الصين.. العثور على مقابر مليئة بكنوز نادرة تحتفظ بأسرار عمرها 1800 عام    في بيان للقوات المسلحة اليمنية.. لا يمكن السكوت على أي هجوم وعدوان أمريكي مساند للعدو الإسرائيلي ضد إيران    كتاب قواعد الملازم.. وثائق عرفية وقبلية من برط اليمن " بول دريش جامعة أكسفورد" (1)    في خطابه التعبوي المهم .. قائد الثورة : المعركة واحدة من قطاع غزة إلى إيران    ترامب "صانع السلام" يدخل الحرب على إيران رسمياً    الكاراز يعادل رقم نادال على الملاعب العشبية    دول المنطقة.. وثقافة الغطرسة..!!    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    رسائل ميدانية من جبهات البقع ونجران و الأجاشر .. المقاتلون يؤكدون: نجدد العهد والولاء لقيادتنا الثورية والعسكرية ولشعبنا اليمني الصامد    الخارجية اليمنية: نقف مع سوريا في مواجهة الإرهاب    تفكيك أكثر من 1200 لغم وذخيرة حوثية خلال أسبوع    اعلام اسرائيلي يتحدث عن الحاجة لوقف اطلاق النار والطاقة الذرية تحذر وأكثر من 20 ألف طلب مغادرة للاسرائيلين    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    كأس العالم للأندية: ريال مدريد المنقوص يتفوق على باتشوكا المكسيكي بثلاثية    المنتخب الوطني تحت 23 عامًا يجري حصصه التدريبية في مأرب استعدادًا لتصفيات آسيا    بين عدن وصنعاء .. شهادة على مدينتين    إيران تنتصر    قطاع الأمن والشرطة بوزارة الداخلية يُحيي ذكرى يوم الولاية    مرض الفشل الكلوي (9)    منظمات أممية تحذر من مجاعة في مناطق سيطرة الاحتلال    "وثيقة".. مشرفون بحماية اطقم ومدرعة يبسطون على اراضي القضاة غرب العاصمة صنعاء    - رئيس الجمارك يطبق توجيهات وزارة الاقتصاد والمالية عل. تحسين التعرفة الجمركية احباط محاولةتهريب( ربع طن)ثوم خارجي لضرب الثوم البلدي اليمني    مناقشة مسودة التطوير الإداري والمؤسسي لمعهد للعلوم الإداري    انتشال جثة شاب مات غرقا بسد التشليل في ذمار    - ظاهرة غير مسبوقة: حجاج يمنيون يُثيرون استياء جيرانهم والمجتمع.. ما السبب؟*    - وزير خارجية صنعاء يلتقي بمسؤول أممي ويطالبه بالاعتراف بحكومة صنعاء \r\n*الأوراق* تنشر عددًا من الأسباب التي    ذمار.. المداني والبخيتي يدشّنان حصاد القمح في مزرعة الأسرة    رئيس الهيئة العليا للإصلاح يعزي الدكتور الأفندي بوفاة شقيقه    "عدن التي أحببتُها" بلا نازحين.!    ريال أوفييدو يعود إلى «لاليغا» بعد 24 عاماً    توقيف الفنانة شجون الهاجري بتهمة حيازة مخدرات    كشف أثري جديد بمصر    الرئيس الزُبيدي يبحث مع سفيرة بريطانيا ومسؤولي البنك الدولي آخر المستجدات السياسية وأزمة الكهرباء    الفريق السامعي: إرادة الشعوب لا تُقصف بالطائرات والحرية لا تُقهر بالقنابل ومن قاوم لعقود سيسقط مشاريع الغطرسة    إشهار الإطار المرجعي والمهام الإعلامية للمؤتمر الدولي الثالث للرسول الأعظم    51 شهيدا في غزة بينهم 7 من منتظري المساعدات خلال 24 ساعة    من قلب نيويورك .. حاشد ومعركة البقاء    فئة من الأشخاص عليها تجنب الفراولة    الحديدة و سحرة فرعون    الدولار في عدن 3000    خبراء :المشروبات الساخنة تعمل على تبريد الجسم في الحر الشديد    حادث مفجع يفسد احتفالات المولودية بلقب الدوري الجزائري    السلبية تسيطر على ريفر بليت ومونتيري    شوجي.. امرأة سحقتها السمعة بأثر رجعي    من بينها فوردو.. ترامب يعلن قصف 3 مواقع نووية في إيران    أثار نزاعا قانونيّا.. ما سبب إطلاق لقب «محاربو السوكا» على ترينيداد؟    