الكثيري يؤكد اهتمام القيادة السياسية بالأوضاع في محافظة أبين    مجلس القيادة يناقش مستجدات الأوضاع الوطنية ويحث على تعظيم مكاسب الإصلاحات وتضييق الخناق على المليشيات    مناقشة المشروع النهائي لخطة أولويات وزارة العدل وحقوق الانسان والمحاكم للعام 1447ه    أزمة الكهرباء عنوانًا لمعاناة الناس المعيشية والخدمية    مديريات حجة تشهد مسيرات وفاءً لدماء الشهداء وتأكيداً على الجهوزية    تجاوزات عمر عصر تهز سمعة بطل مصر في تنس الطاولة    بدء منافسات البطولة التأسيسية الأولى للدارتس المفتوحة بعدن    رئيس الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان يبحث مع المنسق العام لهيئة التنسيق للمنظمات اليمنية سُبل تعزيز حقوق الطفل وآليات التعاون المشترك    انكماش قياسي للصناعة الإيطالية وركود هو الأطول منذ ربع قرن    صدور قرار الاتحاد بتشكيل الجهاز الفني والإداري للمنتخب الأولمبي    صنعاء.. البنك المركزي يوقف التعامل مع منشأة صرافة    مستشفى الثورة بإب يرفض استقبال مريض بحالة حرجة وعنصر حوثي يعتدي على نجل مريض آخر    انعقاد المؤتمر العلمي الثالث للرعاية التنفسية بصنعاء    ترامب يقر رسوم 10% اضافية على كندا    ايران تطور إسفنجة نانوية مبتكرة لجراحات الأسنان    فعالية بالذكرى السنوية للشهيد بمديرية التحيتا بالحديدة    الأرصاد ينبه من الأجواء الباردة والباردة نسبياً على المرتفعات    الرئيس الزُبيدي يعزي في وفاة الفريق الركن علي قائد صالح    مصر تتسلم من روسيا وعاء ضغط المفاعل النووي الأول بمحطة الضبعة    عدن في ظلام الفساد: سرقة وقود الكهرباء تُجوع المدينة وتسرق نوم أبنائها    تايلاند وكمبوديا توقعان إعلانا لتسوية النزاع بحضور ترامب    ارتفاع تكاليف الشحن إلى ميناء عدن يفاقم الأزمة الاقتصادية    برشلونة مثقل بالغيابات.. وهجوم الريال كامل العدد في الكلاسيكو اليوم    الشعب اليمني بات جاهزا للمعركة وانتزاع حقوقه بالقوة    #حتى_عري    من حقق الأهداف ومن المنتصر في حرب غزة؟..تقييم المنتصر عسكريًا واستراتيجيًا    مخطط منسق لاستهداف الجنوب من المهرة إلى باب المندب    بن حبريش بين أوهام الزعامة واستعراض خريجي الشرطة    استنزاف القوات الجنوبية في أبين مدعوم من قوى سياسية وإرهاب منظّم    صنعاء.. الافراج عن فنانة يمنية بعد خمس سنوات من السجن    الصحة العالمية تعلن عن ضحايا جدد لفيروس شلل الاطفال وتؤكد انه يشكل تهديدا حقيقيا في اليمن    قراءة تحليلية لنص "سيل حميد" ل"أحمد سيف حاشد"    نزيف رياضي في إب.. مغادرة جماعية للاعبين إلى السعودية هربًا من الفقر    الدوري الالماني: دورتموند يخطف الفوز من كولن    مدارس القزعة بالشعيب تحتفي بأوائل الطلاب في حفل تكريمي    عدن تئن تحت الظلام والجوع.. وعود الحكومة لا تضيء المصابيح    الرئيس الزُبيدي يُعزّي في وفاة المناضل الأكتوبري عبدالرب طاهر الخيلي    برشلونة في ورطة الكلاسيكو: غياب المدرب يُضاف لخسارة رافينيا    عدن: بين سل الفساد ومناطقية الجرب    الأوقاف تحدد 30 رجب أخر موعد للتسجيل في موسم الحج للعام 1447ه    سجن "الأسد" وظلال "شريان": جدلية السلطة والقيمة في متاهة الاعتقال    ضباط أمريكيون يشرفون على عمليات إسرائيل في لبنان    روسيا تتحدى الحظر الغربي وتصدر الحبوب إلى مناطق سلطة صنعاء    معظمها في مناطق المليشيا.. الصحة العالمية تسجل 29 إصابة بشلل الأطفال منذ بداية العام    الخائن معمر الإرياني يختلس 500 مليون ريال شهرياً    17 عام على كارثة سيول حضرموت