الإصلاح ليس إلا حزباً سياسياً، معاركه البرامج السياسية والانتخابات. وإن حمل كثير من أعضائه وقياداته السلاح، فلأنهم لم يجدوا خياراً غيره بعد اقتحام بيوتهم وقتلهم بدمٍ بارد أو إخفاءهم قسراً، وفي أحسن الأحوال تشريدهم في الداخل والخارج.
حركة الحوثي أو ما عُرف منذ انطلاق مؤتمر الحوار الوطني في مارس 2013 بجماعة الحوثي، قوة عسكرية عمياء، لا تحمل مشروعاً سياسيا واضحاً. لذلك استطاع صالح - الذي أطاحت به ثورة شعبية في نوفمبر 2011 وكان الإصلاح رأس حربة في هذه الثورة - أن يوجّه هذه الجماعة المسلحة لضرب قوى ثورة فبراير الشبابية وكان الإصلاح على رأس هذه القوى.
حاول صالح عبر حليفه الجديد، أنصار الله، جر الإصلاح إلى مربع المواجهات المسلحة مرات عديدة، لتجريد الأخير من الخيار السلمي الذي انتهجه في معارضة نظام صالح، كان الإصلاح يتخلص من تلك المحاولات باتفاقات وتسويات وتنازلات، آخرها اتفاق السلم والشراكة الذي وقعت عليه معظم الأطراف السياسية مساء 21 سبتمبر 2014. إلى أن أطلقت دول التحالف العربي عملية عسكرية واسعة ضد تحالف الحوثي وصالح في 26 مارس الماضي أسمتها عاصفة الحزم.
وجد المقهورون داخل الإصلاح فرصتهم للانتقام من الميليشيا التي طاردت واخفت وقتلت الكثير منهم بصورة تعسفية ومهينة، فتوجه الكثير منهم إلى جبهات القتال مسنودين ببيان حزبهم الذي أيّد دول التحالف في خيار الحل العسكري لاستعادة الدولة.
إذاً فالإصلاح المتواجد في جبهات القتال هو الإصلاح المقهور، الاصلاح الذي نفدت كل خياراته السياسية، ووجد نفسه بين سكينين الأولى في يده والثانية على رقبته. وتواجده في المعارك ليس أكثر من سند شعبي واجتماعي، فالإصلاح ليس الجيش الوطني ولا هيئة الأركان ولا وزارة الدفاع. إنما هو حزب سياسي مدني، خاض ست عمليات ديمقراطية خلال عقدين منذ تأسيسه، ميادينه طاولات الحوار وصناديق الانتخابات، وليست المتارس وجبهات القتال.
وعلى الرغم مما تعرض له الإصلاح ككتلة سياسيّة واجتماعية واسعة الحضور، من محاولات للتفكيك والتشويه والشيطنة، إلا أن خصومه المحليين والإقليميين ما زالوا يرون فيه القوّة المقلقة التي قد تقف حجر عثرة أمام طموحاتهم السياسية في مرحلة ما بعد الانقلاب.