مقتل 6 وإصابة نحو 20 بانفجار داخل مسجد في حمص    اشتباكات في هضبة حضرموت وطيران حربي يستهدف وادي نحب    ريال مدريد يعير مهاجمه البرازيلي إندريك إلى ليون الفرنسي    الأرصاد: صقيع متوقع على أجزاء من المرتفعات ونصائح للمزارعين ومربي الماشية والنحل والدواجن    مفتاح: جمعة رجب محطة إيمانية تجسد هوية الأنصار وجاهزية اليمن للجولات القادمة    الصحفية والمذيعة الإعلامية القديرة زهور ناصر    صرخة في وجه الطغيان: "آل قطران" ليسوا أرقاماً في سرداب النسيان!    طيران العدوان السعودي يستهدف "أدواته" في حضرموت وسقوط قتلى وجرحى    عاجل: إصابة 12 جنديًا في عملية تطهير هضبة حضرموت من المتمردين المطلوبين للعدالة    كاتب حضرمي يطالب بحسم الفوضى وترسيخ النظام ومعاقبة المتمردين    اليمن يتوعد الكيان المؤقت بما هو أشدّ وأنكى    ترامب يعلن تنفيذ ضربات "فتاكة" ضد تنظيم القاعدة بنيجيريا    ما بعد تحرير حضرموت ليس كما قبله    كتاب جديد لعلوان الجيلاني يوثق سيرة أحد أعلام التصوف في اليمن    أبو الغيط يجدد الموقف العربي الملتزم بوحدة اليمن ودعم الحكومة الشرعية    البنك المركزي بصنعاء يحذر من شركة وكيانات وهمية تمارس أنشطة احتيالية    صنعاء.. تشييع جثامين خمسة ضباط برتب عليا قضوا في عمليات «إسناد غزة»    الكويت تؤكد أهمية تضافر الجهود الإقليمية والدولية لحفظ وحدة وسيادة اليمن    وطن الحزن.. حين يصير الألم هوية    صنعاء توجه بتخصيص باصات للنساء وسط انتقادات ورفض ناشطين    فقيد الوطن و الساحة الفنية الدكتور علوي عبدالله طاهر    حريق يلتهم مستودع طاقة شمسية في المكلا    حضرموت تكسر ظهر اقتصاد الإعاشة: يصرخ لصوص الوحدة حين يقترب الجنوب من نفطه    القائم بأعمال وزير الاقتصاد يزور عددا من المصانع العاملة والمتعثرة    الرشيد تعز يعتلي صدارة المجموعة الرابعة بعد فوزه على السد مأرب في دوري الدرجة الثانية    البنك المركزي اليمني يحذّر من التعامل مع "كيو نت" والكيانات الوهمية الأخرى    هيئة التأمينات تعلن صرف نصف معاش للمتقاعدين المدنيين    لحج.. تخرج الدفعة الأولى من معلمي المعهد العالي للمعلمين بلبعوس.    مدرسة الإمام علي تحرز المركز الأول في مسابقة القرآن الكريم لطلاب الصف الأول الأساسي    المحرّمي يؤكد أهمية الشراكة مع القطاع الخاص لتعزيز الاقتصاد وضمان استقرار الأسواق    صنعاء تحتفل بتوطين زراعة القوقعة لأول مرة في اليمن    3923 خريجاً يؤدون امتحان مزاولة المهنة بصنعاء للعام 2025    صدور كتاب جديد يكشف تحولات اليمن الإقليمية بين التكامل والتبعية    ميسي يتربّع على قمة رياضيي القرن ال21    استثمار سعودي - أوروبي لتطوير حلول طويلة الأمد لتخزين الطاقة    الأميّة المرورية.. خطر صامت يفتك بالطرق وأرواح الناس    أرسنال يهزم كريستال بالاس بعد 16 ركلة ترجيح ويتأهل إلى نصف نهائي كأس الرابطة    تركيا تدق ناقوس الخطر.. 15 مليون مدمن    نيجيريا.. قتلى وجرحى بانفجار "عبوة ناسفة" استهدفت جامع    الصحفي المتخصص بالإعلام الاقتصادي نجيب إسماعيل نجيب العدوفي ..    