فلومينينسي ينهي رحلة أولسان المونديالية    علاج للسكري يحقق نتائج واعدة لمرضى الصداع النصفي    هاني الصيادي ... الغائب الحاضر بين الواقع والظنون    روايات الاعلام الايراني والغربي للقصف الأمريكي للمنشآت النووية الايرانية وما جرى قبل الهجوم    استعدادات مكثفة لعام دراسي جديد في ظل قساوة الظروف    قصر شبام.. أهم مباني ومقر الحكم    فساد الاشراف الهندسي وغياب الرقابة الرسمية .. حفر صنعاء تبتلع السيارات    الاتحاد الأوروبي يقدّم منحة مالية لدعم خدمات الصحة الإنجابية في اليمن    على مركب الأبقار… حين يصبح البحر أرحم من اليابسة    من يومياتي في أمريكا .. بين مر وأمر منه    بين ملحمة "الرجل الحوت" وشذرات "من أول رائحة"    حين يُسلب المسلم العربي حقه باسم القدر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المكلا بحر بلا ميناء!
نشر في الناشر يوم 03 - 12 - 2010


المكلا مدينة الضياء والصمت اللافح:
قليلة هي مدن العالم التي تفترش الجبل، وتلتحف البحر، في تواشج أبدي، والمكلا، المدينة البيضاء، من هذه المدن التي وهبها الله - عزّ وجل - صلابة الجبل وصمته، ورقة الماء وانسيابه، في مدى لا يعرف حدوداً ولا تحصره يابسة، ولأنها، كذلك، فهي من المدن الأولى التي عرفت المدنية في منطقة الجزيرة والخليج، وانصهرت فيها مكوناتها الحضرمية – بشكل أكثر تعمقاً وخصوصية - منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي، لتزداد قيمتها التجارية والاقتصادية بانتقال مركز السلطنة القعيطية إليها، فصارت عاصمة تموج بالقادمين إليها والمغادرين منها وعنها، لتبدو مدينة أكثر حيوية وديناميكية من مثيلاتها في عواصم دول الجوار في بداية أربعينيات القرن الماضي حتى منتصف ستينياته.
رحلة السندباد الحضرمي:
فإن ظل الجبل يشعرها بثباتها وشموخها وعنفوانها وخلودها، فالبحر آثر أن يبحر بها إلى أصقاع المعمورة في رحلة (السندباد الحضرمي) الذي ملأ الكون سماحة ودعة ووسطية لرسالة السماء وخاتم الأنبياء (صلى الله عليه وسلم)، فتنشط حركة التجارة وتتعدد رحلات المسافرين من مينائها (الفرضة) التي أصبح أثراً بعد عين!، وفي حين يشي جبلها بمعنى عميقٍ لساكنيها، ويلهمها فلسفة حياة، بأن البقاء فيها يستوجب الإمساك بنبضها وقوانينها الحضارية والرسوخ على مبادئها الإنسانية، كجبلها الرابضة على أحضانه، فبحرها، وقد أيقن برسوخ جذورها وصلابة عودها، يحيل إلى انفتاح رئتيها على هواء الكون قاطبة، وهي عميقة الجذور وراسخة الكيان، صافية الطوية خالصة الأصالة.
المكلا ثلاثية حياة:
هكذا تبدو المكلا في عمقها الحضاري والتاريخي، جبل وبحر وإنسان، ثلاثية حياة، وديمومة عطاء، لتغدو مدينة المدائن في وهجها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، مدينة قادرة على نثر أريجها الرائق، وعطرها الندي، على محيطها الجغرافي من شبوة حتى المهرة، وعلائقها الحميمية الأخرى، سيؤون والشحر وغيل باوزير ودوعن وعمد وحريضة وشبام والقطن والديس الشرقية والريدة وقصيعر وحجر وغيل بن يمين، وغيرها من تلك العلائق الحضرمية الشامخة.
