في أواخر شهر رمضان من كل عام، تتجه كثير من البيوت المصرية إلى شراء كعك وبسكويت عيد الفطر من المحلات مباشرة، أو عن طريق حجزه في الأفران مبكرًا، وما زالت بعض البيوت -وخاصة في الأرياف- تصر على طهوه وصناعته في المنزل. ولا تقتصر هذه العادة على مصر، بل تمتد إلى عدد كبير من البلاد العربية والإسلامية، ويحمل الكعك أسماءً مختلفة، ففي الجزائر "الدزيريات"، وفي العراق "الكليجة"، وفي سوريا ولبنان "المعمول" وغيرها من الأسماء، التي تعبر كل منها عن هوية بلدها وتحمل كل منها قصة. وترجع صناعة الكعك إلى 5 آلاف سنة قبل الميلاد، ففي مقبرة "طيبة" وُجدت رسومات هيروغليفية تدل على صناعة الفراعنة لأشكال عديدة من الكعك احتفالًا بيوم تعامد الشمس في مقبرة خوفو، وخلطوا الدقيق والعسل والسمن واستعملوا التمر والتين للحشو، وكانوا يزينونه بالزبيب والفاكهة. ومع مرور الزمن وحلول العصور الإسلامية، استمرت عادة تقديم الكعك في الأعياد الدينية، وفي عيد الفطر بشكل خاص، وبدأت مع حكم سلالة بني طولون في القرن الثامن ميلادي، وهم أول من وزع الكعك وعليه عبارة "كل واشكر"، التي تحولت فيما بعد إلى اسم نوع من الحلويات المحشوة بالفستق، تمامًا مثلما تحولت عبارة "افطن إليه" التي كان الإخشيديون يكتبونها على الكعك الذي يوزعونه إلى "أنطونلة"، وهو الاسم الذي أطلق على تلك النوعية من الحلوى المحشوة بالدنانير الذهبية، وكانت العبارة لتنبيه من يتناولونه إلى ما تم وضعه داخله. وأولت الدولة الفاطمية كعك العيد الرعاية والاهتمام البالغين، فخصصت له إدارة حكومية سميت باسم "دار الفطرة"، وكانت هذه الإدارة تضطلع بمهمة تجهيز وتوزيع الكعك على الفقراء من عامة المسلمين. وكانت أشهر من صنعت كعك العيد، سيدة تدعى "حافظة"، التي كانت تنقش عليه عبارات مختلفة مثل "تسلم إيديكي يا حافظة، وبالشكر تدوم النعمة". وحاول صلاح الدين الأيوبي التصدي لهذه العادة التي شجعها العثمانيون فيما بعد، لكنها امتدت من المحيط إلى الخليج.