موسكو: نهاية النزاع في أوكرانيا باتت قريبة    أسعار خيالية لتذاكر أول مباراة لبرشلونة بملعب كامب نو الجديد    خطوة تاريخية للأسطورة.. رونالدو في البيت الأبيض    حكومة الخونة تواجه أسوأ أزمة مالية    العراق.. خامس آسيوي يقاتل في الملحق العالمي    بعد 28 عاما.. النمسا تعود إلى كأس العالم    سباعية تزف بلجيكا إلى كأس العالم    عملية نوعية في مركز القلب العسكري    ترامب يصنّف السعودية حليفاً رئيسياً من خارج الناتو خلال زيارة بن سلمان لواشنطن    حضرموت تستعيد قرار الحلف.. تحرك لإزاحة بن حبريش وإنهاء نفوذه    عين الوطن الساهرة (4): مَن يشتري "الذمة الوطنية"؟.. معركة المال الأسود والغزو الثقافي    مطالب جنوبية بتعليق العمل السياسي فورًا والعودة فرض قبضة أمنية كاملة    عن الجبهة الوطنية الجنوبية العريضة    صهاينة العرب الى اين؟!    تفاصيل اجتماع رونالدو مع الرئيس ترامب    13 قتيلاً وعشرات الإصابات في غارة إسرائيلية على مخيم عين الحلوة جنوب لبنان    رابطة "معونه" لحقوق الإنسان والهجرة الامريكية توقع اتفاقية مع الشبكة اليمنية    الكاتب والصحفي والناشط الحقوقي الاستاذ محمد صادق العديني    قراءة تحليلية لنص"البحث عن مكان أنام فيه" ل"أحمد سيف حاشد"    إلى عقلاء سلطة صنعاء…    التأمل.. قراءة اللامرئي واقتراب من المعنى    الفريق السامعي يجدد الدعوة لإطلاق مصالحة وطنية شاملة ويحذّر من مؤامرات تستهدف اليمن    المنتخب الوطني يفوز على نظيره البوتاني بسبعة أهداف مقابل هدف في تصفيات كأس آسيا    التحريض الأمريكي ضد الإعلام اليمني.. من الاستهداف التقني إلى الاستهداف العسكري    تحرير يمنيين احتجزتهم عصابة في كمبوديا    العراق يتأهل الى ملحق المونديال العالمي عقب تخطي منتخب الامارات    الرباعية الدولية تهدد بعقوبات ضد المحافظين الرافضين توريد الأموال    الشرطة العسكرية الجنوبية تضبط متهمًا بجريمة قتل في خور عميرة    الأسهم الأوروبية تتراجع إلى أدنى مستوى لها في أسبوع    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يلتقي المواطنين في اليوم المفتوح    إجماع جنوبي داخل مجلس القيادة بشأن مصير حضرموت    وفاة واصابة 14 شخصا بانقلاب حافلة ركاب في تعز    عودة غربان الظلام إلى عدن لإلتهام الوديعة السعودية    جمعية حماية المستهلك تُكرّم وزير الاتصالات وتقنية المعلومات    رئيس مجلس النواب: اليمن يمتلك ما يكفي لمواجهة كافة المؤامرات والتحديات    الإعلان عن الفائزين بجوائز فلسطين للكتاب لعام 2025    ثالث يوم قتل في إب.. العثور على جثة شاب في منطقة جبلية شرق المدينة    فريق أثري بولندي يكتشف موقع أثري جديد في الكويت    الحاكم الفعلي لليمن    المتأهلين إلى كأس العالم 2026 حتى اليوم    مركز أبحاث الدم يحذر من كارثة    قراءة تحليلية لنص "عدول عن الانتحار" ل"أحمد سيف حاشد"    المقالح: بعض المؤمنين في صنعاء لم يستوعبوا بعد تغيّر السياسة الإيرانية تجاه محيطها العربي    إضراب شامل لتجار الملابس في صنعاء    وزارة الشؤون الاجتماعية تدشّن الخطة الوطنية لحماية الطفل 2026–2029    جبايات حوثية جديدة تشعل موجة غلاء واسعة في مناطق سيطرة مليشيا الحوثي    إحصائية: الدفتيريا تنتشر في اليمن