أكتوبر 2008م    الهلال يحسم كلاسيكو اتحاد جدة ويواصل الزحف نحو القمة    قراءة تحليلية لنص "أمِّي تشكِّلُ وجدانَنَا الأول" ل"أحمد سيف حاشد"    فلاحين بسطاء في سجون الحقد الأعمى    من عدن كانت البداية.. وهكذا كانت قصة الحب الأول    الآن حصحص الحق    نقيب الصحفيين والإعلاميين الجنوبيين : النقابة جاهزة لتقديم كل طاقاتها لحماية عدن وبيئتها    عهد تحلم ب«نوماس» نجمة ميشلان    احباط تهريب آثار يمنية عبر رحلة اممية بمطار صنعاء    الأحرار يقفون على أرضية مشتركة    المجلس الاستشاري الأسري يقيم ندوة توعوية حول الصحة النفسية في اليمن    صوت من قلب الوجع: صرخة ابن المظلوم إلى عمّه القاضي    (نص + فيديو) كلمة قائد الثورة في استشهاد القائد الفريق "الغماري"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تجار السلام في اليمن، أمراء الحرب الناعمين

عادة ما تفرز الحرب تجار حروب يستفيدون من استمرارها؛ إلا أن حرب اليمن أنتجت تجار آخرون، يمكن تسميتهم بتجار السلام. فمن هم تجار السلام في اليمن؟ وما هي مواصفاتهم؟ ومن أين تأتي مواردهم؟
منذ اندلاع الأزمة أو الثورة في اليمن عام 2011؛ خصصت الكثير من الدول وبالذات الدول الأوروبية، ميزانيات لمساعدة اليمنيين على حل خلافاتهم. وقد تضاعفت قيمة هذه الميزانيات بعد اندلاع الحرب في 2015 من أجل إحلال السلام في اليمن.
من حيث الشكل؛ دوافع وأهداف هذه الميزانيات نبيلة في الغالب، كما أن الكثير ممن يبادرون لإيجاد ميزانيات السلام في الدول المانحة، يتسمون بحس إنساني عالي، ومسؤولية أخلاقية لا غبار عليها. إلا أن رصد ومتابعة وسائل وآليات استخدام معظم تلك الميزانيات، وكذلك مخرجاتها، يكشف عن عدم جدواها، والأسوأ من ذلك مساهمة "برامج السلام" في استمرار الحرب بشكل أو آخر. إضافة إلى استحواذ حفنة متربحين من اليمنيين والأجانب لتلك الميزانيات، والذي يمكن أن نطلق عليهم بتجار السلام.
تبدأ قصة تجارة السلام، بعمل لوبيات من قبل المنظمات الناشطة في مجال "السلام" في الدول المانحة، داخل حكوماتها ومجالسها التشريعية لتخصيص مبالغ لإنهاء "الحرب الكارثية في اليمن" وتحقيق السلام. وفي الغالب يتم اقتطاع نسبة من المساعدات الإنسانية الموجهة لليمن لبرامج السلام. والحجة القوية التي تُطرح من قبل تجار السلام في تلك الدول تتمثل في القول بأن برامج المساعدات الإنسانية تعالج أعراض المشكلة بينما الأموال الممنوحة لبرامج السلام تنهي المشكلة الأصلية وتمنع تكرارها.
وبعد أن تُقر ميزانيات السلام وتُسلم لتجار السلام في تلك الدول، والذي يمكن تسميتهم بالمقاول الأصلي، يتم التواصل مع تجار سلام يمنيين، يقومون بدور المقاول من الباطن تحت أسم شريك محلي. وفي العادة هناك تجار سلام ومقاولون محليين شطار في التعامل مع المقاولين الخواجات، واصبحوا بالفعل شركاء دائمين في هذه التجارة.
وأهم مواصفات تجار السلام المحليين إجادة اللغة الإنجليزية، ومهارات تواصل عالية مع المقاولين الخواجات، ودبلوماسيي دولهم، والمنظمات الدولية، وبالذات مكتب المبعوث الدولي، والذي يمتلك ميزانية ضخمة لبرامج السلام.
إضافة إلى تلك المهارات؛ على تجار السلام اليمنيين أن يتحلوا بحصافة خاصة، ومن ذلك اتخاذ مواقف رمادية تجاه أطراف الحرب، ومخاطبتهم بالصفات التي يطلقونها على أنفسهم. فإن كنت تاجر سلام فعليك أن تقول "أنصار الله" وليس الحوثيون، وعليك أن تقول المجلس الانتقال ولا تقول الانفصاليون. وأما إن كنت من هذه الأطراف فإن لديك الأولوية لتكون شريك (مقاول محلي) دائم.
