ارتفاع ضحايا قصف العدو الصهيوني لمدرستين تأويان نازحين الى 52 شهيدا    الجنوب.. معاناة إنسانية في ظل ازمة اقتصادية وهروب المسئولين    قيادي في "أنصار الله" يوضح حقيقة تصريحات ترامب حول وقف إطلاق النار في اليمن    اليوم انطلاق منافسات الدوري العام لأندية الدرجة الثانية لكرة السلة    هي الثانية خلال أسبوع ..فقدان مقاتلة أمريكية "F-18" في البحر الأحمر    كيف تُسقِط باكستان مقاتلات هندية داخل العمق؟    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الاربعاء 7 مايو/آيار2025    وزير الشباب ومحافظ ذمار يتفقدان أنشطة الدروات الصيفية    دوري أبطال أوروبا: إنتر يطيح ببرشلونة ويطير إلى النهائي    عشرات القتلى والجرحى بقصف متبادل وباكستان تعلن إسقاط 5 مقاتلات هندية    الإرياني: استسلام المليشيا فرصة تاريخية يجب عدم تفويتها والمضي نحو الحسم الشامل    الكشف عن الخسائر في مطار صنعاء الدولي    النمسا.. اكتشاف مومياء محنطة بطريقة فريدة    دواء للسكري يظهر نتائج واعدة في علاج سرطان البروستات    مكون التغيير والتحرير يعمل على تفعيل لجانه في حضرموت    إقالة بن مبارك تستوجب دستوريا تشكيل حكومة جديدة    57 عام من الشطحات الثورية.    الحوثيين فرضوا أنفسهم كلاعب رئيسي يفاوض قوى كبرى    الإمارات تكتب سطر الحقيقة الأخير    تتويج فريق الأهلي ببطولة الدوري السعودي للمحترفين الإلكتروني eSPL    في الدوري السعودي:"كلاسيكو" مفترق طرق يجمع النصر والاتحاد .. والرائد "يتربص" بالهلال    بذكريات سيميوني.. رونالدو يضع بنزيما في دائرة الانتقام    وزير التعليم العالي يدشّن التطبيق المهني للدورات التدريبية لمشروع التمكين المهني في ساحل حضرموت    صرف النصف الاول من معاش شهر فبراير 2021    لماذا ارتكب نتنياهو خطيئة العُمر بإرسالِ طائراته لقصف اليمن؟ وكيف سيكون الرّد اليمنيّ الوشيك؟    طالبات هندسة بجامعة صنعاء يبتكرن آلة انتاج مذهلة ..(صورة)    بين البصر والبصيرة… مأساة وطن..!!    التكتل الوطني: القصف الإسرائيلي على اليمن انتهاك للسيادة والحوثي شريك في الخراب    بامحيمود: نؤيد المطالب المشروعة لأبناء حضرموت ونرفض أي مشاريع خارجة عن الثوابت    الرئيس المشاط: هذا ما ابلغنا به الامريكي؟ ما سيحدث ب «زيارة ترامب»!    تواصل فعاليات أسبوع المرور العربي في المحافظات المحررة لليوم الثالث    النفط يرتفع أكثر من 1 بالمائة رغم المخاوف بشأن فائض المعروض    الكهرباء أول اختبار لرئيس الوزراء الجديد وصيف عدن يصب الزيت على النار    الوزير الزعوري: الحرب تسببت في انهيار العملة وتدهور الخدمات.. والحل يبدأ بفك الارتباط الاقتصادي بين صنعاء وعدن    إنتر ميلان يحشد جماهيره ونجومه السابقين بمواجهة برشلونة    اسعار الذهب في صنعاء وعدن الثلاثاء 6 مايو/آيار2025    أكاديميي جامعات جنوب يطالبون التحالف بالضغط لصرف رواتبهم وتحسين معيشتهم    ماسك يعد المكفوفين باستعادة بصرهم خلال عام واحد!    