صدرت اليوم توجيهات وزارة المالية في صنعاء إلى البنك المركزي.. وما كنا نعتبره مزحة صار حقيقة!! حيث قضت التوجيهات بصرف مرتب شهر أغسطس لقوات الجيش والأمن، مع صرف نصف مرتب شهر سبتمبر لبقية الموظفين العاملين والمتقاعدين. وبما أن الصرف سيتم بصورة تدريجية حسب توجيهات الوزارة، فالصرف في بعض الجهات لن يتم إلا في آخر شهر نوفمبر الحالي، أي بعد أن يكون الموظفين قد استحقوا صرف مرتبات ثلاثة أشهر (سبتمبر - نوفمبر).. وتصوروا بعد ذلك يأتوا ليصرفون لهم بدلا عن الثلاثة المرتبات نصف مرتب!! نصف مرتب سيتم صرفه للموظفين بعد أن صار لهم ثلاثة أشهر عائشين بالدين والسلف من المحلات التجارية وبعض القادرين على التسليف، بحيث تراكمت عليهم الديون، ولن يستطيعون تسديدها إلا بصرف مرتباتهم المتأخرة كاملة. ثم تأتي سلطات الأمر الواقع في صنعاء لتعلن بأنها ستصرف للموظفين في المحافظات التابعة لها (نصف مرتب)!! ولكم أن تتخيلوا كيف سيتصرف الموظف بنصف الراتب المذكور؟! حيث سيهب عليه أصحاب الديون من كل حدب وصوب كل يريد أن يتقاضى ديونه قبل الآخر، مضافا عليه إيجارات المنازل المتراكمة والأقساط المترتبة لمطالب الحياة الأخرى. وفوق كل ذلك يريد أن يعيش من نصف الراتب ذلك مدة من الزمن إلى أن تتذكر الدولة صرف مرتباته المتأخرة، أو ترمي له نصف راتب آخر بعد ثلاثة أشهر عجاف!! لسنا بحاجة للقول بأن من اصدر مثل هذا القرار لا يعاني ما يعانيه الموظفين الجائعين وإلا لما فكر بإصداره أصلا، وذلك يجعلنا نردد في حقهم قول الله سبحانه وتعالى {لَهُمْ قُلُوبٌ لَّا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لَّا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لَّا يَسْمَعُونَ بِهَا}. لا تقولوا لنا بأن الإيرادات لا تكفي لصرف المرتبات المتأخرة كاملة، لأننا سنرد عليكم بما قاله أحد النواب تحت قبة البرلمان في صنعاء، علما بأن أي من المسؤولين في صنعاء لم يكذب مقالته. حيث ذكر النائب عبده بشر بأن إيرادات المحافظات التابعة (للمجلس السياسي) تستطيع تلبية تسليم مرتبات الموظفين لو تم توريدها إلى البنك المركزي في صنعاء.. لكن أي من تلك الإيرادات لاتصل إلى البنك حسب قوله وتذهب لجهات غير معلومة، ومثلها كل التبرعات التي تم جمعها باسم البنك المركزي. وحدد النائب المذكور في حديثه إيرادات مؤسسات النفط والمواصلات ومعها الضرائب والجمارك، وقال بأن ايرادات النفط والمواصلات وحدها تصل إلى خمس وخمسين مليار ريال.. ما يعني أنها وحدها كفيلة بدفع المرتبات في المحافظات التابعة للمجلس السياسي كاملة. ومثلها حكومة بن دغر في عدن التي اتخذت قرارا بنقل البنك المركزي إلى عدن، على أساس أنها ستقوم بصرف مرتبات كل الموظفين اليمنيين وفي جميع المحافظات.. ثم خرج علينا رئيس (الحكومة الشرعية) ليخبرنا بأن حكومته لن تصرف إلا مرتبات الموظفين في المحافظات الخاضعة لها.. وهو ما كان قد حدث بالفعل منذ أواخر شهر سبتمبر، حيث تم صرف مرتبات الموظفين في بعض المحافظات مثل عدن ومارب وغيرها من المحافظات الأخرى التابعة لهادي وحكومته. ورغم أن نفي صدر من مكتب بن دغر ينكر اقتصار صرف حكومته المرتبات لبعض المحافظات ويذكر بأنها ستصرف المرتبات لكل الموظفين اليمنيين، إلا أن الموظفين في المحافظات التي لم تستلم مرتباتها لم يلاحظوا أي خطوات جادة لتنفيذ ما ذكره مكتب بن دغر. خلاصة القول: المسؤولين اليمنيين سواء في سلطة هادي وحكومته أو سلطة الحوثي وصالح أمنوا سبل المعيشة المترفة لكبار أتباعهم، وتوافقوا على تجويع بقية الموظفين ومعهم الشعب المغلوب على أمره الذي ابتلاه الله بهم.. وكل منهم منتظرا للشعب أن يثور في وجه الطرف الآخر.. وليت الشعب يفعل ويثور في وجوههم جميعا ويقتلعهم إلى جهنم وبئس المصير. كلمة أخيرة نوجهها للجميع: خافوا من الله إن كنتم لا تزالون تؤمنون به.. فكلكم ستقفون أمامه في يوم قادم لا محالة {وَقِفُوهُمْ ۖ إِنَّهُم مَّسْئُولُونَ}. وإن كان الإيمان بالله قد نزع من قلوبكم فاستحوا من رعاياكم الذين حملتم مسؤولياتهم وهم ينتظرون منكم حل مشكلة المرتبات (فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته). وإن لم يجدي لا هذا ولا ذاك.. فراقبوا ضمائركم إن كانت لا تزال لكم ضمائر حية.. وإن كنت شخصيا أشك بأن ذلك لا زال متوفرا لأي منكم. أما إن فقدتم كل ذلك فنسأل الله أن يريحنا منكم أجمعين.. وأن يكفينا شركم ومؤامراتكم وتقصيركم في حق شعبكم كيف شاء وبما شاء إنه منتقم جبار.