تعقدت الأوضاع في الوطن العربي ولا أمل يلوح في الأفق لحل أكبر أزمة تمر بها الأمة العربية منذ سنوات الاستقلال، فاشتعال 4 جبهات بدءاً من العراق وسوريا واليمن وليبيا، واضطراب دول مثلها، يعني تراجع هذه الدول إلى قرابة 100 سنة وتأخرها عن التطور والتعليم والبناء والتنمية وتأهيل البشر، وهذا يمثل أزمة فكر وأزمة حكم وإفلاس في الإرادة العربية التي أضحت اليوم منشغلة في همها الداخلي. طوال السنوات الماضية التي شهدت هذه الدول اضطرابات أججت فيها مشاعر العداء بين أبناء البلد الواحد، توقع الإنسان العربي البسيط أن يكون هذا الوقت وقت الجامعة العربية، ودورها في إيجاد حلول لما يحدث وتوفير تلك الحلول من العدم، بالحياد والسعي الدؤوب لإقناع الأطراف بالحلول دون كلل أو ملل.
وتوقعنا أن يكون الدور أعظم وأكثر حركة بحجم الكارثة التي نمر بها، وبحجم ما أصابنا من تشتيت وتقسيم دول وتفتتها إلى دويلات تتحول إلى متناحرة وإلى طوائف وإثنيات، وتوقعنا أن كل السنوات الأربع الماضية بدءا من 2011 بأن الجامعة العربية تبحث عن حلول واقعية تقرب بين الأشقاء في الدولة العربية الواحدة، إلا أن انتظار المواطن العربي لنجاح دور الجامعة العربية قد طال، ولم يتحقق له شيئا من تلك المحاولات، التي كان يعتقد أنها تقوم بها، وبذلك يعني انكشاف الغطاء عن هذه الدول التي فقدت السند الذي يعضدها ويبحث لها عن حلول يعيد لها استقرارها ويحافظ على وحدتها وتنميتها ويحفظ أرواح أبنائها، ويتحاور مع الجميع لوضع حل لمشكلة تنازع السلطة فيها.
غابت الجامعة عن الدور المطلوب أو المفروض أن يكون، وغابت معها الهمة العربية التي تعيد الأوضاع إلى طبيعتها سواءً في العراق وسوريا واليمن وليبيا وتناحر الأشقاء وقتل بعضهم البعض، وجلبوا لهم آخرين من خارج الحدود، فدمرت الديار، وأنهكت الموارد..وقتل الأبرياء وطحنت الإرادة واستقوى الأشقاء بالغرباء، وارتفع منسوب الدم الذي سال على الأرض، وغابت القوانين والتشريعات، وسيطرت لغة الغاب على كل من يحكم أو يتحكم في بقعة أرض وأن كانت لأمتار.
وقد يظن بعض القادة العرب الذين تنعم دولهم بالرخاء والاستقرار أن الشرر لن يصلهم والمخاطر بعيدة عنهم، وأن مجتمعات أوطانهم محصنة متماسكة وأن دولتهم ليست كالدول التي تعرضت لتلك الأحداث، بل هي أكثر قدرة على مواجهة المخاطر، وهذا وهم قيل لنا من قبل. [email protected] –