والوفيات تصل إلى 30 حالة    نوهت بالإنجازات النوعية للأجهزة الأمنية... رئاسة مجلس الشورى تناقش المواضيع ذات الصلة بنشاط اللجان الدائمة    مدير المركز الوطني لنقل الدم وأبحاثه ل " 26 سبتمبر " : التداعيات التي فرضها العدوان أثرت بشكل مباشر على خدمات المركز    الدكتور بشير بادة ل " 26 سبتمبر ": الاستخدام الخاطئ للمضاد الحيوي يُضعف المناعة ويسبب مقاومة بكتيرية    قطرات ندية في جوهرية مدارس الكوثر القرآنية    نجوم الإرهاب في زمن الإعلام الرمادي    الأمير الذي يقود بصمت... ويقاتل بعظمة    تسجيل 22 وفاة و380 إصابة بالدفتيريا منذ بداية العام 2025    وزارة الأوقاف تعلن عن تفعيل المنصة الالكترونية لخدمة الحجاج    المقالح: من يحكم باسم الله لا يولي الشعب أي اعتبار    الإمام الشيخ محمد الغزالي: "الإسلام دين نظيف في أمه وسخة"    قيمة الجواسيس والعملاء وعقوبتهم في قوانين الأرض والسماء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محنة اليسار العربي.. الزعيم اليمني "علي ناصر محمد" الناجي الأخير!
نشر في المشهد اليمني يوم 30 - 08 - 2021

تأخذك سياقات البحث في تاريخ الرئيس الأسبق لجنوب اليمن (علي ناصر محمد) إلى محطات حاسمة في سيرة الرجل ميَّزت بقوةٍ أدوارَه في الثورةِ ، والحكمِ ، وخارج السلطة ، بالإيجاب عند البعض وبالسلب الشديد عند البعض الآخر .
في الثورة
من الزاوية التي نظرت عبرها إلى (علي ناصر) فإن ما يعنيني هنا هو شخص هذا الرئيس الحي ، الناجي الأخير من بين زعماء كبار ، إخوة عقيدة ، ورفاق سلاح ، قضوا جسدياً أو انتهوا سياسياً ، لكنه قد لا يكون الناجي الوحيد من (محكمة التاريخ) من بين أولئك الرجال اللذين أنجبتهم تلك التجربة ودفعوا حيواتهم ثمناً لذلك ، سواء خلال معارك (حرب التحرير) ضد الاستعمار البريطاني لجنوب اليمن ، أو بعد جلاء الاحتلال ، أو حقبة النظام الاشتراكي الوحيد الذي حكم شطراً من بلد عربي مهمٍ كاليمن.
إتسمت تلك التجربة برومانسية ثورية نادرة المثال قادها شباب أنقياء حالمون كان في مقدمتهم سالم ربيع علي (الزعيم الشعبوي الأكثر جاذبية) وعبدالفتاح إسماعيل (المثقف النخبوي الأشد تأثيراً في الطلائع المتعلمة في جنوب وشمال البلاد) وعلي ناصر محمد (المحارب الشجاع والجسور) الباقي على قيد الحياة!
بين الثائر والسياسي مساحة اختلاف لا يمكن لأحدٍ الإنتقال عبرها إلى الآخر بسهولة .. لا الثائر يليق به مغادرة مكانه إلى غيره ، أو يصلح لأن يتحول بعد الثورة إلى رجل دولةٍ سياسي ، ولا السياسي يمكنه بعد خسارته السلطة أن يعود إلى معارض ثائر حاملٍ للسلاح بدعوى استعادة الشرعية .. المساحة المتاحة للأول هي الاعتزال إن لم يمت في ميادين ما آمن به من قيم ، وللأخير إذا أمن من المحاسبة والمساءلة هي ترك مقعد المعارض والذهاب إلى سنوات من المراجعة في أحسن حال ، وللتنظير وكتابة المذكرات إن كان ميراثه من الأخطاء يسمح بذلك.
غير أن (أبو جمال) حاول أن يفعل شيئاً مغايراً لا تنطبق عليه تلك المعايير ، بل نجح أحياناً في كسرها ولم يفلح في أحيان أخرى .. البعض قَبِل هذا والبعض الآخر لم يستطع القبول به رضوخاً على ما يبدو لمعنى المثل القائل "فضائل الناس تُكتب على الماء وعيوبهم تُحْفَر على النحاس".
