افتتح فخامة رئيس الجمهورية المؤتمر الفرعي للسلطة المحلية بمحافظة إب، وعلى خلاف ما جرى في المحافظات الجنوبية من حوارات ونقاشات بين قيادات المجتمع غير الرسمية والرسمية والقيادة السياسية، سيما وأن البيان الختامي في إب تضمن إشارات عامة للمشاكل، ولم يورد سبل تجنب أخطاء المحليات والمؤسسات الرسمية للفترة المستقبلية. ويظن عدد من الشخصيات الاجتماعية أن انصراف الرئيس عقب الافتتاح رسالة مفادها أن الوقت لم يحن للاستماع وحل مشاكل المحافظة، وأن الهدف الرئيسي للمؤتمرات المحلية هو محاولة تفهم واستيعاب المعاناة في المحافظات الجنوبية والشرقية, أما المناطق الوسطى والشمالية فالقيادة السياسية لا ينقصها إضافة أعباء ومشاكل محلية تحتاج إلى دراسة وتغيير في الأداء الرسمي للدولة. والحقيقة أن محافظة إب بالتحديد كان من المهم إجراء حوارات ونقاشات لاحتياجات المواطنين العامة فيها، للخروج بحلول وإجراءات تستوعب مطالب الجميع، فضلاً عن أن مغادرة رئيس الجمهورية المؤتمر عقب الافتتاح كانت فرصة لرفع الحرج والمجاملة، وتكون المشاركات والأطروحات واقعية وحقيقيةً جادة، خصوصاً أن الرؤى الممثلة مصالح أبناء المحافظة ستكون صالحة لاستيعاب جميع مطالب أبناء الوطن، حيث أن إب تمثل عمقاً استراتيجياً للوحدة الإنسانية بين اليمنيين تاريخياً والتعايش فيما بينهم وأسس العلاقة المرنة وانضباط قواعد التعامل مع الثروة والإدارة فيما بين أبناء المجتمع، مع اختلاف جهوياتهم، إذ جمعت مكونات المجتمع في محافظة إب بين المتوكل الشهاري، وباعلوي الحضرمي، ومنصور اليافعي، وأبو راس البرطي، وعنان الحاشدي والصبري المرادي، وسفيان اللحجي والبطاح الزبيدي، والشامي الخولاني، والعنسي الجوفي، وباسلامة الكندي، والمنصوب اليفرسي، والعيدروس التريمي...الخ من ثنائيات وتنوعات وفق مضامين وثوابت حكمت العلاقات التعايشية بينهم عبر التاريخ: مديريةً مديرية وقريةً قرية, وهي خصائص استوعبتها السلطة منذ أحداث المناطق الوسطى، ومن خلالها تمكنت السلطة من تضييق مساحات حركة الجبهة بالثمانيات, إلا أن النظام الحاكم عقب حرب 1994 أهمل الاعتبارات العادلة، وبدأت مراكز إدارة شؤون المحافظة تنحاز لاتجاه واحد، ما سبب تراكمات ونقماً كنا في غنى عنها، وما قضايا نهب الأراضي إلا أحد مظاهر الطغيان الذي شجعه أيضاً تراخي أجهزة الأمن والنيابة عن ضبط العصابات المسلحة لنهب الأراضي، والمبرر بحسب تصورهم تجنباً للمشاكل مع بعض النافذين، مع أن التهاون ينتج مشاكل أكبر وأعظم ضرراً على الجميع مما لوتم ضبطها بادئ الأمر. إن أبناء محافظة إب على يقين أن جريمة مقتل عباس الغرباني ما كانت ستحدث لو ضبط الأمن المعتدين مع بدء بسطهم على الأرضية، وكذلك قضية مقتل الرعوي وقبله البداء وتداعياتها. إن المحافظة بحاجة إلى رجال ضبط قضائي (نيابة وأمن) يقدسون الممتلكات الخاصة وحريات المواطنين ودماءهم، وبضمان القيادة السياسية لتلك الشؤون كفاية، وهي أمور كان يحفظها لأبناء المحافظة النائب السياغي