التخبط الحاصل في القرارات المتعلقة بالجانب الاقتصادي من قبل الممسكين بزمام السلطة أو سلطة الأمر الواقع سيقود البلد إلى انهيار اقتصادي وشيك في حال استمر هذا الفشل في إدارة البلاد. الكثير من المحليين الاقتصاديين والمتخصصين انتقدوا قرار تعويم المشتقات النفطية من قبل ما يسمى باللجنة الثورية في يوليو 2015م وكان الانتقاد الموجه حينها أن القرار سيكون له تأثير وخيم على أسعار صرف الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية كالدولار والسعودي وبقية العملات الأجنبية وبالفعل هذا ما حصل فقد ارتفع الدولار حينها ليصل 270 ريال لاتجاه كثير من التجار نحو استيراد المشتقات النفطية وبكميات كبيرة ما تسبب بزيادة الطلب عليه في السوق وارتفاع سعره . وما زال الشعب يدفع فاتورة هذا القرار إلي اليوم فسعر الدولار تخطى حاجز 300 ريال.
إدارة الأزمة بأزمة لن تجدي فإدارة أزمة ارتفاع أسعار العملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بأزمة ارتفاع المشتقات النفطية إفلاس واضح وتخبط يسبق السقوط الحتمي لإدارة البلاد في ظل انعدام أهم مصادر العملة الأجنبية المتمثلة بالصادرات النفطية التي يمكن أن يعول عليها في الحد من ارتفاع الدولار أما الحلول الترقيعية والمصادر الأخرى فهي عبارة عن مسكنات لا تعالج المعضلة الأساسية.
السياسية النقدية والاقتصادية التي تمارس اليوم أشبه بسياسات العصابات والمافيا العالمية وسماسرة الاسواق المالية القائمة على الإشاعات وجني الأرباح والمضاربات،فقد ينخفض الدولار والعملات الأجنبية مقابل الريال اليمني بإشاعة توقيف الشركات النفطية المحلية من استيراد المشتقات النفطية من الخارج لفترة بسيطة وسيتم شراء العملات الأجنبية من الجمهور بالسعر المنخفض بدون بيعها من قبل الصرافين والمضاربين ثم ستصدر الإشاعة الثانية وهي السماح باستيراد المشتقات النفطية وسيؤدي ذلك إلى ارتفاع أسعار الصرف بشكل أعلى مما كانت عليه وحينها سيبدأ جني الأرباح من خلال بيع تلك العملات الأجنبية للجمهور بالسعر العالي ،وهكذا سنظل ندور في فلك الإشاعات والمضاربات وتجار الصفقات الجدد هم من سيستفيد بينما الشعب العظيم سيدفع الثمن.
الأسوأ من ذلك أن أسعار المشتقات النفطية عالمياً بدأت في الارتفاع حيث بلغ سعر برميل النفط قرابة 50 دولار ويتوقع محللين أنه مع نهاية العام الحالي سيشهد ارتفاعات اكبر لأن حجم المعروض النفطي بدأ بالتناقص تدريجياً ،وهذا السعر العالمي الجديد سينعكس بدوره على ارتفاع أسعار المشتقات النفطية المستوردة محلياً في حال استمرار العمل بقرار التعويم الذي كان عبارة عن ضحك على الشعب المغلوب على أمره لفترة بسيطة وهو فترة انخفاض السعر العالمي.ما يعني أن أسعار المشتقات النفطية لن تتراجع إلى ماقبل سعر اليوم إلا إذا تدخلت شركة النفط لإعادة الدعم للمشتقات النفطية وتثبيته كما كان سابقاً وهذا لن يحدث فالشركة ستكون عااااجزة عن توفير الدولار في الخارج لغرض الاستيراد.
فالانهيار وشيك ما لم يوقف المقامرون الحرب والعنف ،والكارثة ستكون كبيرة على البلاد بمختلف المجالات، في ضوء هذا التخبط في السياسة الاقتصادية والنقدية مع توقعات بعدم نجاح مشاورات الكويت التي لن تنجح أصلاً لاعتبارات عديدة منها أن أهداف كل طرف مكشوفة للآخر من المشاورات فسيظل الجميع متمسك بموقفه وكذلك واقع السيطرة فما يزال كل طرف مسيطر على مناطق هامة من الناحية العسكرية أضف إلى ذلك أن الأطراف الدولية والإقليمية التي لها ارتباط بملف اليمن مازالت متباعدة ولم يتغير شيء في معادلة الصراع الإقليمي والدولي في المنطقة. ..........................