المدير التنفيذي للجمعية اليمنية للإعلام الرياضي بشير سنان يكرم الزملاء المصوّرين الصحفيين الذين شاركوا في تغطية بطولات كبرى أُقيمت في دولة قطر عام 2025    تعود لاكثر من 300 عام : اكتشاف قبور اثرية وتحديد هويتها في ذمار    ضبط محطات غير قانونية لتكرير المشتقات النفطية في الخشعة بحضرموت    الرئيس الزُبيدي يطّلع على سير العمل في مشروع سد حسان بمحافظة أبين    الحديدة تدشن فعاليات جمعة رجب بلقاء موسع يجمع العلماء والقيادات    "أهازيج البراعم".. إصدار شعري جديد للأطفال يصدر في صنعاء    دور الهيئة النسائية في ترسيخ قيم "جمعة رجب" وحماية المجتمع من طمس الهوية    تحذير طبي برودة القدمين المستمرة تنذر بأمراض خطيرة    تضامن حضرموت يواجه مساء اليوم النهضة العماني في كأس الخليج للأندية    الفواكه المجففة تمنح الطاقة والدفء في الشتاء    تكريم الفائزات ببطولة الرماية المفتوحة في صنعاء    هيئة المواصفات والمقاييس تحذر من منتج حليب أطفال ملوث ببكتيريا خطرة    تحذيرات طبية من خطورة تجمعات مياه المجاري في عدد من الأحياء بمدينة إب    مرض الفشل الكلوي (33)    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    بنات الحاج أحمد عبدالله الشيباني يستصرخن القبائل والمشايخ وسلطات الدولة ووجاهات اليمن لرفع الظلم وإنصافهن من أخيهن عبدالكريم    لملس والعاقل يدشنان مهرجان عدن الدولي للشعوب والتراث    تحرير حضرموت: اللطمة التي أفقدت قوى الاحتلال صوابها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



5 أسباب تجعل اليمن "فيتنام الخليج" حال اجتياحها بريًا
نشر في المشهد اليمني يوم 04 - 04 - 2015

"فيتنام مصر".. كان هذا هو الوصف الذي اختاره مؤرخون عسكريون للإشارة إلى أوجه الشبه بين التجربة الأمريكية في التدخل عسكريا بفيتنام، والتجربة المصرية في التدخل عسكريا في اليمن في ستينيات القرن الماضي.
وبدأت حرب فيتنام في 13 سبتمبر/ أيلول 1956، وبعدها بست سنوات بدأت الحرب اليمنية (من 1962 حتى 1970)، غير أن هذه السنوات التي تكونت خلالها خبرات تؤكد أن الاجتياح البري في الأماكن ذات الطبيعة الجغرافية الوعره مغامرة غير مأمونة المخاطر، لم تثن الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عن قراره بخوض مغامرة الاجتياح البري لليمن دعمًا للانقلاب الجمهوري بقيادة الجيش للإطاحة بالنظام الملكي في البلاد.
وتكبدت الولايات المتحدة خسائر بشرية واقتصادية ضخمة في حرب فيتنام، وتكرر نفس الأمر في التجربة المصرية باليمن التي منيت خلالها القوات المصرية بخسائر بشرية قدرت وفقا لإحصائيات غير رسمية بآلاف القتلى، إضافة إلى تكلفة اقتصادية قدرت بنحو نصف مليون دولار يوميا.
وفي حوار مسجل مع إحدى الفضائيات قبل وفاته في2011، قدّر الفريق سعد الشاذلي، الذي تولي قيادة ألوية الجيش المصري إبان الحرب في اليمن، قبل أن يتولى رئاسة أركان الجيش إبان عهد الرئيس الراحل أنور السادات، عدد القتلى ب"ألف قتيل"، والخسائر المادية ب40 مليون دولار. فيما قدر الفريق محمد فوزى، وكان وقتها رئيسًا لأركان الجيش المصرى، فى كتابه "حرب الثلاث سنوات" أعداد القتلى بنحو خمسة آلاف.
ودخلت مصر حينها هذه الحرب، على الرغم من أن السفير أحمد أبو زيد، الذي كان سفيرًا لمصر إلى المملكة اليمنية من سنة 1957 إلى سنة 1961، أرسل العديد من التقارير الهامة عن اليمن، تحذر من إررسال جنود مصريين إلى هناك. وإضافة إلى الخبرة السلبية في التعامل العسكري مع الدول ذات الطبيعة الجغرافية الوعرة، والتي خلص إليها العسكريون من حرب فيتنام، كان هناك سببا آخر اجتماعيا تتفرد به اليمن وهو "الطبيعة القبلية".