ودافة يا بن بريك    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    لوحة بيتا اليمن للفنان الأمريكي براين كارلسون… محاولة زرع وخزة ضمير في صدر العالم    انقطاع الكهرباء يتسبب بوفاة زوجين في عدن    برشلونة يواجه إنتر وسان جيرمان مع أرسنال والهدف نهائي أبطال أوروبا    رسالة من الظلام إلى رئيس الوزراء الجديد    الثقافة توقع اتفاقية تنفيذ مشروع ترميم مباني أثرية ومعالم تاريخية بصنعاء    من أسبرطة إلى صنعاء: درس لم نتعلمه بعد    وزير الصحة يدشن حملات الرش والتوعية لمكافحة حمى الضنك في عدن    يادوب مرت علي 24 ساعة"... لكن بلا كهرباء!    صرخةُ البراءة.. المسار والمسير    متى نعثر على وطن لا نحلم بمغادرته؟    أمريكا بين صناعة الأساطير في هوليود وواقع الهشاشة    المصلحة الحقيقية    أول النصر صرخة    مرض الفشل الكلوي (3)    إلى متى سيظل العبر طريق الموت ؟!!    أطباء تعز يسرقون "كُعال" مرضاهم (وثيقة)    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    مقاومة الحوثي انتصار للحق و الحرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تحليل | تقارب ايراني سعودي مصري.. وفشل كارثي في اليمن
نشر في المنتصف يوم 07 - 09 - 2014

تناقلت وسائل الاعلام الأميركية قبل يومين تصريحات لوزير الخارجية الإيراني السيد محمد جواد ظريف قال فيها ان علاقات ايران مع السعودية تتعافى يوما بعد يوم مشيرا الى ( أن قطارها انطلق الى الأمام بعد ان وضعتها حكومتا البلدين على. السكة الصحيحة ) .
وقبل ذلك بأربعة أيام قال السيد علي اكبر ولايتي المستشار السياسي الأول للسيد علي خامنئي قائد الثورة الايرانية ومرشدها الاعلى (( ان انتصار الشعب الفلسطيني وصموده ضد العدوان الاسرائيلي الغاشم على قطاع غزة لم يكن يتحقق لولا دعم مصر)) ، مؤكدا في تصريحات وصفها الكثير من المراقبين والمحللين العرب والأجانب بأنها غير مسبوقة خلال استقباله وفدا اعلاميا مصريا في منصف الاسبوع الماضي (( ان الشعب المصري كان سباقا في دعم الفلسطينيين منذ ان بدأت القضية الفلسطينية وان الشرق الأوسط بدون مصر لا يساوي شيئا ، لأن الفراغ الذي تتركه مصر حين تغيب لا يمكن لأي دولة أن تملآه سوى دولة واحدة فقط هي مصر )) ، الأمر الذي دفع هؤلاء المراقبين ومن بينهم كاتب هذه السطور الى تفسير هذه التصريحات بأنها تعتبر مؤشرا قويا لتقارب مصري سعودي ايراني قد يقلب كل المعادلات السياسية وربما الامنية القائمة حاليا في المنطقة .
بوسعنا القول أن الزيارة التي قام بها للعاصمة الايرانية طهران وفد اعلامي مصري كبير يضم ممثلين عن صحف وقنوات مصرية عامة وخاصة في الأسبوع الماضي، لا يمكن ان تأتي من قبيل الصدفة، كما أن استقبال هذا الوفد من قبل السيد ولايتي المستشار الاهم للمرشد الاعلى والسيد حسين الدين اشتاه مستشار الرئيس حسن روحاني لشؤون الاعلام خطوة مقصودة ، ناهيك عن ان تركيز المستشارين على التأكيد بأن انتصار الشعب الفلسطيني وصموده ضد العدوان الاسرائيلي على غزة لم يكن يتحقق دون دعم مصر، رسالة جرى اختيار كل كلمة فيها بعناية فائقة للرد على مواقف تركيا وقطر وخالد مشعل والاخوان المسلمين التي اتهمت السلطات المصرية الحالية بالتواطؤ مع هذا العدوان، وممارسة ضغوط على الوفد الفلسطيني المفاوض لتقديم تنازلات والقبول بالمبادرة المصرية لوقف اطلاق النار .
