ارتفاع حصيلة العدوان الاسرائيلي على غزة إلى 55,908 شهيدا و 131,138 مصابا    الرهوي يشيد بجهود وزارة الداخلية والأجهزة الأمنية    نجم مانشستر سيتي في طريقه للدوري التركي    الطوارئ الإيرانية: إصابة 14 من طواقم الإسعاف وتضرر 7 سيارات جراء العدوان الصهيوني    السلطات الإيرانية تقبض على جاسوس أجنبي للموساد في يزد    ليفاندوفسكي يحدد وجهته بعد حقبة برشلونة    تقرير دولي يحذر من عودة قوات صنعاء لهجماتها البحرية في حال توسع الصراع الإيراني الإسرائيلي    الشغدري يتفقّد مشاريع خدمية في دمت بالضالع    وزيرالكهرباء ومحافظ المحويت يناقشان أوضاع مشاريع المياه والصرف الصحي    تشيلسي يقترب من إبرام صفقة مؤجلة    إخماد حريق في منزل بمنطقة شملان    تفكيك عبوة ناسفة إلكترونية لشبكة تجسس صهيونية غرب طهران    الصهاينة يشكون التكتيكات الإيرانية ويصفونها بحرب استنزاف    اسعار الذهب في صنعاء وعدن السبت 21 يونيو/حزيران 2025    رئيس الوزراء يناقش مع وزير العدل مستوى تنفيذ خطة الأولويات العاجلة    نقاط تقطع مسلحة للحرابة ودعوة المتحاربين إلى حضرموت    الترجي التونسي يهدي العرب أول انتصار في كأس العالم للأندية 2025    عن "حروب الانهاك والتدمير الذاتي واهدافها"    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين حروف الرازحي.. رحلة الى عمق النفس اليمني    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    البحسني يكشف عن مشروع صندوق حضرموت الإنمائي    مقتل عريس في صنعاء بعد أيام من اختطافه    هل أعداء الجنوب يلبسون طاقية الإخفاء    الأرصاد يتوقع هطول امطار على بعض المرتفعات ورياح شديدة على سقطرى ويحذر من الاجواء الحارة    مليشيا درع الوطن تنهب المسافرين بالوديعة    شبكة حقوقية تدين إحراق مليشيا الحوثي مزارع مواطنين شمال الضالع    بوتين: روسيا تبني لإيران مفاعلين نوويين إضافيين في بوشهر    علي ناصر يؤكد دوام تآمره على الجنوب    بقيادة كين وأوليسيه.. البايرن يحلق إلى ثمن النهائي    الأحوال الجوية تعطل 4 مواجهات مونديالية    حشوام يستقبل الأولمبي اليمني في معسر مأرب    صنعاء .. موظفو اليمنية يكشفون عن فساد في الشركة ويطالبون بتشكيل لجنة تحقيق ومحاسبة جحاف    هذا أنا .. وفي اليمن روحي    «أبو الحب» يعيد بسمة إلى الغناء    قبل أن يتجاوزنا الآخرون    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    علي ناصر محمد أمدّ الله في عمره ليفضح نفسه بلسانه    الأمم المتحدة تقلّص خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن وسط تراجع كبير في التمويل    كارثة كهرباء عدن مستمرة.. وعود حكومية تبخرّت مع ارتفاع درجة الحرارة    الذهب في طريقه لتكبد خسائر أسبوعية    المبرّر حرب ايران وإسرائيل.. ارتفاع أسعار الوقود في عدن    ديدان "سامّة" تغزو ولاية أمريكية وتثير ذعر السكان    نجاح أول عملية زرع قلب دون الحاجة إلى شق الصدر أو كسر عظم القص    نتائج الصف التاسع..!    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    كأس العالم للاندية : ميسي يقود انتر ميامي لفوز ثمين على بورتو    فعاليتان للإصلاحية المركزية ومركز الحجز الاحتياطي بإب بيوم الولاية    جماعة الإخوان الوجه الحقيقي للفوضى والتطرف.. مقاولو خراب وتشييد مقابر    كيف تواجه الأمة الإسلامية واقعها اليوم (2)    الخطوط الجوية اليمنية... شريان وطن لا يحتمل الخلاف    الصبر مختبر العظمة    شرب الشاي بعد الطعام يهدد صحتك!    الصحة العالمية: اليمن الثانية إقليميا والخامسة عالميا في الإصابة بالكوليرا    وزير الصحة يترأس اجتماعا موسعا ويقر حزمة إجراءات لاحتواء الوضع الوبائ    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ماهو " تقرير تشيلكوت " الذي استغرق 7 سنوات لإعداده ليكشف خدعة الحرب على العراق ؟؟
نشر في المشهد اليمني يوم 09 - 07 - 2016

كان المشهدُ أقرب إلى الحالة المسرحية حين وقف قبل أيام قليلة السير البريطاني جون تشيلكوت بعد ثلاثة عشر عاما من احتلال العراق و إسقاط نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين في التاسع من أبريل لعام 2003، ليقول بكلمات بسيطة وجُمَلٍ لا تقبل احتمال الكلام في مركز الملكة إليزابيث “إن قرار الحرب البريطاني على بغداد كان خاطئاً”.
