جيد ان يسارع مجلس تنسيق المقاومة في تعز إلي إدانة اية جرائم ترتكب ضد اسري او قتلي، وإعلان عزمه علي احالة المجرمين إلي الجهات المختصة. على ان المجلس لم يكن مضطرا في بيانه إلي الصاق الجرائم بعناصر مدسوسة او خلايا نايمة، كما جاء في بيانه. فهذه الحيل اللفظية اختصاص الانظمة القمعية لا الجماعات التي تنتسب الي "المقاومة". إذ ان الإحالة علي مدسوسين وخلايا نايمة تخلق انطباعا بعدم الجدية، وتشوش علي الغرض المنشود من البيان. *** الجريمة الشنعاء التي حدثت في عاصمة الثقافة اليمنية، مدينة تعز، لا يمكن تبريرها أيا يكن الضحية وأيا يكن الجاني أو الجناة. وهذه الحرب الداخلية_ الخارجية، هي نتيجة فشل مسار سياسي وغياب مشروع وطني، غياب وفر ارضية لجماعات ما دون وطنية بصرف النظر عن شعاراتها الدينية والوطنية. واستدرك سريعا قبل ان يشن الموتورون والمتوترون، بالتشديد علي ان من غير المساواة ان نساوي بين الرؤوس التي اخفقت وبين الرؤوس التي شنت الغزوات وجردت الحملات في مغامرة جنونية استهدفت استحياء نماذج من قرون غابرة. ليس من المساواة ان نساوي بين من فشل بالسياسة، وبين من استثمر الفشل لإخضاع اليمنيين بالسلاح، فشن حروبه الاجتياحية علي المحافظات من دون اي اعتبار لمخاطر سلوكه المسلح علي السلم الاهلي والوحدة الوطنية. من دون تبرير أية جريمة، يجب القول مجددا، ودائما، ان غياب مشروع وطني جامع هو السبب الأول لانحباس قطاعات واسعة من السكان داخل ابنية عصبوية واحتشاد بعضهم، بالتعصب او بالاضطرار، تحت رايات ايديولوجية وجهوية. هذا يستدعي فهم ما جري، لا تبريره، ويستلزم تكريس ثقافة وطنية تقدمية بدءا من المحافظات الخاضعة رسميا لسلطة "الشرعية"، ويستوجب اعمال الحكمة وإعلاء التسامح من اجل مستقبل مغاير لليمنيين جميعا. تعزالمدينة هي عاصمة الثقافة اليمنية، بالحق قبل القرار الرسمي. وتعز المحافظة أكبر من مجرد محافظة يمنية، فهي بالدور وبالاستحقاق قلعة الوطنية اليمنية التي تواجه، راهنا، اخطر تحد منذ نصف قرن. وتعز مؤهلة لأن تواصل رياديتها الثقافية ودورها الوطني من دون مركبات عظمة او عقد نقص، فتصير عاصمتها عاصمة لثقافة يمنية متجاوزة قيم القهر والاخضاع والعنف والثأر.