ووفقا لرواية الفريق سعد الشاذلي فإن السفير أبو زيد حذّر في تقاريره المسؤولين في مصر بأن القبائل اليمنية صعبة المراس وليس لديها شعور بالانتماء للوطن، وعارض السفير إرسال القوات المصرية واقترح دعم الضباط الأحرار اليمنيين بالمال والسلاح، وحذرهم بأن السعوديين سيغرقون اليمن بالمال لتأليب القبائل ضد الثورة. ولا يعرف حتى الآن، إن كانت هذه التقارير وصلت إلى وزارة الدفاع المصرية وتجاهلتها، أم أنها ظلت مدفونة في أدراج وزارة الخارجية.
ولكن ما يمكن تعلمه من حرب اليمن في الستينيات، ومن خبرة الحرب الأمريكية في فيتنام أن الاقتحام البري لليمن مسألة في غاية الصعوبة، تنذر ب "فيتنام خليجية"، إن لم يتم التفكير في حلول مبتكرة، وذلك استنادا إلى خمسة أسباب هي:
أولا: الطبيعة الجبلية:
أرض اليمن عبارة عن جبال عالية بركانية، تشرف على ساحل البحر الأحمر من جهة الغرب، وتنحدر في الشرق نحو صحراء الربع الخالي، وتتخللها الأودية.
وما بقي من أرض اليمن فهو عبارة عن سهل ساحلي قاحل على البحر الأحمر، عرضه حوالي 70 كلم وسهل ساحلي آخر على بحر العرب وخليج عدن، وهو سهل ضيق جداً تتخلله بعض الواحات.
وتمثل هذه الطبيعة الجبلية، لاسيما إذا صاحبها ندرة في الخرائط الطبوغرافية، عائقًا أمام أي قوة برية نظامية، واعترف بذلك مدير المخابرات العامة المصرية، صلاح نصر، إبان حرب اليمن عام 1962.
والخرائط الطبوغرافية توضح تضاريس سطح الأرض في أي بلد، وهذا ما يميزها عن الخرائط الأخرى، وهي هامة في أي عمل عسكري.
وقال نصر، في مذكراته، إن "القادة الميدانيين المصريين كانوا يعانون من انعدام الخرائط الطوبوغرافية مما سبب لهم مشكلة حقيقية في الأشهر الأولى من الحرب.. فلم يستطع القادة وضع الخطط للعمليات العسكرية ولأن مصر لم يكن لديها سفارة في اليمن منذ سنة 1961، فقد طلبت معلومات من السفير الأمريكي في اليمن، لكن كل ما أرسله في تقريره كانت معلومات عن الاقتصاد اليمني".
وواجهت الولايات المتحدة نفسها هذه المشكلة مرتين، ولم تستطع رغم تقدم وسائل الاستطلاع لديها وتوافر الخرائط الطبوغرافية في حلها، وكانت المرة الأولى في حربها بفيتنام عام 1956، حيث المساحات الشاسعة من الغابات، والمرة الثانية في حربها بأفغانستان عام 2001 حيث الطبيعة الجبلية.
وتحتل الغابات 38 بالمائة من مساحة فيتنام، فيما تحتل الجبال 80 بالمائة من مساحة أفغانستان، وعاقت هذه الطبيعة الجغرافية الوعرة الولايات المتحدة من تحقيق تقدم ملموس في الحربين؛ فاضطرت في الأولى إلى الانسحاب، وفي الثانية لم تقض على تنظيم "القاعدة"، ولا تزال حتى الآن غارقة في المستنقع الأفغاني.
عسكريًا، فإن التعامل الأمثل مع مثل هذه الطبيعة الجبيلة، لا يكون بالاجتياح البري، لكن تلعب قوات العمليات الخاصة دورًا مهما في هذا الصدد، كما يقول صفوت الزيات، الخبير العسكري والعميد المتقاعد بالجيش المصري، في حديثه مع وكالة الأناضول.
ويضيف الزيات: "هذه القوات لن تكون تحركاتها وفق أهداف تكتيكية واضحة، ولكن سيكون الهدف منها هو تنفيذ أهداف محددة لمواجهة مشكلة بعينها".