دروس واستنتاجات
علمتني سنوات حياتي المهنية الممتدة لأكثر من خمسة وأربعين عاماً أنه لا يوجد سياسي لا يكذب ، لكن السياسي الجيَّد هو من احتاط لنفسه ببعض المبررات ليجعل من كذبه أقل ضرراً عليه وعلى الآخرين من بعده.
ولا يوجد صحفي وأنا كذلك من لم يتعرض للتضليل ، غير أن قناعتي هي أن الصحفي الذي يجبن لا يمكنه أن ينجز قصصاً جيدةً .
ذلك ما أعتقدت أنني توصلت إليه من علاقة طويلةٍ ربطتني بالرجل ، ساد الحذر الشديد المتبادل أغلب سنواتها الثلاثين الماضية ، لكنني مع ذلك قررت الكتابة عن علي ناصر محمد .
تعود بداية هذه العلاقة من جانبي إلى ذلك اليوم الذي صافحته فيه لأول مرة عند زيارته لمبنى تليفزيون صنعاء أوائل ثمانينيات القرن الماضي ، فقد شدَّتني طريقة تعامله الخاطف والمؤثر إلى البحث في سيرته كمقاتل ورجل مقاومة وحرب تحرير ، واستمر ذلك إلى أن التقيته مرة أخرى في صنعاء التي جاء اليها قادماً من إثيوبيا ، بعد هزيمته عقب أسوأ دورة عنف عرفتها عدن ، كانت كما يصفها البعض بمثابة النهاية ل "جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية" التي كان ناصر واحداً من بين ثلاثة أرسوا مداميكها ، قبل أن يُتهم بهدمها ، وبإهالة التراب عليها.
كتب كثير من اليساريين العرب عن هذه التجربة بعد أن عاش بعضهم عن قرب في عدن مخاضات أخرى لترسيخ وتأصيل هذه التجربة بعد ولادة الحلم (الإشتراكي) الناجز اليساري الوحيد والأهم حينذاك في العالم العربي .. فعل هؤلاء اليساريون اللبنانيون والفلسطينيون والعراقيون وآخرون غيرهم ما بوسعهم لجعل هذا الحلم أقرب إلى أن يكون واقعاً ، لكن هذه المحاولة كانت صعبة في مجتمع تبيَّن أنه رغم كل ذلك كان لا يزال شديد الانقسام قبلياً ومناطقياً.
أحد أهم من واكبوا هذه التجربة في جنوب البلاد وامتداداتها في شمالها كان المؤرخ اللبناني ذو الخلفية اليسارية فواز طرابلسي.
عندما سألته عن رأيه في أس الخلاف بين القادة الثلاثة ناصر وعبدالفتاح وسالمين كان رأسه كما يلي:
"فكرة حكم الترويكا هي افضل ما عرفه جنوب اليمن من قياة متكاملة: مرشد، رجل مبادرة وقائد شعب ورجل دولة. وقع الخلاف حول طريقة الخروج من الحاجة: فتاح راهن على السوفييت، سالمين، بعد ان خذله الصينيون، حلم بأن يتكل على مساعدة مالية سعودية، ثم اختلفا على موضوع الحزب. لم اكن اتوقع انما كنت على صلة بالخلافات وبتحريض فتاح ان يحسم السلطة لشخصه على غرار ما فعل (ليونيد) بريجنيف. اعتقد ان اعدام سالمين تم لأن الباقين كانوا يخافون انهم اذا نفوه فسوف يظل يزعجهم داخليا بسبب شعبيته الواسعة.
لا يمكن تصوّر 13 يناير دون انفراد علي ناصر بالسلطة وتجميع المناصب الثلاثة في شخصه وسعيه لتصفية المرشحين لتسلّم مسؤوليات قيادية: (محمد صالح ) مطيع، محمود عشيش، عبد العزيز عبد الولي، محمد سعيد عبدالله (محسن) ".
ربما منحت سنوات النجاة من كل المعتركات التي سلِمَ منها علي ناصر الفرصة له لمحاولة تجاوز ما لا يمكن تجاوزه من أسرار تلك المراحل والمحطات في حياته ، لم يعد بعضها سراً ، لكنها ظلت محطات أثارت معها الكثير من الفضول للبحث في خفاياها.
