حط الرئيس عبدربه منصور هادي في مطار عدن الدولي قبل ساعات، في زيارة تستمر لأسبوع بحسب وكالات أنباء، حيث التقاه في المطار نائب رئيس الوزراء وزير الداخلية اللواء حسين محمد عرب، ومحافظ عدن اللواء عيدروس الزبيدي، وعدد من قيادات السلطتين التنفيذية والمحلية، وبعض وجهاء المدينة. وكانت آخر مرة يزور فيها هادي اليمن قبل عام، في حين أن وزراء الحكومة الشرعية، يتقدمهم رئيس الوزراء الدكتور أحمد عبيد بن دغر، كانوا قد وصلوا الى عدن قبل نحو شهرين، بغرض تطبيع الاوضاع وممارسة نفوذ سلطة الشرعية في المحافظات المحررة بشكل كامل، وإدارة عمليات محاربة الإنقلاب من داخل الأراضي اليمنية. وصرّح مسئول حكومي بأن هادي سيلتقي المبعوث الأممي لليمن اسماعيل ولد الشيخ أحمد في اليومين القادمين، كما سيقوم بإعطائه الرد الرسمي لقيادة الشرعية فيما يتعلق بخارطة الحل السياسي التي اقترحها ولد الشيخ على طرفي القتال. وتأتي زيارة الرئيس هادي لعدن في ظل تجدد العمليات القتالية وبشكل أكثر ضراوة من ذي قبل بين قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية من جهة، وبين المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح من جهة أخرى، بعد أن فشلت آخر هدنة بين الجانبين، ما دفع بالعملية السياسية الى زاوية ضبابية، في حين يستمر الطرفان في التمسك بالخيار العسكري كوسيلة وحيدة لفرض شروطه على طاولة المفاوضات. وكان الرئيس هادي قد أعلن سابقاً رفضه للمقترح الأممي الذي اقترحه وزير الخارجية الأمريكي جون كيري قبل أن يتبناه ولد الشيخ كوسيلة حل تنهي العمليات القتالية في اليمن، وتبدأ في رسم معالم مرحلة انتقالية يكون فيها هادي رئيساً منزوع الصلاحيات وبنائب توافقي بصلاحيات الرئيس حتى إجراء انتخابات رئاسية، في حين أعلن الحوثيون وصالح موافقتهم على المقترح الأممي. وفاجأ هادي المجتمع الدولي والمبعوث الدولي ولد الشيخ أحمد حين رفض مقابلته في العاصمة السعودية الرياض كما رفض استلام خارطة السلام التي أعدها، وهو ما شكل ضربة قوية في مساعي الأخير الذي حاول استخدام مجلس الأمن الدولي بغرض فرض رؤيته للحل الواجب إقامته في اليمن، حيث التزم بعدها الصمت، ولم يصدر منه أية تصريحات حتى اللحظة. ويقول مراقبون بأن هادي شعر بخيانة أممية حادة مذ أعلن ولد الشيخ مقترحه لحل الأزمة اليمنية، ما دفعه الى إقناع المملكة العربية السعودية بإعطائه بعض الوقت بغرض تطبيق خيار القوة أمام الانقلابيين بشكل أكثر جدية من ذي قبل، ليتمكن بعد ذلك من تحقيق انتصارات حاسمة على الأرض وخصوصاً في محافظة تعز الغربية، والتي توشك على إعلان تحرير كافة أراضيها من وجود الحوثيين وصالح. ويستخدم هادي الخيار العسكري لكسر شوكة الانقلابيين، لكنه قبل ذلك يبحث من خلاله على بعث رسالة واضحة الدلالة بأن الشرعية هي مركز الثقل الأساسي على الأرض، وبأن أي حل سياسي لن يرى النور مالم يحظى على موافقتها ومباركتها له، وهو ما حدى بالرئيس هادي – بحسب مراقبين – بإعلان موافقته على الالتقاء بولد الشيخ في عدن في الأيام المقبلة، بغرض إرسال رسالة مفادها: ها نحن على الأرض اليمنية.. نهاجم، ونحقق الانتصار تلو الانتصار، في حين يستمر الطرف الآخر بالانحسار والتقهقر، وإن أردتم تسوية سياسية فلا بد أن تمر عبر موافقتنا نحن. ويبدو أن الحوثيين وصالح يدركون ما يسعى اليه هادي، وما تعنيه خسارتهم للصراع المشتعل في تعز، حيث أرسلوا بتعزيزات عسكرية وبشرية "ضخمة" الى المدينة التي يحاصرونها منذ أكثر من عام، أملاً في إبقاء المشهد العسكري هناك على ما هو عليه، على الأقل في الفترة الراهنة، حتى لا تتبدّل الدفة الأممية عنهم كما تبدّلت قبلاً عن هادي والشرعية من خلفه. وفي خضم هذا الصراع المرير، يبقى اليمنيون هم الطرف الأكثر تضرراً، حيث تتمنع الشرعية كما يتمنع الحوثيون عن صرف أقوات الكتلة البشرية التي تتواجد في مناطق سيطرة الطرفين، في ذات الوقت الذي يدير فيه المجتمع الدولي ظهره لهم ، ما تسبب في زيادة معدلات الفقر والجوع بشكل غير مسبوق، يوشك أن يفتك بالعديد منهم "جوعاً".