في هذا السياق كتب الصحافي المعروف عبدالباري عطوان في صحيفة ( رأي اليوم ) الألكترونية قائلا : ( نحن امام حلف جديد يتبلور في المنطقة، يضم ايران ومصر والمملكة العربية السعودية والامارات العربية المتحدة والاردن، يأتي مزيجا غريبا وغير مسبوق بين اعداء لدودين حتى قبل بضعة اشهر مثل ايران من ناحية والمملكة العربية السعودية والامارات من الناحية الاخرى في مواجهة المحور التركي القطري الإخواني حتى الآن على الاقل ) .
من نافل القول أن حدوث هذا الانقلاب في المعادلات السياسية في المنطقة يعود بالدرجة الاولى الى صعود خطر ما تسمى ( دولة الخلافة الاسلامية ) التي بشر بها عبد المجيد الزنداني المرشد الروحي للإخوان المسلمين في اليمن، بواسطة شريط فيديو وتناوله بالتحليل المستند الى الصوت والصورة برنامج مدارات عبر قناة (آزال) قبل ثلاثة أسابيع ، حيث بات خطر دولة الخليفة ابوبكر البغدادي القرشي يهدد جميع هذه الدول وحكوماتها وعلى رأسها المملكة العربية السعودية .
ثمة تساؤلات مشروعة تطرح نفسها حول الخطوة التالية لهذا التحالف الجديد وفي اي اتجاه ستكون، وماذا يمكن ان يترتب عليها من خطوات اخرى فرعية ؟
ا
لمثير للاهتمام ان وسائل الاعلام الأميركية أبدت إنزعاجا ملحوظا من موقف الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من الازمة السورية ، وعدم اتخاذه مواقف مناهضة للرئيس بشار الاسد وتأكيده في لقاء مع رؤساء تحرير الصحف المصرية في الشهر الماضي بأنه يقف على مسافة واحدة من النظام والمعارضة في سوريا لكنه تساءل مبتسما: هل يمكن لنا أن نعتبر الحماعات الاهابية متعددة الجنسيات معارضة سورية ومقاتلين من أجل الحرية ، حيث شكل هذا التساؤل المصحوب بابتسامة هادئة ( كلمة السر) الرئيسية التي جعلت طهران تتقارب مع مصر ورئيسها المنتخب عبدالفتاح السيسي .
الثابت أن الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل وأحد ابرز مستشاري الرئيس السيسي كان أول من وضع اللبنة الاولى في هذا التقارب عندما لعب دور الوسيط بين ايران والفريق اول السيسي حين كان وزيرا للدفاع، بعد الاطاحة بحكم الاخوان في مصر، وزار بيروت بدعوة من السيد حسن نصر الله زعيم حزب الله حيث التقى خلالها مسؤولين ايرانيين جاءوا خصيصا لمقابلته ، وتردد ان من بينهم مستشارين للسيد خامنئي وفي مقدمتهم علي اكبر ولايتي، بالاضافة الى السيد غضنفر ركن ابادي، السفير الايراني في العاصمة اللبنانية في حينها، وذلك في شهر (ديسمبر) من العام الماضي 2013م ، وقد أوضح الأستاذ هيكل للصحفين انه التقى السيد حسن نصر الله، وانه لا يستبعد تقاربا وشيكا بين مصر وايران، مؤكدا نه يؤيد هذا التقارب ويسعى له.