ويبدو أن السعودية تستعد لهذا السيناريو من خلال التدريب المشترك مع قوات العمليات الخاصة الباكستانية، والتي لها خبرة طويلة في هذا المجال.
وأعلنت السعودية في 30 مارس / آذار الماضي عن انطلاق التمرين المشترك "الصمام 5" بين القوات البرية الملكية السعودية ووحدات من القوات الخاصة بالجيش الباكستاني، وذلك في ميدان متخصص بالقتال الجبلي.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية عن مدير التدريبات، العميد ركن شائح بن عبدالله القرني، قوله إن "التدريب امتداد لسلسلة من التمارين المشتركة بين القوات البرية الملكية السعودية ومجموعة من قوات الدول الشقيقة والصديقة ومن ضمنها جمهورية باكستان الإسلامية"، موضحًا أن التدريبات على الحرب ستتم "في بيئات ذات تضاريس جبلية صعبة وفي عمليات غير نظامية".
ثانيا: الطبيعة العقائدية:
"لا تحارب الجبال والإسلام معًا".. هذه العبارة التي قالها ونستون تشرشل، رئيس وزراء بريطانيا الأسبق، حينما كان مراسلا حربيا في شبابه، تلخص إلى حد كبير ما يمكن أن يضيفه البعد العقائدي للحرب في اليمن.
وجاءت هذه العبارة تعليقا على عدم نجاح الحملة البريطانية في أفغانستان أواخر القرن ال 19، والتي أرجعها تشرشل لأمرين: الطبيعة الجبلية، إضافة إلى الطبيعة العقائدية.
وتوصف أفغانستان بأنها "مقبرة الإمبراطوريات"؛ ففيها هُزمت الإمبراطورية الرومانية والبريطانية والسوفيتية، ومؤخرا لم تنجح أمريكا في تحقيق أي تقدم ملموس في حربها هناك، والسبب يرجع إلى هذين العنصرين.
وتحظى جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) بالطبيعة العقائدية، ويؤكد ذلك قول القيادي السابق في الجماعة، علي البخيتي، في تصريحات صحفية يوم 26 فبراير / شباط الماضي، بأن "الجماعة تتعاطى مع السياسة من منطلق عقائدي ويصنفون أنفسهم جند الرب الذي يأمرهم فيطيعون"، مشيرا إلى أنهم لا يعطون أي اعتبار أو اهتمام للمعطيات السياسية. فضلا عن الطبيعة الجبلية الوعرة التي تتمتع بها اليمن.
ومثل هذه الجماعة العقائدية لن تجدي معها الضربات الجوية وحدها، بل تحتاج لوجود جماعة عقائدية تملك القوة مثلها، وفق رأي السياسي والأكاديمي الكويتي عبد الله النفيسي.
وطالب النفيسي في لقاء مع فضائية "الجزيرة" القطرية يوم 30 مارس / آذار الماضي، بتسليح وتمويل حزب "التجمع اليمني للإصلاح" (محسوب على إخوان اليمن)، مؤكدا أنه يملك 40 ألف مقاتل، لكنهم بحاجة إلى السلاح.
وأضاف: "لا يمكن لعاصفة الحزم أن تنجح دون وجود قوات على الأرض، وأن المؤهل للمواجهة هو القبائل اليمنية وكتلة الإصلاح، خاصة أنها لم تواجه من قبل؛ لأن المواجهة كانت ستعدّ انتحارا بعد تسليم الجيش اليمني سلاحه الثقيل للحوثيين".
ثالثا: الطبيعة القبلية:
تشير بعض الدراسات اليمنية، التي أطلع عليها مراسل الأناضول، إلى أن القبائل تشكل حوالي 85 بالمائة من تعداد السكان البالغ عددهم ما يزيد على 25 مليون نسمة، وبحسب الدراسات نفسها فإنه يتواجد ما يقارب 200 قبيلة في اليمن وبعضها أحصى أكثر من 400 قبيلة.
وقال الباحث اليمني فؤاد الصلاحي، في دراسة بعنوان "المجتمع والنظام السياسي في اليمن"، نشرها مركز الجزيرة للدراسات والبحوث في 27 مارس / آذار عام 2011، إن القبيلة تبرز في المجتمع اليمني كبنى اجتماعية فاعلة وليست مجرد تشكيلات تنتمي إلى الماضي.
