بعد ستة أعوام من شروع إسرائيل بمؤامراتها الصهيونية على يهود اليمن، فتحت فضيحة وصول أسرة سعيد النهاري إلى إسرائيل ملف أسرار الخديعة التي استدرجت بها طائفة (الساتمار) اليهودية المتطرفة عوائل يمنية إلى نيويورك لتلقي بها في جحيم الاستبداد اليهودي الذي يستحيل الانفلات من قبضته بغير الارتماء في أحضان إحدى الوكالات الصهيونية المتنفذة في الولاياتالمتحدة التي تكفل لتلك العوائل التهريب إلى إسرائيل، شريطة الادعاء على اليمن وشعبها بأنهم كانوا يضطهدون اليهود، وينتهكون حقوقهم الإنسانية. وبحسب تصريح مسئول إسرائيلي ل "نيويورك ديلي نيوز" في 4/6 فإن (عائلة النهاري كانت من بين 70 عائلة يهودية تم تهريبها خلال الستة أعوام الماضية بمساعدة ناشطين في طائفة الساتمار المتطرفة دينيا)، وهو ما أكد فحوى تقرير سابق بيوم لصحيفة ال (ها آرتز) الإسرائيلية ذكرت فيه :( أن هناك 70 عائلة يمنية تم استدراجها من اليمن إلى نيويورك من قبل "الساتمار" قبل بضع سنوات خلت، بعد إقناعهم أنهم سيعيشون في مدينة "مونسي"). (ميخائيل لاندسبرغ) أحد المسئولين في وكالة ( من أجل إسرائيل) اليهودية يقول عن الطريقة التي تم استدراج تلك العوائل: (إن الساتمار وعدوهم بأن مدينة مونسي الأمريكية هي الأرض الذهبية). فيما ذكرت ( وكالة العمليات اليهودية)- الموصوفة بالمنظمة الأقدم التي تتعامل بالتهجير إلى إسرائيل: ( أن العوائل اليمنية تدعي أنها تلقت وعوداً من قبل طائفة الساتمار بأن يجدوا الحياة الذهبية في أمريكا) – بحسب صحيفة ( نيويورك بوست) يوم 4/6. إلا أن حقيقة الأمر كان مختلفاً، إذْ أن ما كان ينتظر تلك العوائل هو الواقع الذي وصفته ( داليا كبرنسكي) – الناشطة في (اتحاد الأسر اليمنية اليهودية في أمريكا) بقولها: ( إنهم كانوا في حالة مخيفة جداً)، مضيفة: (إنهم كانوا محاطين بطائفة "الساتمار" اليهودية المتطرفة، ومعزولين عن حياة المجتمع الأمريكي، وأن عائلة النهاري أخبرت باحثين اجتماعيين في الاتحاد بأنهم كانوا يعاملون كما الخدم الأذلاء). وأشارت أن نعمة النهاري أكدت لهم ( أن المشرفين على العوائل اليمنية من جماعة "الساتمار" أخذوهم إلى صندوق المساعدات المالية وأجبروهم على الادعاء بأنهم كانوا يلاقون معاملة قاسية ، ويضطهدون من قبل المسلمين في اليمن – كشرط لإعطائهم المساعدات المالية التي يعتاشون منها). أما ( إبراهام إسحاق) – رئيس الاتحاد – فيذكر ل "نيويورك ديلي نيوز" : ( إنني عندما زرت عائلة النهاري وجدتهم يعيشون في أوضاع غير إنسانية.. إنهم كانوا ممسوكين كرهائن- من الناحية العملية). ويضيف "إسحاق": (أن الساتمار وعدوهم بالأرض الذهبية، لكن يهود اليمن وجدوا أنفسهم في واقع مزري للغاية). وعلى ما يبدو أن ما آلت إليه العوائل اليمنية من وضع كان دائرة نشاط أقدم المنظمات الصهيونية (وكالة العمليات اليهودية) التي عملت على استغلال تلك الظروف، وإغراء العوائل المخدوعة ، الواقعة تحت نير التطرف اليهودي بالتهريب إلى إسرائيل. يقول سعيد النهاري- رب أسرة مؤلفة من 12 نسمة – ل"نيويورك بوست" : ( اضطررت للاتصال بالوكالة اليهودية على أساس أن تخلصنا من الساتمار المتطرفين). ويعلق "يوسي شراقة" أحد العاملين بالوكالة: (لقد حاولنا تهريب العائلة إلى إسرائيل قبل عدة أشهر- في سبتمبر الماضي- لكن على ما يبدو أن الساتمار المتطرفين كشفوا أمرنا فأحالوا