وكان الفتور في علاقة ايران مع حركة الاخوان المسلمين والرئيس مرسي خصوصا، قد وصل ذروته عندما اعلن (الرئيس المخلوع محمد مرسي) في اجتماع انعقد في مدينة نصر، بحضور الشيخ يوسف القرضاوي ، الجهاد ضد سورية واغلاق سفارتها في القاهرة قبل ثورة 30 يونيو الشعبية التي اطاحت بنظام حكم الإخوان المسلمين في مصر .
في الجانب الآخر تراقب اسرائيل بقلق شديد ملامح ظهور مثلث القوة الاقليمي الجديد حيث أكد تسيفى بارئيل المحلل الإسرائيلى في معهد دراسات الأمن القومي للكيان الصهيوني أن المعركة ضد تنظيم الدولة الإسلامية ( داعش ) ساعدت على التقريب بين دول الشرق الأوسط، ومن بينها مصر وإيران !!
وأشار بارئيل إلى تصريحات مساعد وزير الخارجية الإيراني أمير حسين عبد اللهيان وقوله (أن أمن إيران مرتبط بأمن مصر) موضحا ( أن هذا التصريح يعتبر شاذا حينما يأتى على لسان مسؤول إيرانى كبير) ، كما أشار المحلل الاسرائيلي الى أن أقوال "اللهيان" جاءت بعدها تصريحات مثيرة للدهشة أطلقها "على أكبر ولايتى" أكبر مستشارى خامنئي للشؤون السياسية أشاد فيها بدور مصر في دعم القضية الفلسطينية.
يقينا أننا أمام بداية ولادة مثلث أفليمي للقوة يتكون من مصر والسعودية وايران والذي كتبت عنه في منشور سابق على هذه الصفخة ووصفته بأنه يتشكل هذه الأيام بصورة هادئة وتدريجية حيث يعتقد قادة هذا المثلث اعتقادا راسخا انه لا يمكن هزيمة ( دولة الخلافة الداعشية ) بدون التعاون والتنسيق مع النظام في سوريا، وهذا يعني ان بقاء هذا النظام، ولو لفترة "طويلة " امر حتمي ، فيما جرى تكليف السلطات المصرية بالقيام بالتمهيد لهذا التنسيق والتعاون وفتح قنوات حوار مع النظام في دمشق.
سبق لي القول في منشور سابق على هذه الصفحة أن الأغبياء فقط هم الذين يتجاهلون بوعي أو بغير وعي مخططات وتوجهات المحور الامبريالي الأميركي البريطاني لتحويل اليمن الى ساحة مفتوحة لمواجهة مثلث القوة الاقليمي الجديد الذي يتشكل هذه الأيام تدريحيا في الشرق الأوسط بين مصر ودول مجلس التعاون الخليجي بقيادة المملكة العربية السعودية وايران ، بهدف حماية المصالح الاقليمية المشتركة لأطراف هذا المثلث الاقليمي القوي ، على خلفية الأبعاد الاستراتيجية لنطاقه الجيوسياسي الذي يضم ثلاثة مضائق وممرات حيوية للملاحة الدولية والنفط العالمي ، وهي مضيق هرمز وباب المندب وقناة السويس ، الأمر الذي يؤهل التعاون والتنسيق السياسي والاقتصادي والأمني بين أطراف هذا المثلث الإقليمي ، لأن يجعل من هذا المثلث قوة عالمية عظمى لمواجهة خطر الارهاب وحل المشاكل الإقليمية التي تهدد أمن واستقرار المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية والأزمات الساخنة في سوريا والعراق واليمن وليبيا، بعيدا عن التدخلات والأطماع الإمبريالية للمحور الأميركي البريطاني في النظام العالمي الراهن .