أكذوبة أسلحة الدمار الشامل
جون تشيلكوت كبيرُ موظفي الخدمة المدنية والعضو السابق في لجنة بوتلر ورئيس لجنة التحقيق في القرار الذي اتخذه توني بلير، بالاشتراك مع الولايات المتحدة الأميركية التي قادت جيوش التحالف الدولي لاحتلال العراق، اختصر اثني عشر جزءاً ومليونين ونصف المليون كلمة، هي حصيلةُ التقرير الذي تم الاشتغال عليه طيلة سبع سنوات.
وكان تم الإعلان في لندن، يوم الخامس عشر من يونيو لعام 2009، مِن قِبل رئيس الوزراء آنذاك غولدن براون عن إطلاق التحقيقات الخاصة بحرب العراق من خلال لجنة بريطانية تتألف من السير جون تشيلكوت والسير لورانس فريدمان، والسير مارتن غيلبرت، والسير رودريك لين، والبارونة أوشا بارشر.
تهدف هذه اللجنة من خلال عملية البحث إلى كشف النقاب عن أسرار اتخاذ القرار البريطاني بالمشاركة في احتلال العراق. و جاءت نتيجة ضغط مارسه ذوو الجنود البريطانيين الذين قتلوا خلال العمليات العسكرية التي قام بها التحالف الدولي في المدن العراقية.
في العشرين من مارس لعام 2003، انطلقت العمليات العسكرية التي شنتها قوات التحالف الدولي ضد نظام الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين الحاكم حينذاك في بغداد، الحرب التي بدأت على عجَل وانتهت في أقل من عشرين يوماً في التاسع من أبريل لعام 2003، برمزية إسقاط تمثال الرئيس العراقي في ساحة الفردوس بقلب العاصمة بغداد.
أسئلة كثيرة يجيب عنها التقرير من خلال التحقيق مع مسؤولين بريطانيين في تلك الفترة، كان أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق بلير الذي استضافه تشيلكوت مرتين، وهانز بليكس رئيس لجنة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وغيرهما من الجنرالات والضباط وأعضاء الدبلوماسية البريطانية الذين تقاطعت إجاباتهم، بحسب التقرير، حول غياب المصداقية في تقارير المخابرات البريطانية
سبقت تلك الحرب تحضيرات انطلقت في واشنطن ولندن من خلال شخصَي جورج بوش الابن وتوني بلير، حيث تم التنسيق الكامل لتوجيه الرأي العام العالمي من خلال التلويح بثقةِ العالِمِ أنَّ بغداد قادرة خلال 45 دقيقة على استخدام أسلحة دمار شامل، تكون وبالاً على المنطقة بأسرِها، فضلاً عن تصوير النظام العراقي ورئيسه بأنه الخطر الأكبر على السلام في العالم آنذاك.
اشترك جنود من كل العالم في جيوش كان قوامها مقاتلون من أميركا و بريطانيا، حيث قُتِلَ -بحسب تشيلكوت- أكثر من 200 جندي بريطاني خلال العمليات العسكرية في المدن العراقية، قام ذووهُم بالاشتغال على مسارات عديدة فيما بعد لكشف زيف الحرب وأسباب الاشتراك بها، تلك النار التي وُلِدت برحيل الأبناء في غزو قامت به بريطانيا لأول مرة، منذ الحرب العالمية الثانية لاحتلال بلد ذي سيادة و شرعية هو العراق.
