: لا أعلم كيف يجب أن تكون هجائي، وهل هُناك قافية لأسدل عليها جراحي ، حقًا لا أعلم كيف للمرء أن يضع ندباتِ رُوحه في سطور ، ويخفي ألم ينهش فؤاده في نصوص، يصف سوداوية عاشها في حروف ، يُبعثر بها أحزانه حتى لا تُكشف عَورتُه في عزيزٍ عليه قد رحل ! ليكن حُلم يالله ليكن فراقه شيئًا آخر ، الأهم أن لا يكون حقيقًا ، كانت تلك كلماتي عند لحظات دويّ الأجهزة لتعلن أن كل شيئ عاجز أمام أقدار الله ، لا شيئ أمَر عليك من طعم الفقد ، حَدسهُ لا يُطاق تمضي وكأن خدشًا في رُوحكَ ما آن لهُ أن يُجبر ، تمضي بخوف لاذع ، الساعات في عينكَ مخيفة ليست كقبل الفقد بل حتى الدقائق تُخيفك ، يبدو عليكَ القلق الخوف والهلع ، تبدوا بملامح مُختلفة كُل هذه آثار الحرب في الفقد . لأنك تخاف .. تخاف أن يتكرر المشهد، تتكرر الفاجعة ، تخاف أن تتكرر قُبلة الجبين الحارة المريرة التي وضعتها على فقيدك في أخر لقاء بينكم، تخاف حتى النوم لأنه يحمل بين طياته ذكرياتٍ مُؤلمة ، تخاف حتى أن تتذكر وكأنك تخادع نفسك ثم تصمت قليلاً ، وتمضي السنين وتجد نفسك تنتظر أن يُطرق الباب عليكَ لعل فلان قد عاد! نَعيش على صبابة الأمل ، نظن أننا نسينا ثُم نلبث بضعة أيام فنجد أن الفقد اهرم شبابنا ، الموت يجعلك تَبلغ الستين في سن التاسعة عشر، الموت يجعلك تشيب في وهلة الشباب ، الموت يجعلك قويًا لا شبيه لك ، باختصار الموت يجعلك شخصًا آخر .. نظل متشبثين بتلك الروح التي غادرتنا ، نظل نحكي لها ونبكي نشكي لها ونروي ، لا أظن أن الأموات يرحلون منا بل يزدادون قُربًا ، يزدادون سكنًا بِنَا في أدق التفاصيل .. العزاء ثلاثة أيام للغرباء أما نّحنُ فعزائنا فيهم طوال العُمر ، عزائنا بهم لا يتوقف ، اللَّهُم جبرًا وسلوانًا وصبرًا .. Twitter :meemli5