أيُعقل أن يضع إنسان هكذا صبي في نقطة تفتيش ؟! أين العالم الذي بلغ من البهتان والزور أن يتشدق بحقوق الحيوان ، أم أن حيواناتهم من سلالة لا ترقى لها مثل هذه المخلوقات . أين عويل منظمات المرأة والطفل ، وأين القضايا المرفوعة ضد هكذا انتهاكات ؟! عفواً .. ينتابني ضحك هستيري .. ثم أودّ أن أبكي ، وأصرخ ليسمع كل هذا العالم صراخي : أنتم منافقون ، ثم أسقط على الأرض لأبكي .. نعم أبكي حتى أفقد وعيي . كم نحن أغبياء عندما نستنجد بالعالم ، وكأنه موجهاً كلتا أذنيه صوب أفواهنا ينتظر ما نأمر ، ليُلبي . انظروا في ملامح الطفل التي طمس تناقل الصورة عبر الويب دقتها . ملاك صغير حمّلوه سلاح شيطان ، وأغروه بالجلوس على كرسي قائم على أحجار . ربما كان فرحاً جداً عندما منحوه هذا الشرف العظيم ، وخصوصاً إن كان ممن لم يجلس حتى اللحظة على كرسي مدرسة في قرى صعدة التي تعاني من شحة المدارس ، الأمر الذي تمخّض عنه من يقبل بهكذا استخدام للطفولة . لماذا أشعر بأن في هذه الملامح المتكسرة شوق ملحّ لحضن أم تقبع في إحدى بيوت صعدة . في صنعاء - يدور في خاطر الولد - لا يوجد ذلك الدفء الذي أجده في بيتنا ، لكني أخيراً : "نلتُ شرف الدفاع عن ......." .. يسكت . عن ماذا ؟ "ربما لستُ ناضجاً بما يكفي لأعرف .. لكنه أمر سيدي عبد الملك" "بدأت أشعر بالقلق .. لقد ابتعدوا قليلاً ". يتذكر أحد المسلحين وهو يربت على كتفيه بعد عناء إصابة الهدف في معسكرات التدريب : " كذا أنت رجّال " يحاول عبْسَ وجهة تزامناً مع تغيّر حالة قلقه إلى حالة الشعور بالمسئولية : " أيوه ، أنا رجّال .. ولا أخاف من العملاء ". القلق يعود بين الفينة والأخرى فلا بد وأنه يعرف ما معنى الموت ،فحروب صعدة - ربما - قد طحنت أحد أفراد أسرته . هو يتذكر صراخ وبكاء عائلته على مفقودهم ، ومؤكد أن صدى لعنات الكبار - حينها - يتردد بين حينة وأخرى كلما حمل السلاح الذي ربما ساوى قامته إذا ما وضُعا جنباً لجنب . كان حينها يبكي .. ويُقسم أنه سيأخذ بالثأر . لم يشرح له أحد ما حدث ، و لا ما يحدث ، هو لا يعرف إلا أن القتلة عملاء ، وأنهم موجودون هناك في صنعاء ، و عندما يشير إليه أحد قادته بأن ذلك الشخص منهم ، لن يتردد برهة في رفع سلاحه بكل ما أوتي من قوة ، وتصويب رصاصة تستقر في قلب ذلك العميل ، وهناك تكتمل صناعة الوحش الصغير .