التقرير الذي جاء ضمن 12 جزءاً، عبر أكثر من مليوني كلمة، ضمَّ بين جنباته الكثير من التفاصيل العديدة التي اشتغل عليها فريق شيلكوت لما يقارب سبع سنوات، حيث تضمن التقرير الملابسات والظروف التي قادت لندن إلى قرار الحرب على العراق، والاتصالات التي جرت بين الإدارة الأميركية و البريطانية، وفنَّد المعطيات التي تم الارتكاز عليها وتقارير الاستخبارات في واشنطن ولندن.
أسئلة كثيرة أجاب عنها التقرير من خلال التحقيق مع مسؤولين بريطانيين في تلك الفترة، كان أبرزهم رئيس الحكومة الأسبق بلير الذي استضافه تشيلكوت مرّتين، وهانز بليكس رئيس لجنة التفتيش عن أسلحة الدمار الشامل في العراق، وغيرهما من الجنرالات والضباط وأعضاء الدبلوماسية البريطانية الذين تقاطعت إجاباتهم، بحسب التقرير، حول غياب المصداقية في تقارير المخابرات البريطانية، وعدم استخدام وسائل وسبل كانت متاحة من قبل الحكومة لمنع وقوع الحرب، مِن أبرز تلك الوسائل كان الذهاب إلى مجلس الأمن الدولي حيث تم اتخاذ قرار الحرب بناء على قرار مجلس الأمن و تفويضه عام 1991 عقب غزو الكويت.
اليوم تبرر هذه الشخصيات الاستناد إلى القرار السابق لمجلس الأمن، بأن محاولة الدخول في دهاليز اللعبة السياسية الدولية ضمن أروقة الأمم المتحدة قبل الحرب بين عامي 2002 و2003، كان سيمنح النظام العراقي الفرصة لتطوير برنامج الأسلحة المزعوم.
بحثاً عن أسباب الحرب، وعبر طرق بحثية معقدة واستماع لشهادات حية مكثفة والتحقيق في وثائق سرية بطرق استقصائية اعتمدت على طرائق البحث الخاص، نظر فريق تشيلكوت في كل التفاصيل. فالارتكازات في التقرير كانت تستند إلى محورين، الأول بريطاني دولي، والثاني عراقي خالص.
الجانب البريطاني الدولي، يدين فيه التقرير الاتجاه نحو الحرب دون البحث عن فرص أخرى كانت ممكنة لمنع حدوثها، آخذاً بعين الاعتبار عدم اكتراث المسؤولين إلى عدم جهوزية الجيش البريطاني لخوض الحرب، وانصياع بلير للإدارة الأميركية، عارضاً مراسلات وتسجيلات لرئيس الوزراء البريطاني يؤكد من خلالها للرئيس الأميركي أنه معه في قرار الحرب بكل الأحوال ومهما حدث.
التقرير يعيبه عدم قدرته على جر المسؤولين عن الحرب ضد العراق إلى المحاكمة الدولية ومع ذلك فبعد سبع سنوات من العمل والمليارات من الدولارات ومئات الآلاف من الضحايا، لا إدانات واضحة للمجرمين
عراقياً، كشف التقرير غياب الرؤية الدولية عموماً والبريطانية على وجه الخصوص لحال المشهد الداخلي في البيت العراقي عقب سقوط النظام الحاكم في بغداد. وناقش القرارات الخاطئة التي تم على إثرِها رسم الخطوات الأولى للخروج من عنق الزجاجة أو ما بات يعرف فيما بعد “المستنقع العراقي”.
أبرز تلك القرارات التي ناقشها التقرير كانت الأفكار الخاطئة حول حلّ الجيش العراقي، وحلّ حزب البعث العربي الاشتراكي الحاكم، وحلّ مؤسسات الدولة العراقية، والاشتغال على قدرات عسكرية وهمية يملكها النظام العراقي خاصة بأسلحة الدمار الشامل، في هذه النقطة تحديداً قال الجنرال مايكل لوري في إفادته للجنة التحقيق إن المشتغلين بالشأن العسكري البريطاني عام 2002 كانت مهمتهم تبرير الحرب بدلاً من التحقق من المعلومات الاستخباراتية المتاحة في ذلك الوقت.
الحرب المقيدة مستقبلا
غياب الرؤية السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية لإدارة البلاد في عراق ما بعد صدام حسين، كان سبباً أساسياً في تدهور كل شيء في بغداد وسائر المدن العراقية، هكذا يؤكد تقرير تشيلكوت بعد اكتشافه للُّعبة الدولية داعياً في ذات الوقت إلى أخذ العِبَر بحيث يكون من الصعب في المستقبل لأيّ حكومة أن تذهب إلى الحرب في أيّ جغرافيا دون المرور بمسارات واضحة من خلال مؤسسات عديدة.
