تطورات دراماتيكية شهدتها العلاقات اليمنية الإيرانية الأيام الماضية علي خلفية ضبط صنعاء شحنة ضخمة من الأسلحة قادمة من إيران قرب السواحل اليمنية, تمثلت هذه التطورات في استدعاء السفير الإيراني، وطلب تفسير عاجل من بلاده كما عقد وزير الداخلية اليمني ورئيس جهاز الأمن القومي مؤتمرا صحفيا لكشف تفاصيل الشحنة التي لم تكن الأولي, فضلا عن دخول مجلس الأمن علي خط الأزمة من خلال طلب اليمن مساعدته في التحقيق في شحنة الأسلحة الإيرانية. ويؤكد مراقبون في صنعاء أن القيادة اليمنية تفضل عدم قطع شعرة معاوية مع طهران رغم الضغوط الدولية عليها لاتخاذ خطوات أكثر من الاستنكار والشجب قد تصل إلي قطع العلاقات الدبلوماسية وطرد السفير, لكن لهجة صنعاء في التعاطي مع شحنة الأسلحة الأخيرة كان أعلي من وقائع سابقة من خلال تصريحات لوزير الخارجية اليمني الدكتور أبو بكر القربي والذي شدد علي أن بلاده لن تكون مجالا لحروب بالوكالة علي أراضيها في إشارة إلي الصراع الإيراني الأمريكي في المنطقة والخلافات بين إيران ودول الخليج. وجاء كشف وزير الداخلية اليمني عبدالقادر قحطان عن أن شحنة الاسلحة التي ضبطت مؤخرا علي متن السفينة جيهان1 في المياه الاقليمية اليمنية بمحافظة المهرة كانت قادمة من إيران وتحمل علي متنها صواريخ واسلحة ومواد شديدة الانفجار بغرض ادخالها الي الاراضي اليمنية, ليشعل غضب الرأي العام اليمني الذي تابع قبل فترة ضبط نحو سبع مجموعات تجسس إيرانية داخل اليمن ودعم طهران للنزعات الانفصالية في جنوب اليمن فضلا عن دعمها التقليدي لذراعها السياسية والعسكرية في اليمن جماعة الحوثيين في شمال وغرب البلاد بالقرب من الحدود مع السعودية. ووفقا لرؤية المحلل السياسي والأستاذ بجامعة عدن الدكتور طه علوان فإن دول العالم أصبحت اليوم تتسابق لتضع لها موطئ قدم في اليمن من اجل مصالحها الخاصة نتيجة للموقع الاستراتيجي الذي تتمتع به اليمن. مشيرا الي أن إيران أصبحت اللاعب القوي في المنطقة وتريد أن تكون لها حصة في اليمن لفرض سياستها وأفكارها وذلك من خلال دعمها للحوثيين وأيضا بعض أطراف القوي الجنوبية الذين لم يحصلوا علي الدعم الكافي من دول الإقليم في قضاياهم واتجهوا إلي إيران من أجل الحصول علي الدعم المادي. ويعتبر علوان أن النفوذ الأمريكي في اليمن وبعض الدول الغربية قد عزز من مواقف الإيرانيين وجعلهم يتحركون بقوة باتجاه اليمن باعتبار أن بلادهم أصبحت دولة إقليمية. من جهته يؤكد عبد الناصر باحبيب رئيس الدائرة السياسية للتجمع اليمني للإصلاح بعدن, أنه لم يعد بإمكان أحد إن يشكك بمسألة التدخل الإيراني في بلاده, موضحا أن مظاهر هذا التدخل تتمثل في دعم جماعات العنف سواء الحوثيين في الشمال أو الحراك المسلح في الجنوب التي تتخذ منه منهجا لتحقيق أهدافها السياسية. ويلفت حبيب الي أن إيران لديها مطامع استراتيجية تريد من خلالها السيطرة علي مضيق باب المندب الذي يمثل شريانا لحركة الملاحة والتجارة العالمية وتريد إغراق اليمن بفكرها الاثني عشري الدخيل علي البلاد, كما فعلت من قبل في العراق وسوريا. ومن جانبه يعتبر الباحث في شئون الإرهاب سعيد الجمحي التدخلات الإيرانية في اليمن بحثا عن أذرع ومناطق نفوذ أخري غير التي كانت قد أنشأتها, خاصة أن سقوط النظام السوري سيشكل ضربة لحزب الله, لذا فإن الحوثيين الذين يشكلون أنصار الله هم الذراع الجديدة لافتا إلي أبعاد أخري للتدخل الإيراني في اليمن بقوله: إيران تنظر إلي الجزيرة العربية علي أنها من خلال اليمن ستنشئ كماشة لدول الخليج, كما أن استمرارها في إرسال شحنات الأسلحة والصواريخ مع كميات هائلة من الأسلحة الثقيلة تكشف عن نيتها إشعال حرب في المنطقة بطريقة تشغل القوي الدولية باليمن, خاصة في ظل حالة عدم الاستقرار الحالية. ويطالب راجح بادي المستشار الإعلامي لرئيس الوزراء اليمني إيران بمراجعة سياساتها في المنطقة, مشيرا إلي أنها وإن كانت قد نجحت خلال العقود المنصرمة فإنها أصبحت غير مجدية في عالم اليوم. لكن هناك أطرافا في اليمن ترفض الهجوم علي إيران وتعتبر الحملة ضدها غير موفقة, حيث يري أمين عام حزب الحق حسن زيد وهو حزب شيعي أن مواصلة اليمن توجيه الاتهامات لجمهورية إيران بأنها تسعي لزعزعة استقراره, معناه خسارة حليف إقليمي قوي لصالح دول إقليمية لا تهمها استقرار الأوضاع في اليمن معربا عن قناعته بان العلاقات بين صنعاءوطهران تتعرض لمؤامرة من قبل دول إقليمية عدة, موضحا ان استمرار العلاقات بين البلدين ستخفف من الضغوط الاقليمية والدولية التي بات من الواضح انها تستهدف وحدة اليمن.