ترتبط موجة الانخفاض الكبير – وغير المتوقع- في أسعار النفط التي يشهدها العالم حاليًا بفريق من الرابحين وآخر من الخاسرين عربيًّا ودوليًّا، وتشمل فئة الرابحين بالطبع تلك الدول المستوردة والكثيفة الاستهلاك للنفط، حيث ستستفيد هذه الدول بتوفير أكثر من 35% من قيمة الأموال التي كانت تنفقها من موازناتها العامة في شراء المشتقات النفطية، بينما تأتي على رأس الدول الخاسرة تلك الدول المنتجة والمصدرة للنفط، وتتزايد معدلات هذه الخسارة بقدر اعتماد تلك الدول على النفط كمورد رئيس لتمويل موازناتها العامة، إضافة إلى عوامل أخرى كالحظر الاقتصادي كما في حالتي إيران وروسيا. هذا لا ينفي أن بعض الدول اختارت تحمل هذه الخسائر طواعية من أجل أهداف أخرى دون أن تبدي استعدادًا لاتخاذ أي خطوة لخفض الأسعار، وعلى رأس هذه الدول المملكة العربية السعودية التي ترى أن الحفاظ على حصتها السوقية والتضييق على إيران أولى من الفائضات الدولارية التي تحصل عليها من أسعار النفط المرتفعة. نشر موقع وول ستريت جورنال تقريرًا يرصد خلاله أهم الرابحين والخاسرين من أسعار النفط الحالية وفقًا لعوامل حجم الواردات/الصادرات النفطية بالدولار بالنسبة إلى الموازنة العامة لهذه الدول. ووفقًا للتقرير فإن دول غرب أفريقيا الثلاثة – جمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية وأنغولا – التي تعتمد على النفط لتمويل الجزء الأكبر من اقتصادها وإيراداتها هي الأكثر تضررًا نتيجة انخفاض أسعار النفط. ويسبب السقوط إلى سعر يناهز 40 دولارًا للبرميل في أسعار النفط الخام خسارة مليارات الدولارات في الإيرادات تصل إلى نسبة تقترب من 20٪ من الناتج المحلي الإجمالي. على النقيض يأتي الأمر في دول أخرى مثل جيبوتي وسيشيل وقيرغيزستان، والتي تشكل الواردات النفطية عبئًا كبيرًا على موازناتها فإن انخفاض الأسعار بتلك الصورة تعود بفائدة على ناتجها المحلي الإجمالي بحوالي 11٪، مما يسمح للمستهلكين بالإنفاق على السلع والخدمات التي يمكن أن تغذي النمو الاقتصادي وتدفعه عجلته. ومن حيث القيمة الدولارية؛ فإن انخفاض السعر معناه خسارة المملكة العربية السعودية لما يقرب من 117 مليار دولار أمريكي في عائداتها إذا استمرت أسعار النفط حول هذا المعدل لمدة ستة إلى ثمانية أشهر أخرى؛ نظرًا لصادرات الرياض الضخمة من النفط الخام. وبالنسبة لروسيا – التي تعاني ركودًا بالفعل- فقد تفقد هي أيضًا ما يقرب من 100 مليار دولار من العائدات؛ أي ما يعادل 5٪ من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد. وتواجه إيران احتمالية الخسارة بنفس النسبة تقريبًا (5% من الناتج المحلي) بسبب العقوبات الدولية وانهيار سعر العملة تزامنًا مع انخفاض سعر النفط، بالنسبة للكويت تقدر الخسارة بحوالي 32 مليار دولار من دخلها؛ أي ما يعادل 20% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد تقريبًا بسبب تلك الأسعار المتدنية. على الجانب الرابح، تتصدر الولاياتالمتحدة القائمة بحوالي 90 مليار دولار، وهو نفس معدل الفائدة تقريبًا التي تعود على الناتج المحلي الإجمالي لكل من الصين وألمانيا وفرنسا. ويرى تريفور هاوزر – الشريك لدى روديوم جروب فى نيويورك، والمستشار السابق فى وزارة الخارجية الأمريكية– أن البلدان الأعلى استيرادًا للنفط ستقوم بخفض فاتورة وارداتها إجمالاً بأكثر من 500 مليار دولار في حال بقيت أسعار النفط منخفضة عند نفس المستوى خلال العام المقبل 2015م. وتوقع جاي كاروسو – مدير إدارة معلومات الطاقة؛ أن تظل الأسعار منخفضة لبعض الوقت لمنع حدوث خلل كبير في الإمدادات داخل السوق، مُضيفًا: “من المستبعد جدًا أن يتوافق أعضاء أوبك على رؤية موحدة؛ لذلك فإني أرى أن أسعار النفط ستظل ضعيفة خلال الأشهر الستة المقبلة أو قريبًا من ذلك”. توضح الخريطة السابقة الرابحين والخاسرين كنسبة من الناتج القومي لكل بلد، بالطبع فإن الدول التي حققت زيادات “بالموجب” هي الدول المستوردة للنفط، أما الدول التي حققت خسائر “بالسالب” فهي الدول المصدرة. أبرز الرابحين والخاسرين عربيًّا تم احتساب عامل الربح والخسارة بناء على الفارق بين أعلى سعر سجله برميل النفط هذا العام وهو 108.56 دولار أمريكي، وبين السعر المتوقع أن يتم التأرجح حوله خلال الفترة القادمة وهو 71.3 دولار أمريكي. أبرز الخاسرين عربيًّا ترتبط الخسارة بحجم إنتاج كل دولة من النفط، فكلما زاد إنتاج الدولة كلما زادت خسارتها في ظل انخفاض الأسعار، أما الخسارة كنسبة من الناتج القومي فتعتمد على الحجم الذي تمثله الواردات النفطية كنسبة من الناتج القومي لهذا البلد، فكلما زادت نسبة اعتماد الدولة على النفط كمورد أوحد للموازنة، كلما زادت نسبة الخسارة في الناتج القومي. أبرز الرابحين عربيًّا ترتبط نسبة الربح بحجم صادرات الدولة من النفط، فكلما زادت صادراتها كلما زاد الفائض المالي الذي توفره في موازناتها بسبب انخفاض الأسعار. دول الشرق الأوسط المؤثرة في السياسة العربية * ساسة بوست