يستغرب البعض من صفاقة و صبيانية الجماعة الحوثية المسلحة في تعاملها الفج و استهتارها الغير مسبوق في مستقبل العملية السياسية ,الأمر الذي يوحي للمتابع المحايد لمسار الحوثية تحت قيادة الشاب عبدالملك بأنها تسعى حثيثا لتنفيذ مهمة محددة ابعد ما تكون عن مستقبل الجماعة السياسي او مصالح انصارها . فما هي هذه المهمة و ما هو مصير الجماعة بعد انجاز هذة المهمة و ما هو مصير القيادة الحالية التي أثبتت بما لا يدع مجال للشك انها قيادة مؤقتة ؟ قبل الاجابة لا بد للعودة قليلا بالتأريخ و بالتحديد لتأريخ منظمة طالما ادعي الحوثي انه مجرد نسخة تقليد لها لا اقل و لا أكثر و أعني بذلك حزب الله اللبناني . فحزب الله مر تقريبا بنفس المراحل التي مرت و تمر بها جماعة الحوثي و ستصل اليها هذة الجماعة , فإذا علمنا أن انتهاء حزب الله اللبناني دمية في يد ملالي إيران لم يكن منذ البدايات الأولى لنشأة الحزب و التي كانت متمثلة بحراك اجتماعي لبناني محض بريئ برأيي على الأقل من اي شبهات التبعية , أشعل ما عرف بثورة الجياع بقيادة السيد موسى أعلى مرجعية دينية لشيعة العالم في ذلك الوقت والذي ما لبث أن تم تغييبة قتلا أو غيرة , بتواطئ قيادتين عربيتين , بالتزامن مع بزوغ نجم الخميني كقائد للثورة الايرانية الدينية الطابع و ليحل محل الصدر بصورة مبرمجة . ( راجع كتاب الجمهورية الثانية للكاتب الإيراني د.موسى الموسوي _ كتاب رهينة في قبضة الخميني للكاتب الأمريكي روبرت دريفوس ). ولا يخفى على احد دور ايران الخميني في تأسيس حزب الله و رعايته ماديا و عسكريا في البدايات و النهايات و لكن فيما بين ذلك الزمان و اليوم الكثير من المحطات التي لا يتم العودة اليها كثيرا , سنتطرق اليها اليوم في سياق تقريب و تطابق المسارات بين التنظيمين العسكريان اللبناني و اليمني خصوصا في المراحل المتأخرة من مسيرتهما متجاوزين تفاصيل النشأة و الأسماء . فما يهمنا هنا هو الوصول الى المحطات التي لعب فيها حزب الله في لبنان في منتصف التسعينات من القرن الماضي و نسختة اليمنية في منتصف العقد الثاني من العقد الحالي . فعبدالملك الحوثي هو النسخة التي تلعب دور الشيخ صبحي الطفيلي أول أمين عام لحزب الله و الذي كان يقود الحزب بفكرة ثورية هوجاء اقصائية متفردة كادت تعصف بالوضع السياسي الهش في لبنان الخارج من حرب اهلية طويلة ,و بصورة قريبة لما يقوم به اليوم عبدالملك الحوثي مع فارق وحيد بين الحالتين ان دوافع الطفيلي كانت ذاتية فيما ما يقوم به الحوثي اليوم يأتي في سياق ارتهان لإرادة و اجندة غربية امريكية تحديدا تتمثل في شعارة محاربة الإرهاب . وهنا لابد من توضيح الخرق الذي حدث في السيناريوا التقليدي لنشئة و تطور الجماعات المسلحة الشيعية كحزب الدعوة العراقي و حزب الله و غيرها من الجماعات المستحدثة مؤخرا , هذا السيناريوا الذي يقضي بأن تكون هذة الجماعات المسلحة تابعة بصورة كلية للولي الفقية و ان لا مجال لقيام هذة الجماعات بعقد اتفاقات (مقاولات) مع اطراف أخرى بمعزل او بدون العودة الى السيد في ايران كمقاول رئيسي يوزع مهام من الباطن . فكيف استطاعت امريكا عقد الصفقة او الاتفاق مع الحوثيين بمعزل عن ايران مع بقاء حبل الود بين ايران و الجماعة ؟ هناك احتمالان اولهما هو دور الرئيس السابق لليمن الصديق الحميم للسيد جون برينان مدير ال CIA الذي قد يكون لعب دور ايران و تبنى المهمة و تكليف الحوثي بصورة غير مباشرة بتأدية المهمة او تنفيذ الرغبة الامريكية . الإحتمال الثاني و هو قيام الأخ الأكبر لعبدالملك الحوثي البرلماني يحى الحوتي و الذي قضى سنوات طويلة في برلين كلاجئ سياسي , الأرجح أنه هو من قام بالتفاهم مع الأمريكان و تعهده لهم باستعداد الجماعة لتنفيذ هذة المهمة ,و هذا برأي الأمر الذي استدعى عودتة من المنفى عقب 21 سبتمبر الماضي في حين انه كان قادر ان يعود كبقية فريقة في 2011 . فالمؤشر الأول لعودة يحى الحوثي للواجهة , يعني و بما لا يدع مجال للشك أن المستقبل السياسي للجماعة مرتهن بتولية قيادة الجماعة بعد استنفاذ الحاجة و استشعار الحرج من بقاء أخية الأصغر قائد للجماعة نتيجة لضيق الأفق السياسي لدى هذا الأخير بعد تنفيذة للمهام القذرة لأمريكا في اليمن . و هو ما حدث تماما عندما أقصي صبحي الطفيلي من قيادة الحزب ليحل محلة سياسي مرن كحسن نصرالله .