ولا ريب في أن الاجتماع الذي تم في الرياض منتصف شهر أغسطس المنصرم ، لوزراء خارجية كل من مصر والسعودية والامارات ومستشار وزير خارجية الاردن، والزيارة المفاجئة لنائب وزير الخارجية الايراني السيد أمير حسين عبد اللهيان قبلها، كانا تمهيدا للتحالف الجديد وانعكاسا لحدوث انقلاب وتغيير في الاولويات ، التي انتقلت من اسقاط النظام السوري الى فتح قنوات حوار معه ، والتركيز علىالأخطارالناجمة عن دولة الخلافة الاسلامية التي بشر بها الشيخ عبدالمجيد الزنداني ثم أعلن عن قيامها في سوريا والعراق بعد اسبوعين الخليفة ابوبكر البغدادي القرشي .( مرفق نسخة شريط فيديو للزنداني بالصوت والصورة ) .
ويبدو من خلال تصريحات الرئيس عبدربه منصور هادي المكروره والمستنسخة (حول ايران ومخاطرأطماعها الاقليمية ) أن أعضاء فريقه السياسي ومستشاريه الجهابذة لم يرصدوا هذه التحولات ولم يخبروه بأن دولة الخلافة الاسلامية التي كان المرشد الروحي للإخوان المسلمين في اليمن أول من بشر بها ، ساعدت على التقريب بين العدوين التاريخيين السعودية وايران، وكسرت جمود العلاقة بين القاهرة وطهران، واستدرجت امريكا جزئيا وربما كليا الى رمال الشرق الاوسط الملتهبة، وقلبت كل المعادلات القائمة ، وافرزت مثلثا جديدا للقوة في الشرق الأوسط يجمع دولا في ما يسمى (معسكر الممانعة ) مع اخرى في ما يسمى (معسكر الاعتدال ) !!
أعتقد أن قراء هذا المنشور سيتساءلون وهم على حق في ذلك عن سبب افتتاحه بفقرة تتعلق بالتلميح الى تقارب محتمل بين ايران والسعودية ، بينما ذهبت بقية الفقرات الى تسليط الضوء على توقعات بقيام تقارب مصري ايراني سعودي في مؤشر على ولادة مثلث اقليمي جديد للقوة في الشرق الأوسط بين مصر والسعودية وايران ، وسبق لي الحديث عنه في منشور سابق غلى هذه الصفحة !!
عطفا على مقدمة هذا المنشور تداولت وسائل الاعلام العربية والعالمية يوم الجمعة الماضية تصريحات لوزير الخارجية الإيراني، محمد جواد ظريف أكد فيها على وجود ( مصالح كثيرة تجمع إيران والمملكة العربية السعودية ، وفي مقدمتها محاربة جماعات وحركات التكفير والتطرف والإرهاب التي تهدد جميع دول وشعوب المنطقة).
ووفقا لما نشرته وكالة "الأناضول" للأنباء فقد أشار ظريف في مؤتمر صحفي يوم الجمعة الماضية أثناء لقائه بنظيره الفلندي "إركي توميوجا" في العاصمة الإيرانية طهران، إلى تحسن علاقات بلاده مع الرياض، بعد لقاء نائب وزير خارجية إيران أمير حسين عبد اللهيان بوزير الخارجية السعودي سعود الفيصل في الرياض ، مشيرا الى (أن العلاقات السعودية الايرانية تتعافى يوما بعد يوم ، وأن قطارها انطلق الى الأمام بعد ان وضعتها حكومتا البلدين على السكة الصحيحة) . وتجدر الإشارة إلى أنَّ الزيارة التي قام بها عبد اللهيان للعاصمة السعودية الرياض الأسبوع الماضي تعدُّ الأولى من نوعها، منذ تولي "حسن روحاني" رئاسة إيران .
وفي السياق ذاته لفت ظريف إلى إمكانية لقاء نظيره السعودي في اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بمدينة نيويورك في شهر سبتمبر المقبل، وأبدى استعداده للقيام بزيارة رسمية إلى الرياض، وامتنانه الكبير في حال زيارة وزير الخارجية السعودي لطهران .
