انتقدت أوساط سياسية يمنية تعاطي الحكومة مع الخلاف القائم بين قبيلتي عبيدة وبلحارث بشأن بئر نفطية، واعتبرته مؤشرا خطيرا على فشل الدولة في بسط نفوذها على كامل أراضيها. وقد تفجر الصراع بين القبيلتين في 23 مايو/أيار الماضي على الحقل النفطي الواقع في (البلك 18) بصحراء الربع الخالي بين مأرب وشبوة.
وأدت المواجهات إلى مقتل سبعة أشخاص، وإصابة ثمانية آخرين من الطرفين، قبل أن تتمكن وساطة قبلية من وقف مؤقت لإطلاق النار، والبدء في سلسلة مفاوضات لم تتوصل إلى أي حلول إيجابية إلى الآن.
تحذير وحذر الكاتب والمحلل السياسي سعيد ثابت سعيد من النتائج "الكارثية" التي قد يفضي إليها الصراع بين القبيلتين، إذا لم تتدخل السلطات لفض النزاع بأسرع وقت ممكن.
وأوضح سعيد للجزيرة نت أن بقاء الخلاف وعدم قيام الدولة بدورها الدستوري والقانوني للتعامل مع هذه القضايا الخطيرة دليل فشل، محملا السلطة ما قد يفضي إليه النزاع من نتائج.
وانتقد الحكومة اليمنية التي قال إنها تخلت عن مسؤولياتها تجاه الكثير من القضايا وتركت حلها للقبائل، مستشهدا بقضايا المعجلة وردفان والضالع والشبواني.
تأجيج الصراع أما عضو القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي نايف القانص فاتهم الحكومة اليمنية بتأجيج النزاع بين القبيلتين.
وقال القانص للجزيرة نت إن ما هو قائم بين قبيلتي عبيدة وبلحارث يؤكد أن اليمن تعيش تحت رحمة الفساد القائم حول النفط.
واعتبر أن غياب الدولة عن توظيف هذه الثروة الوطنية الهامة في البناء والتنمية دليل على أن كل طرف يستحوذ على ما لديه من ثروة، ويستغله للحصول على مصالح شخصية.
فشل الوساطات وكانت وساطة مكونة من عدد من مشايخ مأرب وشبوة قد توصلت إلى تمديد الهدنة بين الجانبين، في محاولة لتسوية قضايا عالقة بدا أنها تشكل عراقيل أمام نجاح الجهود الرامية لمنع تجدد المواجهات.
لكن رئيس المكتب التنفيذي للتجمع اليمني للإصلاح بمحافظة مأرب الشيخ مبخوت الشريف قلل من نجاح تلك المساعي، مؤكدا أن السلطة تقف موقف المتفرج إزاء النزاع القائم.
وحذر من تفاقم المشكلة وتحولها إلى حرب مستعرة بين قبيلتين تمتلكان أسلحة ثقيلة ومتطورة، ستكون حقول نفط صافر وجنة مسرحا لعملياتها.
ونقل موقع مأرب برس عن الشريف قوله "ما الذي يفيد القبيلتين عندما تقتتلان على صحراء فيها منشآت نفطية عملاقة خيرها لغيرهم، وليس لهم فيها إلا وظائف الحراسة وقيادة السيارات، دون إعطائهم عائدا لتطوير البنية التحتية أو منحا دراسة لأبنائهم".
وذكرت تقارير صحفية أن وزارة الداخلية اليمنية طلبت من حكومتي الرياض وأبو ظبي عدم السماح لليمنيين المنحدرين من القبيلتين والحاملين لجنسيتهما التوافد إلى اليمن للتضامن مع قبائلهم.
نفي رسمي في المقابل نفى عبد الحفيظ النهاري -نائب رئيس الدائرة الإعلامية بحزب المؤتمر الشعبي العام الحاكم- الاتهام الموجه للحكومة بتغذية الصراع بين القبيلتين، ووصفه بالمجحف والمجافي للحقيقة.
واعتبر أن الاتهام خطاب يحمل دوافع سياسية أكثر منه خدمة للحقيقة ولحجم هذه الصراعات البسيطة التي اعتاد المجتمع اليمني عليها.
وبين النهاري للجزيرة نت أن حالة الصراع بين عبيدة وبلحارث لا تختلف عن أي صراع قبلي مما يحدث يوميا في اليمن، لكن اندلاعه في هذا الظرف جعله يأخذ بعدا مناطقيا، وتتسلط عليه الأنظار لتزامنه مع بعض الأحداث.