وأوضح الباحث أن النظام السياسي في اليمن اعتمد على سياسات أعطت مكانة كبيرة للقبيلة وأضعفت مرتكزات الدولة الحديثة وغيبت منظومتها الثقافية، فكان من أهم عيوب وأزمات الدولة في اليمن أنها لا تتعامل مع المواطنين مباشرة من خلال مؤسسات الدولة المدنية والقضائية والخدمية، بل من خلال واسطة المشايخ، مما عظم من دور هؤلاء في مقابل تقزيم أدوار مؤسسات الدولة.
خلق هذا الوضع دورًا كبيرًا للقبيلة في المشهد السياسي، وهذه القبائل كما يقول مراسل وكالة الأناضول في اليمن، يصعب تحديد موقفها من الأطراف المتصارعة في اليمن.
وقال مراسل الأناضول إن "القبيلة الواحدة في اليمن تتكون من أفخاذ، وقد تكون هناك أفخاذ مع تحالف عاصفة الحزم، وأفخاذ مع الحوثيين وعلي عبد الله صالح، كما هو الحال في قبيلة بكيل".
وأشار إلى مفارقة أخرى تكشف عن صعوبة تحديد الولاءات والانتماءات بالنسبة للقبائل، وهي أن صغير بن عزيز، وهو من رموز قبيلة "حرف سفيان" من المقربين لعلي عبد الله صالح، وفي نفس الوقت يقاتل ضد الحوثيين ومن أشد كارهيهم.
وأضاف أن اتجاهات بعض مشايخ القبائل الصغيرة تبدلت بعد بدء ضربات تحالف عاصفة الحزم من تأييد لمعسكر الحوثيين والقوات الموالية لعلي عبد الله صالح، إلى تأييد لعاصفة الحزم.
وقال صفوت الزيات، إن مصر عانت في حربها باليمن من هذه الطبيعة القبلية. وأضاف الزيات: "القبيلة بتكوينها الثقافي والاجتماعي لم يكن يعنيها شعارات التحرر التي رفعها الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فكل ما يعنيها هو المصلحة القبلية".
وعبّر عسكريون مصريون شاركوا في الحرب اليمنية عن هذا المعنى بمقولة لا تخلو من المبالغة، لكنها معبرة، حيث قالوا "كانت القبيلة تصبح مؤيدة للجمهورية، وتمسي مؤيدة للملكية".
رابعا: انتشار السلاح:
في ظل الدور الكبير للقبيلة، وقيامها بالوظائف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية التي يمكن للدولة أن تقوم بها، فرض ذلك أن تكون القبيلة اليمنية تنظيمًا حربيًا، يضمن أمن أفرادها وحماية ممتلكاتهم.
ويعتبر السلاح بالنسبة لكل يمني جزءًا مهمًا من مظهره الخارجي، وكما تتخذ النساء زينتهن من أنواع الحلي والمساحيق يمثل السلاح أهم زينة يتزين بها الرجال.
ويحمل اليمني السلاح في الأعياد والأفراح والمناسبات، حيث ينظر إلى السلاح على أنه من لوازم زينة الرجل ومعززات مكانته الاجتماعية، كما أنه رمز للقوة والبطولة والشرف والرجولة، ومدعاة للفخر والاعتزاز.
ويبرز السلاح في حياة القبيلة اليمنية كجزء أساسي لا يتجزأ من تكوينها وشخصيتها، ويعتبر التخلي عنه مدعاة للعار.
وطبقا لمسح الأسلحة الصغيرة لعام 2007 الصادر عن المعهد العالي للدراسات الدولية، ومقره جنيف، يوجد 61 سلاحا ناريا لكل 100 مواطن يمني، وحاولت وزارة الداخلية اليمنية وأجهزتها الأمنية حل المشكلة في وقت سابق عبر حملات تفتيشية لحظر حمل الأسلحة والتجوال بها في المدن.
غير أن الشيخ أحمد الذهب، وهو شيخ قبيلة "قيفة" وسط اليمن، قال في تصريحات صحفية يوم 21 أغسطس/آب 2011، إن "الحكومة غير جادة لأن النظام الحاكم (نظام علي عبدالله صالح) هو المستفيد الأول من انتشار السلاح في اليمن، وسعى من خلاله لتغذية النزاعات القبلية وإشعال نار الثارات والحروب بين القبائل".
