لكُل منا همومه ، ويشتكى منها سواء مع ربه أو مع نفسه أو مع أصدقائه أو أى أحد قريب منه إلى قلبه ويثق فيه، وكل نفس تبحث عن السعادة جاهدة ، وتجرى وراءها لتريح بها النفس وترضيها ، لكن يختلف منظور السعادة من فرد إلى آخر ، فمنا من يرى السعادة فى المال والسلطة والجاه ، وآخر يراها فى الذرية الصالحة ، وآخر يراها فى حب الناس له ، وآخر يراها فى عيون من يستطيع إسعادهم وقضاء مصالحهم ، أو الاقتراب من حبيب ، أو طلب العلم والدراسة ، ... وما إلى ذلك.
وبالرغم من ذلك أصبحت السعادة كلمة اختلف عليها الأفراد ، والدليل على ذلك فإن كانت السعادة فى المال والسلطة والجاه ، لكان الأغنياء أسعد الناس ، وإن كانت فى الذرية فقط لكان كل من معهم أطفال سعداء، لكن يتفاوت مفهوم السعادة من فرد إلى آخر.
لكن حين نتطرق إلى مفهوم السعادة من وجهة نظر علم النفس نجد إنها هى وصول الفرد إلى درجة كبيرة من الرضا حيث أنها تكمن فى نفس راضية بما قسم الله لها ، ووجود انفعالات وأحداث سارة تحيط بالفرد.
لكن دعنا عزيزى القارئ نتساءل هل السعادة دائمة أم مؤقتة؟ وللإجابة على هذا السؤال دعنا نحدد المدة الزمنية للسعادة ، فعندما يكون مصدر سعادتنا هو تحقيق أهدافنا ورغباتنا ذات المدى البعيد كالحصول على منصب هام مثلاً ، أو المال ، أو الذرية الصالحة ، أو الصحة ، أو الشعور بالنجاح والتميز فى مجاله ، أو حين تراها فى أعين من تقف بجوارهم وتساندهم، فحين ذلك يسعد الفرد ويطمئن قلبه ويشعر دائماً بالسعادة لأنه تم تحقيق مطالب ورغبات الأنا والأنا الأعلى وهو تحقيق الذات.
وعندما تكون السعادة فى الحصول على اللذة ، وهذه اللذة تكون مؤقتة تنتهى بانتهاء الفعل فإنها لا تعتبر سعادة وإنما هى لذة ومثال ذلك شراء فستان ، أو ساعة ، أو موبايل، أو تناول طعام ، أو شراب ، أو ما إلى ذلك.
وأخيراً عزيزى القارئ تكمُن مصادر السعادة فى الرضا والقناعة ، فكم من غنى جافته جفونه ، وكم من ذا سلطة طاردته ظنونه ، وكم من ولىّ أساءت إليه همومه ، فلا تيأس من رحمة الله فقد أفعل ما عليك وانتظر ما قدره الله لك بنفس راضية ستكون أسعد الناس ، وثق بربك دائماً بأنه لا يضيع أجر من أحسن عملاً ، ويكمن مضمون السعادة من خلال قول الله عز وجل فى كتابه العزيز فى سورة هود الآية (108) {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ}.