المقاولون الخواجات وكذلك الدبلوماسيين ومكتب المبعوث الأممي والمنظمات الدولية لديهم تعاطف مسبق مع الحوثيين، والانفصاليين، منذ أن أصبحت اليمن في عهدتهم من بعد 2011؛ فوفقا لهؤلاء فإن الحوثيين والانفصاليين هم أقليات مضطهدة ينبغي دعمهم وتقوية مراكزهم. وقد أثمر هذا التعاطف ولا زال، في تفكيك اليمن وتقسيمه.
منذ إندلاع الحرب في مارس 2015 أُنفقت عشرات الملايين ل "برامج السلام" في اليمن، وقد استحوذ المقاولون الخواجات على معظم تلك الأموال، وحصل المقاولون المحليون على جزء منها. وكانت مخرجات تلك البرامج مئات من ورش العمل التي يُكرر فيها ترديد نفس الكلام بصيغ مختلفة، ومن قبل نفس الأشخاص تقريبا. وإذا ما تم تفريغ مخرجات تلك الورش في أوراق لبلغ وزنها عدة أطنان من الكلام الفارغ والمكرر. في المقابل لم تغير "برامج السلام" من طبيعة الحرب أو تحقق أي اختراق يذكر في أي قضية تبنتها. أما السلام الموعود فيستحيل أن يتحقق على أيديهم، لسبب بسيط يتعلق بالكتالوج الذي يسيرون عليه في تشخيصهم للمشكلة اليمنية وحلها.
فأفكار الكثير من تجار السلام الحاليين، حين منحوا الفرصة ليخططوا لليمن من بعد 2011، تحت أسم الناشطين، هي من ساهمت في انهيار الدولة والحرب. وخلاصة تلك الأفكار تمت ترجمتها في مؤتمر موفمبيك، والذي يسمى زورا مؤتمر الحوار اليمني. ومن تلك الأفكار تفكيك الجمهورية اليمنية وإعادة تركيبها فيما يخدم المشروع الانفصالي، والمشاريع المناطقية، والطائفية.
ولذلك فقد كانت الحركة الحوثية جزءا من تلك الأفكار، وأصبحت المستفيد الأول من مخرجاتها. وقبل الحرب كانت الحركة الحوثية بمثابة الذراع الخشن لأصحاب تلك الأفكار. وعليه، تم دعم الحركة الحوثية من قبل أغلب الناشطين حينها (تجار السلام لاحقا) حيث شكلوا ما يشبه الطابور الخامس والقوة الناعمة للحوثيين حتى اوصلوهم إلى صنعاء.
ورغم أن بعض تجار السلام اختلفوا مع الحوثيين بعد الحرب من الناحية الشكلية، إلا أنهم عمليا يخدمون الحوثيين لإصرارهم على أن يبقوا جزء من التركيبة السياسية لليمن، ومنحهم حق التمثيل للمناطق العليا من اليمن الشمالي سابقا. إلى جانب ذلك؛ يتخذ أغلب تجار السلام مؤقف الداعم أو المتعاطف مع المشروع الانفصالي في الجنوب.
ووفقا لذلك؛ فكل تجار السلام، تقريبا، لا يتجرأون التصريح علنا وفي ورش العمل، بأن الحركة الحوثية حركة دموية عنصرية، يجب هزيمتها وحظرها كما حُظرت النازية. كما أنهم لا يتجرأون أيضا في رفض المشروع الانفصالي. ولهذا فكل صيغ الحل التي يطرحها تجار السلام تتضمن اعتبار الحوثيين والانفصاليين أعمدة أساسية في مستقبل التسوية في اليمن. ولكون الأمر على هذا النحو؛ فإن السلام لن يتحقق في اليمن؛ فالسلام في اليمن لن يتحقق إلا بدولة مركزية قوية تقضي على الحركة العنصرية الحوثية والحركة الانفصالية، وكل الحركات الجهوية التي ساهم مؤتمر موفمبيك في تصعيدها.
والدولة المركزية أصبحت من بعد 2011 شر مستطير وشيطان رجيم، ساهم أغلب تجار السلام الحاليين في شيطنتها، ولا زالت حل مرفوض في ورش عمل تجار السلام. فتجار السلام وداعميهم يرفضون الاستماع إلى أي أفكار تُشخص المشكلة اليمنية، خارج التشخيصات والحلول النمطية التي يروجون لها. ومن ذلك؛ الترويج لصيغة حكم عجيبة، خرج بها مؤتمر موفمبيك، تقوم على محاصصات جهوية وطائفية وجندرية وعمرية، وغيرها.
تجار السلام يساهمون بشكل مباشر أو غير مباشر في استمرار الحرب، والتي يتربحون من بقائها، وهم بذلك ليسوا بأكثر من أمراء حرب ناعمين متنكرين بملابس أنيقة ورطانة لغوية و إقامات فاخرة في فنادق الخمس نجوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.