رغم أهمية النتائج والنقاط المتنوعة التي أثارها السير جون تشيلكوت إلا أن التقرير يعيبه عدم قدرته على جر المسؤولين عن الحرب ضد العراق إلى المحاكمة رغم انتقاده للمسؤولين عن ذلك القرار حيث يتصدرهم طوني بلير رئيس الحكومة الذي يُطالب البعض بمحاكمته كمجرم حرب.
بلير وتشيلكوت
رئيس الحكومة الأسبق بلير المنتمي إلى حزب العمال، كان رده سريعاً عقب صدور التقرير. حيث وقف لما يقارب ساعتين أمام الصحافيين بمؤتمر كان الهدف منه الإيضاح والتركيز على بعض النقاط. أهمها إقراره أن المعلومات الاستخباراتية كانت خاطئة، محيلاً ذلك إلى الظروف التي فرضَت ضرورة تصديق تلك التقارير، في إشارة واضحة إلى حالة المزاج العام عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر في نيويورك الأميركية.
رغم أن التقرير أكد على غياب الممارسات القانونية والوسائل الديمقراطية، إلا أنه لم يُصدِر حكماً يدين فيه مسؤولين بريطانيين بانتهاك القانون الدولي، واكتفى بانتقاد الطريقة التي اشتغلت بها الحكومة
عبّر بلير عن سعادته أن التقرير استبعد نظرية المؤامرة التي تطرح فكرة عقد صفقة بينه وبين إدارة البيت الأبيض في أبريل من عام 2002 في ولاية تكساس لِلزَجّ بلندن ضمن قوات التحالف الدولي للحرب على بغداد. رغم التأثر الذي بدا على لغة وجه بلير خلال حديثه للصحافيين، وإقرارُه بتحمُّل المسؤولية الكاملة عن قرار الحرب، إلا أنه سيكون في مواجهة صعبة مع حزب العمال الذي يُحمِّله ممارسة الكذب والتضليل في حق كوادر الحزب قبل التأثير على الرأي العام للقيام بالحرب.
رغم أن التقرير أكد على غياب الممارسات القانونية والوسائل الديمقراطية، إلا أنه لم يُصدِر حكماً يدين فيه مسؤولين بريطانيين بانتهاك القانون الدولي، واكتفى بانتقاد الطريقة التي اشتغلت بها الحكومة لتبرير الحرب من خلال الاستناد إلى معلومات ضعيفة حول إمكانيات العراق العسكرية في ذلك الوقت، والتأكيد على أن الرئيس العراقي الراحل صدام حسين لم يكن يشكل تهديداً مباشراً أو قريباً لبريطانيا.
بالنسبة إلى العراقيين فإن التقرير يسلط الضوء على ملابسات اتخاذ قرار الحرب والاتجاه بالخطوات الأولى نحو تنفيذ جولاتها على أرض الواقع، وقد يجد فيه البعض إجابات شافية عن اللعبة الدولية التي تمت في أروقة الحكم المتعددة على جغرافيات كثيرة للإطاحة بنظام الرئيس صدام حسين، لكنهم لن يجدوا أحداً يتحمّل المسؤولية الكاملة عن انفجار الحرب الأهلية عقب الاحتلال، أو سبباً منطقياً لانهيار الدولة الهرمية، أو مبرراً لزوال أحد أهم الحضارات المُشكِّلة للإرث الإنساني.
أما خارجياً فسيكون لتقرير تشيلكوت ارتدادات حتمية في واشنطن، حيث تشير التقارير إلى بدء التحرك العملي من قبل ذوي الضحايا من الجنود للمطالبة بفتح تحقيق يؤدي إلى محاسبة جورج بوش على قرار الحرب على العراق.
وبالطبع فإن ظهور التقرير في هذا التوقيت بعد سبع سنوات من الاشتغال عليه في وقت ينام المشرق العربي على أرض غير ثابتة، قابلة للانفجار في أيّ لحظة، وفي ظل تفكك الأوطان التي نعيشها وظهور جغرافيات جديدة وكيانات عرقية أو طائفية لم تكن في حسابات الجميع، سيضع تقرير تشيلكوت أيّ إدارة قادمة سواء في واشنطن أو لندن تحت سوط المساءلة إذا ما تم اتخاذ قرار التدخل لإنهاء المآسي التي تدور اليوم.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.