قد يقتنع القارئ الكريم بهذا التوضيح لما جاء في مقدمة هذا المنشور ، وعلاقتها ببقية فقراته ، ولكن من حقه أن يتساءل مرة أخرى عن علاقة المتغيرات التي تحدث في العلاقات بين دول مثلث القوة الاقليمي الجديد في الشرق الأوسط بالخطاب السياسي التقليدي للرئيس عبدربه منصور الذي يهاجم ايران بمناسبة وغير مناسبة ويراهن على تحريض دول المنطقة ضد ايران وتحذيرها من ( أطماعها الإقليمية ) في ضوء ما تشهده بلادنا من أزمات وتجاذبات واستقطابات اعتاد الرئيس عبدربه منصور هادي غلى اتهام ايران بالوقوف خلفها.
تأسيسا على ما تقدم يقع على كاتب هذه السطور واجب الرد على هذه التساؤلات، الأمر الذي يستوجب التذكير بالمزاعم التي تم الترويج لهاعلى نطاق واسع وبدون عرض أو نشر أي أدلة مادية من قبل وسائل الاعلام الرسمية ووسائل اعلام حزب التجمع اليمني للاصلاح الذراع السياسي للاخوان المسلمين في اليمن، بالاضافة الى مجموعة المواقع الهزيلة التي يموّلها ويوجهها جلال هادي ، بشأن اكتشاف مؤامرة انقلابية مزعومة كان يخطط لها الرئيس السابق علي عبدالله صالح ، ما أدى الى قيام الحرس الرئاسي باغلاق قناة ( اليمن اليوم ) التي كانت ستذيع البيان الأول للانقلاب المزعوم ، ومحاصرة ( جامع الصالح ) الذي كان بمثابة ثكنة حربية تحتوي على أنفاق تحت الأرض وأسلحة ثقيلة للهجوم على دار الراسة وتنفيذ الانقلاب ، وصولا الى إدعاء رئيس الوزراء محمد سالم شعلان الملقب ب (باسندوة) في حديث متلفز أذاعته فناة ( دبي ) بأن الرئيس السابق هو الذي افتعل أزمة المشتقات النفطية كذريعة لتنفيذ انقلاب كان الهدف منه اعتقال رئيس الحمهورية ورئيس الوزراء والانقلاب على نظام الحكم بدعم من قوى خارجية وداخلية ، نافيا وجود أزمة مشتقات نفطية ، فيما أعلن لاحقا أمام مجلس الوزراء انه ضبط مكالمة هاتفية بين الرئيس السابق وزعيم (الحوثيين) بحسب تعبيره لإثارة فوضى في البلاد دون أن يقدم دليلا واحدا على صحة مزاعمه !!
ومن الواضح ان النفق المظلم الذي دخلت فيه البلاد هو محصلة لعقلية تآمرية متخلفة تفتقر الى أبسط معايير الخيال السياسي والخبرة والكفاءة في إدارة شؤون الحكم والمهارة في ضبط مفاعيل صراع الإرادات والتناقضات ، الأمر الذي أوصل البلاد الى درك الفوضى والافلاس المالي والانهيار الاقتصادي والانفلات الأمني والحروب الداخلية والإنكشاف التام أمام الوصاية والتدخلات الأجنبية.
ويبدو أن الفريق السياسي الذي يساعد الرئيس هادي في إدارة الأزمات لا يزال يفكر بعقلية سياسية تآمرية ساذجة ومتخلفة تضع رئيس الجمهورية في مأزق لا يكاد يخرج منه حتى يجد نفسه في مأزق آخر جديد ، حيث فاجأتنا شبكة المواقع الاخبارية التي يموٍّلها ويُديرها جلال هادي بنشر خبر مضحك في الساعة السادسة من مساء اليوم السبت الموافق 6 سبتمبر 2014 قبل ساعات من الآن يعنوان واحد وصيغة واحدة ما يدل على أنها صدرت من مطبخ واحد ، بالتوازي مع سيولة إعلامية مكثفة في وسائل الاعلام الرسمية أثناء تغطيتها لفقرات مختارة من كلمة رئيس الجمهورية التي ألقاها صباح اليوم أمام عدد من مشائخ القبائل الموالين لحزب (الاصلاح) ، اتهم فيها ايران كعادته بالتدخل في الشؤون الداخلية .