دون ذلك)، معللاً سبب الإخفاق ب ( قبل مغادرة العائلة لمدينة "مونسي" بساعتين اختفى "علياهو" البالغ ثمان سنوات مما اضطر "سعيد"، وزوجته "نعيمة" إلى إلغاء الرحلة). وأضاف: (لكننا تعلمنا الدرس، وفي هذه المرة تعاملنا مع الأمر بمنتهى السرية، حيث أخبرنا "نعمة" - زوجة سعيد النهاري البالغة (47) عاماً- بأن تخبر "عليّاهو" وثلاثة من أخواته الصغيرات بأن يرتدوا الزي المدرسي، ويحملوا الحقائب المدرسية، وأن تضعهم في مركبة مع أخيهم "يوسف" البالغ من العمر 20 عاماً ، من أجل تضليل الجيران). . ويكشف تقرير "نيويورك بوست" سر الدور الأمريكي في تهجير اليهود إلى إسرائيل ، إذ تنسب إلى مسئول إسرائيلي: (إن العائلة عندما وصلت الولاياتالمتحدة لأول مرة لم تكن تمتلك جوازات سفر، وتمت معاملتهم كلاجئين، لكن الوكالة اليهودية مهدت الطريق لهم مع دائرة الهجرة في الولاياتالمتحدة لتسهيل مسألة مغادرتهم البلد). أما بشأن طبيعة ارتباط العملية برمتها بالصهيونية ، فيأتي في إطار طبيعة الصراع اليهودي – اليهودي القائم. فطائفة الساتمار المتطرفة عقائدياً عندما كانوا يحمّسون العوائل اليمنية عبر برامجهم الدعائية لاستدراجهم إلى نيويورك ، (كانوا يقنعونهم بأنهم لا ينبغي عليهم الهجرة إلى إسرائيل لأنها دولة علمانية وليست دولة يهودية). وتضيف ال"نيويورك بوست": (إن طائفة الساتمار معادية للصهيونية ولا تعترف بالدولة الإسرائيلية الحديثة، وتعتقد أن من غير الممكن إقامة الدولة اليهودية البديلة ما لم يعود المسيح). لكن "ها آرتز" الإسرائيلية ذهبت يوم 4/6 إلى تأكيد الهدف الصهيوني من وراء تهريب العوائل اليمنية اليهودية إلى إسرائيل. فقد نقلت عن مصدر بالوكالة اليهودية التي تتولى عملية التهريب استيائه الشديد من جراء قيام شركة "العال El Al" الإسرائيلية للطيران بإلزام "نعمة النهاري" بدفع غرامة (250) دولار أمريكي عن زيادة وزن الأمتعة، متسائلاً:( أهكذا ترحب الخطوط الجوية الوطنية الإسرائيلية بالمهاجرين الجدد الواصلين إلى البلد؟)، ثم يضيف مسئول في الهجرة بمطار "بن غوريون" : ( بدلاً من أن تلعب دوراً في المشروع الصهيوني وتخلّد وصول المهاجرين من العائلة القادمة من اليمن إلى البلد ، اختارت "العال" أن تحرج العائلة ، وتطالبها بدفع غرامة عن حقيبتي سفر إضافيتين). وفي ظل هذا المشروع الصهيوني الذي استهدف يهود اليمن بدءاً من العام 1997م وحتى عشاء يوم الأربعاء الماضي- الذي وصلت فيه نعمة النهاري مع خمسة من أبناءها إلى إسرائيل- تتجلى حقائق المؤامرة الصهيونية وتنكشف أسرار الحملة التي يدّعي فيها اليهود أنهم أُضْطهدوا في العالم الإسلامي، وصودرت كل حقوقهم. وفي الوقت الذي فضحت فيه "نعمة النهاري" حقيقة الضغوط التي مورست على أسرتها للإدعاء بالاضطهاد في اليمن مقابل لقمة عيش أبناء أسرتها، أكدت "نيويورك ديلي نيوز" في مطلع تقريرها : (إن اليهود الستة القادمون من اليمن إلى إسرائيل- تقصد أسرة النهاري- يدّعون أن ما حصل كان رغماً عن إرادتهم). وختاماً فإن أسرة سعيد النهاري التي قوامها 12 نسمة لم تسافر كلها إلى إسرائيل، وإنما سافرت الأم وخمسة من أطفالها فقط ، فيما ظل البقية في تلك القرية الصغيرة الرابضة في "مونسي" بنيويورك ، يتجرعون ظلم اليهود المتطرفين ، ويأملون اللحاق بمن سبقهم إلى إسرائيل- ليس لشيء- سوى هرباً من الظلم ، وجمعاً لشمل العائلة.