الفرق بين 26 سبتمبر اليمنيين و21 سبتمبر الحوثيين، خمسة أيام، لكن الفرق في حقيقة الأمر حصيلة تطور البشرية خلال الخمسة قرون الأخيرة على مستوى الحقوق والحريات والمواطنة المتساوية والعدالة الاجتماعية ونبذ التمييز والعنصرية. الحوثيون بإصرارهم على إجبار اليمنيين على التعطل والاحتفال بذكرى نكبة 21 سبتمبر، يميزون أنفسهم عن بقية أفراد الشعب، ويضعون أنفسهم في مواجهة كل اليمنيين، بمختلف انتماءاتهم المناطقية والفكرية والمذهبية. أنا متأكد أن يوم النكبة 21 سبتمبر سيشطب حتماً من سجلات الأيام الوطنية والعطل الرسمية في أقرب تسوية سياسية، فقط يحرج الحوثيون أنفسهم كما أحرجوا أنفسهم مع إعلانهم الدستوري، ولجنتهم الثورية، ورفض قرار مجلس الأمن، وعودة حكومة بحاح، وفي الأخير وافقوا على إلغاء إعلانهم ولجنتهم، وعلى تنفيذ القرار، وعلى عودة الحكومة، وتلك نهاية طبيعية لأي خطوات أحادية. من يراهني على أن هذا اليوم سيسقط حتماً من سجلات الأيام الوطنية اليمنية التي نتعطل فيها رسمياً ونحتفل بها كيمنيين، وسيبقى في سجلات الحوثيين لوحدهم؟ إصرار الحوثيين على هذا اليوم، إصرار على عزل أنفسهم عن بقية اليمنيين، وقرارهم باعتماده يوم عطلة وطنية، والاحتفال رسمياً به قرار سياسي غير موفق، لأن هذا اليوم حتماً سيشطب، فلن تقبل الأطراف الأخرى ولن تخضع لإرادة طرف واحد يسعى لإجبارهم على الاحتفال بيوم لا يشعرون أنهم جزء منه إلا على اعتباره نكبة حلت باليمن كوطن وباليمنيين كشعب، وعندما يشطب هذا اليوم من سجلات العطل الرسمية والأيام الوطنية سيجبر الحوثيون على القبول بإلغائه فإن معنى ذلك قبولهم بإلغاء شرعية ثورتهم، والاعتراف بأن ما قاموا به انقلاب، وهذا سيحملهم وزر كل ما حل باليمن وباليمنيين منذ ذلك التاريخ، وهذا ثمن طبيعي سيجبرون على دفعه نتيجة لافتقارهم لأي خبرة سياسية، وضربهم عرض الحائط بكل النصائح والتحذيرات التي قدمناها لهم في أكثر من عشرة مقالات، وكنا فيها صادقين معهم. متى ستتوقفون عن الخطوات الأحادية التي سرعان ما تجبرون على التنازل عنها؟ هذا هو السؤال الذي نطرحه على الحوثيين، فإجابتهم عليه ستبين لنا مدى تطورهم السياسي والخبرة التي اكتسبوها من لحظة انقلابهم حتى اللحظة. أتمنى أن يتوقفوا، فالمزيد من الخطوات الأحادية تعني المزيد من العزل لهم، وبأيديهم.