وبموجب الطبخة الجديدة للفريق السياسي والاعلامي المحيط بالرئيس هادي علمت هذه المواقع من مصادر وثيقة الاطلاع انه جرى خلال اليومين الماضيين تشكيل مجلس اعلى للثورة الاسلامية في اليمن على غرار المجلس الآعلى للثورة الايرانية الذي تأسس في طهران عقب الثورة التي قادها الخميني عام 1979م .
واوضحت المصادر التي نقلت عنها مواقع جلال هادي الاخبارية ذلك الخبر ان تأسيس المجلس تم برعاية مؤسسة آل البيت في طهران والتي تقوم بإدارة ايرادات المزارات الدينية والاولياء في ايران .
واشارت المصادر الى ان المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في اليمن يتكون من (14) شخصية (7) منها رجال دين وعلماء والسبعة الآخرين سياسيين مقربين من قائد الحركة الحوثية آية الله عبدالملك بن بدر الدين الحوثي .
واكدت المصادر ان عملية تشكيل المجلس تمت في ظل غياب عدد من قيادات المجلس السياسي لمايسمى ب انصارالله وفي ظل تعتيم اعلامي مطبق بسبب خلافات تدور بين تلك القيادات مع الحوثي الصغير ورفضهم مايسمونه استنساخ التجربة الايرانية المتقاطعة مع خصوصية المجتمع اليمني وواقعه السياسي . وبسبب جهل كاتب الخبر باللغة العربية لم يفطن الى خطأ استخدام كلمة (المتقاطعة) بمعنى (المتعارضة) لأن التقاطع هو نقطة ( التقاء ) بين طرق مختلفة .
وبحسب هذا الخبر البائس نوهت المصادر الى ان المجلس المتكون من (14) شخصا يرتبط بعبد الملك الحوثي كمرشد اعلى منح نفسه صلاحيات المرشد الاعلى للثورة الايرانية الاسلامية علي خامنئي .. ويتكون من المجلس الاعلى للثورة الاسلامية في اليمن والذي سيتم الاعلان عنه رسميا خلال الايام القليلة القادمة من الاسماء التالية:
1- سهيل بن عقيل
2- د.المرتضى بن زيد المحطوري
3 عدنان الجنيد
4 - مبخوت كرشان .
5- مختار الضالعي
6- محمد الباشق
7 القاضي احمد عقبات
8- قيادي مؤتمري .
9- قيادي اشتراكي
10- قيادي من جبهة انقاذ الثورة
11- قيادي من التنظيم الناصري
12-قيادي من البعث السوري
13- قيادي من حزب الحق
14 - قيادي مؤتمري .
مما له دلالة ان الصحافي السعودي الكبير عبدالرحمن الراشدوالمقرب من دوائر صنع القرار بالمملكة العربية السعودية ، فاجأ الحميع في منتصف شهر يونيوالماضي ، بنشر مفال يتضمن رسائل مهمة عبرصحيفة ( الشرق الأوسط ) الدولية السعودية ، بالتزامن مع حديث ( الانقلاب المزعوم ) واتهام قوى خارجية بدعم نلك المحاولة التي أفشلها الحرس الرئاسي بعد قيامه باقتحام واغلاق قناة ( اليمن اليوم ) بطريقة فاشية وهمجية ، ومحاصرة ثكنة وأنفاق جامع ( الصالح )التي سخر منها ولم يصدقها سفراء الدول العشر الذين اعتاد الرئيس غبدربه منصور هادي على الاجتماع بهم لتمرير خبر رسمي بصورة دورية يفيد بأنهم ( أعربو عن دعمهم للرئيس هادي وتأييد قراراته وإجراءاته) لكن ذلك لم يحدث هذه المرة !!؟؟
وتعميما للفائدة يسرني أن أعيد نشر مقال الصحفي السعودي عبد الرحمن الراشد والذي يعتبر أفضل رد على تلك التساؤلات الافتراضية .
