بأسلحة ومعدات عسكرية ومؤن حربية، هبطت طائرتا نقل من سلاح الجو اليمني الخميس الماضي، كانت الأولى تهبط في مطار عدن (جنوباليمن)، فيما الثانية كانت تستأذن للهبوط في مطار الريان بالمكلا في حضرموت (جنوبي شرق). وفي مؤسسة الدفاع الجوي كان الحوثيون يصرخون «في الريان نعم لكن في عدن لا، هذه أسلحة لعبدربه الخائن»، وأثارت عمليتا التموين العسكري لقوات الجيش في الجنوب حفيظة ممثلي الجماعة التي نفذت انقلاباً على سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي والسلطات الشرعية، وباتت تمتلك سلطات القرار في مؤسسات الدولة وبالأخص قوات الجيش ومعسكراتها.
وفي أعقاب سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء في سبتمبر المنصرم، مال الحوثيون لإحكام سيطرتهم وبهدوء على القوات الجوية، الأعلى كفاءة قتالية والأكثر تسليحاً، وخلال ذلك بدا قائدها اللواء طيار راشد الجند مجرداً من صلاحياته أسوة ببقية مسؤولي الدولة.
ثار ممثلو الحوثيين في سلاح الجو على عملية النقل، تصدى لهم أركان حرب القوات اللواء عبدالملك الزهيري، بأن العملية لا تشكل استثناءً، وهي عملية تموينية لقوات الجيش المنتشرة في كل المحافظاتاليمنية، وإن اعتراضهم لا يعدو كونه تدخلاً في أعمال القوات الجوية التي لا يمتون لها بصلة.
صرخ الحوثيون في وجه الزهيري واتهموه بأنه فاشل، والسبت الماضي أصدر الزهيري توجيهاً للشرطة الجوية التي تحمي معسكر القوات، بألا يسمحوا لأحد ممثلي الحوثيين بالدخول إلى قيادة المعسكر.
يقول مصدر في معسكر القوات الجوية ل«المصدر» إن الشرطة منعت القيادي الميداني في الجماعة من الدخول، وبالكاد مرت عشر دقائق حتى أصبح معسكر القوات الجوية محاصراً من قِبل مسلحي جماعة الحوثيين.
يضيف «اضطر الزهيري لمغادرة مكتبه خلال حصار المسلحين واتجه نحو منزله ولم يعد، فيما بقي قائد القوات راشد الجند رابضاً خلف مكتبه منتظراً لما تؤول إليه الأحداث، واكتفى المسلحون الحوثيون باقتحام مقر القيادة».
الأحد الماضي، اجتمع قادة الألوية في القوات الجوية مع الجند، وفي الاجتماع أصروا على ألا تسمح القيادة للمسلحين الحوثيين بالتدخل في تسيير آلية العمل، أو سيستقيلون دفعة واحدة.
وبناءً على تهديد قادة ألوية القوات الجوية، اقترح اللواء طيار راشد الجند أن يُقدم استقالته فيما يستمر قادة الألوية بالعمل «برفض كل الأوامر التي تأتي من خارج قيادة القوات ووفقاً للتنسيق بين الألوية والعمل بشكل موحد ومستمر، بدلاً عن توقفه في أهم مؤسسة من مؤسسات الجيش فضلاً عن السماح للحوثيين العبث بها».
أمس الاثنين، عينت اللجنة الأمنية العليا التابعة لجماعة الحوثيين قيادات عسكرية جديدة، كان من ضمنها الإطاحة باللواء الجند والعميد الزهيري، وإحالتهما إلى التحقيق بناءً على واقعة هبوط طائرتين نقل تحملان عتاداً عسكرياً في عدن والمكلا.
وكلفت اللجنة برئاسة رئيس اللجنة اللواء الركن جلال الرويشان العميد الركن يحيى عباد الرويشان -أحد القياديين العسكريين المحسوبين على الحوثيين- قائدا لقطاع الدفاع الجوي، فيما كلفت العميد الركن الخضر سالم -أحد القياديين الجنوبيين- قائدا للقوات الجوية لقطاع الطيران.
وأقرت اللجنة أن تكون القوات الجوية والدفاع الجوي تحت الإشراف المباشر لرئيس هيئة الأركان العامة اللواء حسين خيران، وهذه هي المرة الأولى التي تبقى القوات الجوية من دون قائد منذ تأسيسها.
وقالت وكالة «سبأ» التي تسيطر عليها جماعة الحوثيين، إن اللجنة استمعت إلي تقرير مفصل عن سير العمل داخل القوات الجوية، والإجراءات الأمنية والعسكرية اللازمة لوقف عمليات التهريب بكافة انواعها التي تتم عبر السواحل.
و استعرضت اللجنة الأمنية في اجتماعها طبيعة الأوضاع السياسية و الأمنية، والظواهر الإرهابية في بعض المحافظات ومانتج عنها من اختطاف واعتداءات علي قوات الجيش والأمن في بعض المناطق.
ونقلت الوكالة عن اللجنة الأمنية، «إن بعض القوى السياسية أقحمت وحدات الجيش والأمن في بعض المحافظات لتقوية مواقفها السياسية والاتجاه بهذه الوحدات خارج إطار المهام الوطنية الملحة لمواجهة خطر الإرهاب والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد البلاد».
واللجنة الأمنية العليا شكلتها جماعة الحوثيين، وفقاً لما يُسمى الإعلان الدستوري الذي أعلنته الجماعة في السابع من فبراير الماضي، وتضم في عضويتها قيادات عسكرية بالإضافة لقيادات ميدانية لجماعة الحوثيين.
وأكدت «اللجنة الأمنية العليا عزمها وتأكيدها الثابت في عدم السماح لأي طرف من الأطراف السياسية استخدام الجيش والأمن والاستقواء بهما في المعترك السياسي القائم، بالإضافة إلي تأكيدها علي عدم الانصياع لأي ضغوطات سياسية تحاول اختراق قواعد وتقاليد الجيش ومنها تقييم العاملين والتعيين والتنقلات والجزاءات داخل وحداتها»، بحسب الوكالة.
وقالت الوكالة الإخبارية إن اللجنة ناشدت القوى السياسية عدم إقحام القوات المسلحة في خلافاتها الحزبية، بعيدا عن المزيد من تصعيد الأوضاع التي قد تؤدي إلي نتائج سيدفع ثمنها كل من قصر في أداء واجباته الوطنية وبالذات من النخب السياسية المسئولة عن ترشيد خلافاتها وفق ضوابط الحفاظ علي الثوابت الوطنية.