(لطائف) كثيراً ما نقرأ العبارة على تلك الأبواب الحديدية الموصدة التي تتسرب قضاياها إلى أروقة المحاكم وتخلد تفاصيلها إلى النوم في أحضان القضاة الذين لا يخافون في مؤمنٍ إلاً ولا ذمة! وكثيراً ما نسأل أنفسنا عن أبواب أخرى مُشرعة تختبئ خلفها الشبهات ولا تطالها يعد القانون لا من قريب ولا من بعيد. والإجابة دائماً ما تكون مشوبة بعلاقات سرية ووجاهات ذات حصانة وأشخاص ينتمون لجهات عليا لا يمكن الوصول إليها. مؤخراً، وفي تعز تحديداً، تم إغلاق بعض الصيدليات وإطلاق شائعات حول حملات مداهمة واسعة سيتم من خلالها الكشف عن الأماكن والأشخاص المشتبه بهم في قضايا ترويج المخدرات والخمور المهربة.. ولكن تم، أيضاً، التغاضي عن جرائم قتل وشرف وانتهاك كانت المخدرات والخمور سبباً رئيساً في حدوثها، وكانت الوساطة والحصانة والمحسوبية أسباباً ملتوية لتمويه تفاصيلها وتشويه آثارها، وبالرغم من هذا كله ستظهر الحقيقة وسيكون الخزي هو القناع الذي سترتديه هذه الوجوه في الدنيا والآخرة. ما يجب أن يُغلق هو تلك المحال التجارية التي تتخذ من مختلف السلع الاستهلاكية واجهة لتمارس خلف جدرانها أنواعاً أخرى من التجارة اللا أخلاقية واللا إنسانية. ما يجب أن تغلقه المحكمة تلك المدارس التي أصبحت تتخذ من عقول الصغار بأدمغتهم الطاهرة النقية مواداً خامة لتجارة جديدة تقوم على أساس تغيير بنية الجيل متغاضية عن قيم أساسية كثيرة ترى فيها نوعاً من الرجعية والتخلف عن المواكبة. ما يجب أن تُغلق هي تلك القنوات الإلكترونية العابثة التي عزلت الفرد عن قضايا مجتمعه الأسري والمحلي والوطني بشكل عام، تلك القنوات التي وإن أحدثت التواصل السطحي بين الناس إلا أنها تسببت في إبقاء العلاقات الفطرية في دائرة الواجب وحصرتها في زاوية الممكن، وعلى إثر ذلك ظهرت في مجتمعنا مشاكل أسرية واجتماعية من نوع آخر لم نألفه من قبل. ما يجب أن تُغلق فعلاً هي محاكم لا تحكم بما أنزل الله، ودوائر حكومية لا تقدم أي خدمة للمواطنين إلا بمقابل حتى لو كان هذا المقابل هو كل ما يملك هذا المواطن أو ذاك. ما يجب أن يُغلق هو الجمعيات الخيرية التي تجوب أصقاع الأرض باسم أوجاعنا ونكباتنا وأزماتنا ثم تقتات بما تجود به أيدي الناس متذرعة بقوله تعالى: (والعاملين عليها). ما يجب أن تُغلق هي تلك الأبواب التي لا تأتي من خلفها إلا الفتن والمحن والبلايا العظام.. هناك أبواب كثيرة لو أنها أغلقت لكان خيراً وأعظم أجراً، لكن كيف نستطيع أن نتحدث عن إغلاقها ونحن نعلم أن خلفها ألف سجن وألف قيد وألف جلاد؟!! * صحيفة "المنتصف"