وأضاف: "السلاح في العرف القبلي هو لتأمين الأمن والحماية للنفس والعرض والأرض، وليس لإثارة الفتن، لكن النظام الحاكم استغله على مدى (33) عاما لإضعاف القبيلة وإدخالها دوامة الاحتراب القبلي، وفقا لسياسة: فرق تسد".
وفي ضوء هذا الوضع، ليس غريبا أن تشاهد صورة مصاحبة لموضوع عن القبائل اليمنية في موسوعة ويكيبيديا، يظهر فيها شخص وهو يحمل السلاح وخلفه لافتة مكتوبًا عليها "للسلاح والصرافة"، في إشارة إلى أن هذا المكان يتعامل في تجارة العملة والسلاح.
وتزيد هذه الحالة من خطورة التدخل البري في اليمن، فجيش التحالف حينها، لن يواجه جيشا نظاميا، لكنه سيواجه شعبا تم تسليحه من منطلق ثقافي "العرف القبلي" وبتأييد حكومي كما قال أحمد الذهب، شيخ قبيلة قيفة (وسط اليمن).
خامسًا: خطورة حرب العصابات:
طبيعة جبلية تدعمها طبيعة قبلية وعقائدية وفوق ذلك سلاح في يد أغلب المواطنين، كل هذا يصب في اتجاه مخاطر كبيرة سيواجهها أي اقتحام بري لليمن.
الخطورة ليست في أن ميزان القوة سيكون لصالح الحوثيين ومن يواليهم، لكن الخطورة في أن جيش التحالف لن يواجه جيشًا نظاميًا، ولكن ستتم محاربته بأسلوب "حرب العصابات".
وحرب العصابات كما يتم تعريفها في العلوم العسكرية، هي حرب غير تقليدية، بين مجموعات قتالية يجمعها هدف واحد وجيش تقليدي، وتتكون هذه المجموعات من وحدات قتالية صغيرة نسبيا مدعمة بتسليح أقل عددًا ونوعية من تسليح الجيوش، وتتبع أسلوب المباغتة في القتال ضد التنظيمات العسكرية التقليدية في ظروف يتم اختيارها بصورة غير ملائمة للجيش النظامي.
ويتفادى مقاتلو حرب العصابات الالتحام في معركة مواجهة مع الجيوش التقليدية لعدم تكافؤ الفرص، فيلجأون إلى عدة معارك صغيرة ذات أهداف استراتيجية يحددون هم مكانها وزمانها بحيث يكون تأثيرها موجعًا للخصم.
وعانت القوات المصرية في حرب اليمن عام 1962 من هذا الأسلوب، وقال الفريق سعد الشاذلي، في حديثه لبرنامج "شاهد على العصر" مع المذيع أحمد منصور بقناة "الجزيرة" القطرية: "إن قوات الجيش المصري النظامي، كانت تعاني من محاربة الجيش غير النظامي في اليمن، فقد كان أسلوب الحرب بالنسبة لهم هو أسلوب العصابات"، مشيرا إلى أن معظم الخسائر كانت بسبب الألغام المزروعة بشكل عشوائي، لافتا إلى أن القوات المصرية اكتسبت عادات حرب سيئة، لأنها لا تحارب عدوًا بالمعنى المفهوم لديها.
ودائما ما تحب الجيوش النظامية أن تواجه جيشا نظاميا مثلها، لكن أسلوب حرب العصابات يكون مرهقا لها، وحدث ذلك مع الجيش المصري في اليمن عام 1962، ومع الجيش الأمريكي في حربي فيتنام عام 1956، وأفغانستان (2001 حتى الآن).
ويرى مراقبون أن الحوثيين يفضلون المواجهة البرية مع قوات التحالف حتى يتمكنوا من تحقيق انتصارات بأسلوب "حرب العصابات"، لتتحول اليمن إلى "فيتنام الخليج".
لكن صفوت الزيات، العميد المتقاعد بالجيش المصري، يقول في تصريحات ل"الأناضول": "من الواضح أن جيش تحالف عاصفة الحزم مدرك تماما لخطورة الاقتحام البري، وهو حتى الآن يتعامل مع الموقف بحالة من حالات الرشد الاستراتيجي التي تعجبني شخصيا".
لكن إلى أي مدى يستطيع التحالف الحفاظ على هذا الرشد الاستراتيجي؟ .. من المؤكد أن التطورات على الأرض هي التي ستتحكم في ردود الأفعال.
الأناضول - القاهرة / حازم بدر


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.