يتمتع علي ناصر بذاكرة خرافية لاختزان ما يريد الاحتفاظ به ، حين يحدثك عن أدق التفاصيل بشأن ما جرى بينه وقادة اشتراكيين كبار في الكتلة الاشتراكية وغيرهم ، وبموهبة خارقة في النسيان أو التجاهل لما لا يريد لذاكرته أن تستعيده.
يغمرك علي ناصر ببحرٍ من تفاصيل أخرى لما تعرفه ومالا تعرفه ، لكنه لا يتحدث عن (أي شيئ) عندما يتحدث عن (كل شيئ) فكل ما يهمه في العادة أن ينتهي حديثه معك كباحث أو صحفي بنوعٍ من الود الخاص ، وبأن تكتفي بجلسةٍ أخوية وصور تذكارية خلاصتها قبضة من هواء أو نفحة من ريح!
خسارة "ناصر" للسلطة
جاء ناصر إلى صنعاء بعد أسابيع من كارثة وطنية في 13 يناير / كانون الثاني 1986 كتب تفاصيلها المنتصرون عليه في انقسام الحزب الاشتراكي الحاكم في جنوب البلاد على نفسه وذلك في انفجار مدوٍ ترك وراءه آلاف القتلى وعشرات الألوف من الجرحى والمعاقين والمفقودين حتى اليوم.
قبل أن يحضر ناصر إلى صنعاء كنت سمعت الرئيس الراحل علي عبدالله صالح يقول إن علينا أن نستعد في تليفزيون صنعاء لإذاعة (نداءٍ تاريخي للإخوة في عدن) لكنه برر هذا قبل ذلك بقوله في اتصال هاتفي مع إدارة التليفزيون إن "الجماعة بينتدفوا" وهي عبارة تفوح بالشماتة في لهجة صنعاء من خصومه في عدن.
كان محزناً أن يقال ذلك ، لكنه كان حقيقة ما يحدث بين رفاق الأمس اللذين يقتتلون بأكثر أسلحة قوات جيشهم البحرية والبحرية والبرية فتكاً ، وما فهمته حينذاك أن صالح المهزوم في أول حروبه معهم عام 1979 كان يتشفى وليس بالضرورة ضالعاً في ما حدث.
في مقيل الرئيس ناصر في مقر إقامته بمنزل جنوب غرب القصر الجمهوري بصنعاء استمعت منه مراراً كغيري إلى روايات مؤلمة حول ما يمكن اعتباره ثقافة الكراهية المتبادلة بين الثوار اللذين انقسموا على تجربتين للعمل الوطني في شمال وجنوب البلاد بعد ثورتي سبتمبر/أيلول في الشمال 1962 وأكتوبر/تشرين الثاني في الجنوب 1963 حتى التناحر داخل كل شطر.
لم أطلع على مذكرات ناصر كاملة ، ولا على ملخصها تماماً الذي أرسله إليَّ ويقع في نحو خمسمائة وستين صفحة ، لكن تكرار الحديث والمراسلات وعلاقة الحوار معه كانت كافية لإقناعي بما يعتقد كثيرون غيري ليس فقط بأنه زعيم مثقف ، ولكن أيضا بأنه أشبه ب "كتاب مغلق" يتعذر أن يجدي معه طول أو تكرار قراءته في فهم عميق لسيكولوجية الرجل.
محطتان مهمتان
رغم تنوع وثراء تجربة أبي جمال إلاّ أنه لا يمكن تجاوز مسألتين .. أولهما ، إرتباط بداية ونهاية تجربته في الثورة والحكم برفيقيه سالمين وفتاح ، وثانيهما طبيعة دوره في كارثة 13 يناير 1986 ، وفي كلا المسألتين يتعذر القبول ب (كل) ما تحدث بشأنهما ، أو تصديق (بعض) ما ساقه الأخرون من مزاعم ضده حيالهما.
بالمصادفة وجدت بين يدي عشرات من أشرطة الفيديو التي تضمنت تسجيلات لما أذاعه (تليفزيون عدن) للمحاكمات التي أجراها الطرف المنتصر لخصومه .. أمضيت سنوات في ليل صنعاء أستعرض روايات واعترافات وادعاءات ومزاعم لم استطع تصديق أغلبها إذ كانت مجرد محاكمات سياسية لأنصار من الطرف المهزوم ، لكنني لم أستطع تجاوز بعضها خصوصاً لأفراد لعبوا أدوراً مباشرة في القتال.