في العهد الإمامي البائد. بعد 47 عاماً من الثورة التي من أهدافها إزالة الفوارق بين الطبقات ودستور دولة الوحدة ينص على أن المواطنين متساوون في جميع الحقوق والواجبات، وبالرغم من ذلك في قضية اعتداء أحد قيادات السلطة المحلية على أراضي مواطنين يقرر أعضاء النيابة العامة في الاستئناف في جلسة مداولة ما يلي "وحيث أن مقتضى النزاع بين الأطراف ومكانتهم الاجتماعية تستوجب على النيابة التريث بإصدار قرار الاتهام وإحالة الأطراف للتنازع أمام القضاء المدني..." فهل مازال اعتبار المكانة الاجتماعية مانعا لتطبيق القانون ومقبولاً في عصرنا، فضلا عن استساغة رجال قانون هذا الاعتبار الفاضح!!. فخامة الرئيس: لا تصدق من يقول لك إن أوضاع المحافظة على ما يرام، فالعديد من الكوادر المدنية والأمنية والعسكرية جرى إقصاؤهم من أعمالهم، بالرغم من كفاءتهم، وضحايا السطو على الأراضي ناكئة جراحهم. إننا لم نحصد من رجال السلطة المحلية سوى انتخاب المحافظ الذي اختير بعناية فائقة, فجاء حلا وسطا استطاع أن يدرك خصائص المحافظة، إلا أننا نخشى أن يصاب بالإحباط فهو يعمل في واقع تعيس ومعاونين لا يحملون حتى مؤهلا جامعيا، ولا تتوافر فيهم أدنى معايير المسؤولية والاتزان. إننا في حيرة من النقاط الأمنية وبألف حيلة أمرّر الكلاشنكوف الذي اضطر لحملة دفاعا عن النفس لا غير.. بينما صاحب الحدا يمر على مرأى ومسمع بسلاح ثقيل وخفيف من النقاط الأمنية. هل حققت المجالس المحلية في محافظة إب أهدافها؟ تجيب على ذلك دلائل مشهورة يعرفها الرأي العام منها أن بعض أعضاء المحليات بمديرياتهم كمكافأة لناخبيهم أنشؤوا سجوناً خاصة للأهالي ضريبة ثقتهم بهم, وآخرون يعالجون قضايا التنمية بانتظار تقديم الأهالي الأثوار قرابين لهم ليقوموا بواجباتهم، وكذا وصايا إيصال ثور لفلان حتى ينفذ مشروع ما, وذلك موضوع موثق بتقارير صادرة من جهات رسمية. الخلاصة أن المجالس المحلية في محافظة إب لم يعد لها معنى عقب مشاريع احتفالات عيد الوحدة، سوى أنها مراكز احتمى خلفها نافذون من الوقوع تحت المساءلة عن انتهاك القوانين وحقوق المجتمع، وجهودهم تنحصر في الإضرار بالآخرين وعرقلة مستحقاتهم من تعويضات ومشاريع، واختزلوا المكاتب التنفيذية بأشخاصهم , لهذا فالاختصاصات بينهم يتوزعونها لإشباع غرائزهم التسلطية على الآخرين لا غير، فتجدهم يثيرون تذمراً وسخطاً عاماً، فضلاً من أن بعضهم تصور أنه انتخب بتفويض مطلق، فيتدخل بمهام النيابات والمحاكم بخبط عشواء فيتدخلون بدماء وأعراض وأموال المواطنين دون رضا الإطراف . بينما أعضاء المحليات الأكثر تأهيلاً ووطنية لم تسند لهم أي مهام على مستوى المحافظة. ختاماً قد تكون ظروفٌ مرحلية وتصوراتٌ معينة رتبت خارطة أداء تسببت بتفاقم الأخطاء و العبث، أليس من الشجاعة الوقوف بحزم لترتيب أوضاع محافظة إب بموضوعية بحتة لتحقيق غايات أفضل وآمنة للجميع، بمن فيهم العابثون، والأوطان لا تبنى بالمكائد والأحقاد بل تبنى بعظماء يحبون ويتفانون من أجل الجميع.