت إلى الانفجار.
تخزين مواد متفجرة وخطيرة في مخزن أحد المنازل في منطقة تعج بالسكان، ولا تتوفر فيه أدنى إجراءات التخزين المعروفة، هو إهمال ولا مبالاة، يجب أن يحاكم المتسبب الرئيسي فيها. هذا ما يعتقده مجروحو الأفئدة، ممن باتوا اليوم يقفون على أطلال أعزائهم بعد أن سلبت حياتهم وانتزعت منهم على حين غرة بينما كانوا آمنين مطمئنين في مساكنهم البسيطة.
المحامي عبد الله نعمان، الذي أوكل بملف خمس من تلك الأسر، أكد -في اتصال هاتفي ل" المصدر أونلاين" مساء أمس الاثنين– أن ملف القضية مازال لدى البحث الجنائي، وأنهم مازالوا يترددون عليهم للحصول على الملف، لكنهم لم ينالوا سوى مزيد من الوعود.
كان حريصاً –كمحام خبر مهنته– أن يدلي بأي معلومات مرتبطة أساساً بالشائعات التي غزت المدينة عقب الحادث، ومازالت تتطور وتكبر يوماً بعد آخر.
هناك في المخزن الموجود في "بدروم" العمارة، كان يوجد معمل، توجد به مواد كيميائية خطيرة، وكانت بضمنها مادة الكربون شديدة الانفجار. بل كان هناك خزان مياه كبير لم يكن يستخدم لتزويد الساكنينبالمياه، ويعتقد أن الرجل كان يخفي معملاً للمواد الكيميائية ربما لتصنيع شيئ ما لا يعلم ماهو بالضبط، لكن ربما الأمر يتعلق بتصنيع الأسلحة.!
إشاعات كثيرة أعقبت الحادث، وإن لم تسارع الأجهزة المعنية بإعلان نتائج تحقيق المعمل الجنائي الذي جيئ بخبرائه من صنعاء، لتفاقمت تلك الشائعات في مجتمع تتجاوز أميته نصف عدد السكان، ولا يجد أحب إليه من الشائعة يلوكها في جلسات القات وأثناء شرب الشاي في البوفيات..
لماذا تسير تلك الأجهزة بوتيرة بطيئة في مثل هذه الأمور التي أصبح الرأي العام في الحكم عليها جاهزاً لتصديق أي شيء يسمعه؟
ولماذا لم يسلم ملف القضية حتى الآن للمحامين الموكلين من أسر الضحايا حتى الآن؟ تعتقد بعض تلك الأسر أن الأمر قد يتعلق بأمور خفية، يتم طباختها سراً لتمييع القضية. كان عليهم أن يبدوا استغرابهم مما وصفوه ب"التعتيم على المعلومات".
لكن المحامي عبد الله نعمان رفض التعامل مع تلك الشائعات، وقال: "كان مبررعدم تسليمنا الملف في بداية الأسبوع، أنهم بانتظار تقرير المعمل الجنائي. والسبت الماضي، قالوا لنا إنهم سيقدمون الملف للنيابة بعد الانتهاء منه قريباً".
مدينة تعز تأتي في المرتبة الثانية -بعد محافظة أب- في عدد السكان. وبعد الحادث، لم يكن لدى أجهزة الأمن في تعز الإمكانات اللازمة من الخبراء والمتخصصين بفحص المواد الكيميائية في مكان الحادث، مما اضطرهم إلى انتظار قدوم خبراء من المعمل الجنائي بصنعاء.
"لا أستطيع أن أحكم على أي شيء قبل أن أحصل على ملف القضية والاطلاع على التحقيقات وأقوال الشهود، وتقرير خبراء المعمل الجنائي". أكد المحامي ذلك بحزم. لكنه مع ذلك يرجع الأمر بداية إلى الإهمال والتسيب، يقول: "هناك إهمال حقيقي وسوء تخزين.. هذا ما أستطيع أن أقوله لك في هذا الوقت".
في كل الأحوال، هذا أمر واضح، وأيما تكون النتيجة التي سيخلص إليها الخبراء من فحص العينات، فإن الحكم بداية على وجود إهمال وسوء تخزين في ظروف غير آمنة هو أمر طبيعي ويمكن الجزم فيه.
لكن هذا الإهمال وسوء التخزين يمكن أن يتحول إلى مشكلة كبيرة في محافظة تقول بعض المعلومات إن أجهزة الأمن عثرت فيها على أكثر من 30 مخزناً للألعاب النارية ضمن حملة قامت بها عقب الحادث بأيام.
يعود السؤال مجدداً: متى سيحصل المتلهفون لسماع النتائج على مرادهم؟ في الحقيقة ربما يأخذ الأمر أيام أخرى، أو أسابيع وربما أشهر. ذلك إذا ما عرفنا أن ملف القضية ما يزال لدى إدارة أمن تعز حتى الآن، ولم يسلم لإدارة البحث الجنائي. يعزز المحامي ذلك، ويقول: "حينما قابلت مدير البحث قبل يومين، قال لي إن التقرير ما زال في إدارة الأمن، ولم يصل إليهم بعد".
في الحقيقة.. حصل " المصدر أونلاين " على معلومات تفيد أن المسئولين في محافظة تعز تركوا قضية الانفجار الكبير، وموت 11 شخصاً، لينشغلوا بقضية مقتل شقيق الشيخ علي حنش في مدينة الراهدة التي تبعد عن المحافظة قرابة ساعة تقريباً. الواقع أن هذه القضية حساسة جداً، فهي تتعلق بمقتل شقيق وكيل المحافظة قبل فترة طويلة.