خلصت بعد ذلك إلى أن ماجرى يجب أن يكون له محققوه وشهوده ورواته الأجدر باستنتاج حقائق المقدمات وكارثية النتائج التي أفضت إليها تلكم المأساة.
في مخيلتي كطالبٍ في عشرينيات عمره أرتسمت للثلاثي الثائر ناصر ، فتاح وسالمين صورة (اسطورية) .. ثلاثة لا يمكن معها فصل أحد عن رفيقيه ، كانت تلك الصورة تتجاوز في رمزيتها بالنسبة لي العلاقة الكفاحية الاستثائية بين بطلي أمريكا اللاتينية الكوبي فيدل كاسترو والارجنتيني جيفارا.
لكن بقدر ما كان الكثير من مثقفي شمال اليمن يفخرون برفقة هؤلاء القادة الثلاثة ويناكفون بتجربتهم رخاوة السلطة في الشمال بقدر ما كان الخوف عليهم منهم أكثر مما هو عليهم من غيرهم.
لا أدري لماذا كنت أتوقع أن السلطة كفيلة بإفساد تلك العلاقة بين ثلاثتهم ، وأنه عندما يتفق إثنان منهم على ثالثهم سينتهي الأمر باقترافهما ، ولعل ذلك ما حدث بالفعل.
بداية الإفتراق
لابد من إحراق المراحل عند سرد الأسباب التي أدت إلى تقاطع الرؤى التي أدت إلى اختلاف واقتتال الثوار الثلاثة.. أهم تلك الأسباب كانت السلطة ، ثم العوامل الجهوية والقبلية الداخلية والتأثيرات الخارجية التي وقع في فتنتها كل منهم.
بعد الثورة وعقب الوصول إلى السلطة إتضح أن لكل من القادة الثلاثة مفهومه الخاص لإدارة الدولة ولأسلوب هذه الإدارة ، وعند هذه النقطة بدأ التباين ، ثم التنافس ، وتلاهما الوقوع في دوائر الاستقطاب الداخلي والخارجي.
شعبوية سالمين
مع أن الموقف من الوحدة بين جنوب وشمال البلاد كان أساس مشروعية نظاميهما ، لكن العمل من أجلها كان موضع خلاف في السياسة والآلية بشأنها.
زاد من إيمان (سالمين) بحتمية الوحدة علاقته الخاصة برفيقيه في حركة القوميين العرب ، الرئيس اليمني المغدور إبراهيم الحمدي وأخيه عبدالله اللذين وفرا له الحماية خلال مطاردته من قبل سلطات الاحتلال البريطاني في الجنوب ، وبعد مقتل الأخوين الحمدي جرى اتهام سالمين بالتورط في الثأر لهما عبر اغتيال المتهم بقتلهما الرئيس الشمالي الأسبق أحمد الغشمي ، وذلك ما أدى إلى تصفيته جسدياً بحجة الاضرار بعلاقات شطري البلاد ، وهو ما قاد لاحقاً إلى اندلاع الحرب بينهما على هذه الخلفية عام 1979.
خاتمة
يظل أكثر ما يميز (علي ناصر محمد) أنه لم يتخلف عن خوض حرب ، سواء إفترض مشروعيتها أو فرضت عليه ، ولم ينكر الإقرار بمسؤوليته عن دوره في فشل محاولات بناء الدولة ، ولم يمُنَّ بفضله في ذلك ، لم يهرب من أي أزمة ، كما لم يعد كأي انتهازي ليركب موجة العودة إلى السلطة ، بل لا يزال يحاول البقاء عند منتصف المسافة بين كل فرقاء الصراع الدائر في بلاده!
ما أثق به تماماً هو أن علي ناصر بكل أخطائه وخطاياه لا بزال هو علي ناصر وكأنه لا يزال ذلك الممسك بالبندقية ، عينٌ له على اليمن ، وعينٌ أخرى له على إستقلال اليمن وسيادته وكرامته ، تكمن في الحفاظ على وحدته كبلد ، وعلى تعايش أبنائه بأي صيغة يتوافقون عليها!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.