يقول الراشد في تلك المقالة الهامة :
( في أكثر من مناسبة ، ردد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي اتهاماته لإيران بأنها وراء الاضطرابات الكبيرة في اليمن، ولامها على سقوط مدينة عمران التي تعتبر مفتاح العاصمة صنعاء. ولا يوجد لدي شك في أن إيران من القوى النشطة في اليمن، بالمال والسلاح، لكنه عذر لا يبرر فشل القيادة وهزائم الجيش، وترك الدولة تترنح على شفير الانهيار .
الوضع في اليمن يتطلب زعيما ، لا مجرد رئيس حل وسط.. الذئاب تحاصر الرئيس هادي بين قبائل غاضبة، وحوثيين، وقاعدة، وإصلاح، وجنوبيين انفصاليين، وأنصار الرئيس السابق . لا توجد دولة في العالم فيها هذا الكمّ من الأعداء، وكلهم تضافروا لهدم الدولة اليمنية ، يشمون عجز القيادة الحالية ، ويرون الدولة تترنح على وشك السقوط .
لا يستطيع أن يضع الرئيس هادي كل اللوم على إيران، بل على فريقه السياسي الذي عجزعن جمع الفرقاء، والاستفادة من جهود مبعوث الأمم المتحدة، لتضييق الهوامش. لم يقدم حلولا واقعية ، أو ينجح في تضييق الخلافات. وليس عجزه عن إقناع الأصدقاء والخصوم هو القصة الوحيدة، بل أصبحت إدارته محط انتقادات واسعة ، وسمعته كذلك ، وهو مع الوقت يخسر ما تبقى من أصدقائه بسبب عجزه السياسي والعسكري والشخصي . الانتقادات تتصاعد ضد ترك هادي أولاده يتدخلون في إدارة الدولة. قال أحدهم: « لقد أردنا الخلاص من نظام علي عبد الله صالح لا ليأتينا صالح آخر».
دخول أولاده على خط الحكم أمر سيرفضه اليمنيون، ولو كانت المنافسة بين الأبناء، فإن الكثيرين سيختارون الابن الأكبر للرئيس السابق علي عبد الله صالح. فقد عرف أحمد شخصا محترما، ولعب دورا إيجابيا في العملية الانتقالية .
وبعيدا عن رأينا في تفاصيل البيت الرئاسي، فإن الخطر تعاظم أكثر من أي زمن مضى، ولا نعرف زمنا بلغ فيه اليمن حالة التفكك والاقتتال كما نراها اليوم، حتى بمقارنته بأيام حرب الإمامة مع انقلابيي الثورة في الستينات، وصراع الشطرين في الثمانينات والتسعينات، وحتى ذروة الثورة على نظام صالح قبل عامين . الأزمة تتطلب من دول المنطقة والقوى الدولية والقيادات اليمنية ألا تسمح بسقوط اليمن، بعد أن كانت قبل عامين تتطلع مع غالبية الشعب اليمني إلى دولة حديثة جديدة مستقرة ).
في الختام أود التأكيد على أن جميع المعلومات والوقائع الواردة في هذا التقرير الاخباري التحليلي ليست من من صنع الخيال ، ولم أفترضها ولا أفرضها ، ولكني فقط أعرضها عليكم للتعامل معها بالعقل الذي يعتبر أعظم هبة حصلنا عليها من رب الناس مالك الناس .
وآخر دعوانا : ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا
ربنا لا تُحمّلنا ما لا طاقة لنا به واعفو عنا واغفر لنا وارحمنا .
ربنا لاتزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة انك أنت الوهاب .
حفظ الله اليمن
*الصحفي والكاتب اليمني المعروف ورئيس المركز الإعلامي للمؤتمر الشعبي العام
من صحفة الكاتب على فيسبوك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.