لانزال أسرى الماضي ولن نفتك منه حتى نعيش حاضرنا ، إن الماضى دوامة تركه العرب المسلمين يسيطر على لحظاتهم الآنية فجرفهم وقتل حاضرهم وشوّه مستقبلهم. إن أردنا حلحلة مشاكلنا فيتوجب علينا تصفير تاريخنا وصراعاتنا المتراكمة لينظر كل منا إلى حاضره ويتعامل مع خصومه بأدوات العصر لا بنصوص قد عفى عليها الدهر وتطاول عليها الزمن. الإنغماس في إصلاح أخطاء الماضي لن يغير واقعنا ولن نجد بذلك المدينة الفاضلة التي يعدونا بها ! قادة الأحزاب والجماعات عالقون بالماضي تائهون في الزمن في محاولة عبثية لإستعادة الموتى ومطاردة الأشباح. يتغنى فريق منهم بالآم من مضوا ، ليمارسوا دور الجلاد في حاضرهم! وفريق آخر يتباهى بإنجازات ما مضى ، حتى يبيع الوهم لتابعيه. أيها السادة الماضي ماضي و تلك أمة قد خلت لايهمنا من أمرها شيء .. احسانها أم إساءتها ، ماضينا يقيدنا بل يقتل أحلامنا في مهدها. التعامل الحقيقي مع الماضي يكمن في إحراق ملفاته. ما يزال الشيعة والسنة يتخاصمون حول ولاية علي ومن أحق بخلافة رسول الله. وهذا نموذج يجعل المطلع يأسف والعدو يشمت وهو يشير إلى توقفنا في مربع الزمن. والسؤال الكبير أي فائدة لنا لو أثبتنا أن عمرا كان متآمرا أو أن حديث الغدير كان صحيحاً. فلم يبق اليوم على ظهر الأرض أموي أو خارجي وإن بقي شيعي يبحث عبثا عن مخاصمة أموي. كما يفعل اليهود بقتال روما وتيطس ولم يبق هادريان وتراجان. يا كاتب التاريخ لن تجد في حاضرنا شيئاً لتخلّده للأجيال! فقد أكثرنا من استرداد الماضي لحاضرنا حتى صرنا تبعاً له فما يحدث اليوم من صراعات هو هامش لتاريخنا نصوبه ونعقب على أحداثه ، لقد انتهت الأجيال إلى الجمود والتبلّد ، وبقينا خارج مجرى التاريخ ، في سبات عميق وتخلّف مستحكم. مجتمعاتنا اليوم متثاقلة إلى الأرض تنتظر المعجزة وخروج القائد المخلّص التي نسجت له من ضعفها وعجزها وفشلها صوراً غيبية أسطورية ، ورسمت لظهوره علامات وأحداث معمدّة بالدّم والصراع طويل المدى .. فلعله المهدي المنتظر !! ولعله عيسى ابن مريم ! وإن كان يبدوا كثيرا ك قرن ديزر ! .