المكلا بحر بلا ميناء:
كانت المكلا كذلك في دورها الحياتي، عامة، والاقتصادي، خاصة، صمام أمان لكل هذه الرقعة الجغرافية الكبيرة، واستطاعت أن تنهض بهذا الدور التاريخي والقدرة على السير به لمئات السنين، دور كان حيوياً بفضل مينائها البحري الذي تقصده السفن التجارية والسياحية، كبيرة الحجم وصغيرته، حديثة تقنية أو شراعية، حتى عهد قريب ليبرز للعيان، اضمحلال هذا الدور التاريخي الحياتي المهم، فتتراجع المكلا كمحور دائرة تجارية واقتصادية نشطة في محيطها الجغرافي والعلائقي، ولم يكن هذا التلاشي والتقهقر ببعيد عن محاصرتها وتقزيمها، على حساب مدن أخرى، كانت حتى وقت قريب لا تُرى في المشهد البحري العالمي ولا ترتقي مكانة هذه المدينة الطامحة، فتسبب هذا الضمور بضرر كبير على (الرأس مال) الحضرمي المترقب لدوره المجتمعي بوعي وحذق، كما عرفه الأجداد، لتتداخل الكثير من العوامل على إخراج ميناء المكلا عن الجاهزية والجدوى الاقتصادية، في وقت هي في أمسّ الحاجة إليه، اقتصادياً وسياسياً وثقافياً ودعوياً ، ولم يكن قرار إنشاء مؤسسة موانئ البحر العربي اليمنية رقم (62) للعام 2007م، وإدخال هذا الميناء التاريخي في دهاليزه، إلا محاولة يائسة وبكاءً متأخراً على أطلال تهاوت بقصد أو بدونه، ليغدو هذا الميناء وشبيهاته عبارة عن مرافئ صغيرة وألسنة لا تستطيع البقاء، موزعة بين عدّة جهات تتنازع فيما بينها الصلاحيات.
البحث عن ميناء وقد كانت موانئ:
لقد تعددت، قبل الاستقلال، المرافئ والمنافذ الجمركية التي تقع على طول الساحل البحري، فهناك ميناء بئر علي وبروم والمكلا والشحر والحامي والقرن وقصيعر، وامتدادهم الطبيعي، سيحوت وقشن وخلفوت، فجابت أساطيل السفن الخشبية المملوكة للتجار والبحّارة الحضارمة البحر العربي وبحر أفريقيا والهند والخليج وشرق آسيا.
المكلا مرسى نفط وماشية:
كيف يبدو حال المكلا – اليوم – ؟!، بحر بلا ميناء، ليستمر التراجع المخيف لنشاطها البحري، فتهاجر صادراتها عبر موانئ أخرى، وتعود وارداتها من خلال موانئ قصية ومنافذ بعيدة، فتتسع هوة المعاناة لساكنيها ومستثمريها، وتتضخم الأعباء المادية على الواردات القادمة عبر الطرق البرية، ولم يبق لهذا الميناء التاريخي سوى مرسى متهالك لاستقبال بواخر المشتقات النفطية والسفن الخشبية الناقلة للمواشي (الصومالية) أو بعض سفن الصيد، وهذه وتلك، بقايا البقايا لدور بحري عريق، في حين انتقلت الأنشطة التجارية الكبيرة والمتنوعة إلى مينائي الحديدة وعدن، ليشي هذا التراجع المخيف بنهاية عصر ذهبي لميناء عالمي عرفته حضرموت، متوارياً إلى زوايا النسيان وحديث الذكريات، كميناء الشحر الغابر.
أما آن للمكلا أن ترسو على ميناء؟!:
إن الحديث عن سوداوية المآل الذي تردّى إليه ميناء المكلا، ودغدغة عواطف الحضارمة، بين حين وآخر، بإقامة ميناء عالمي على ضفاف مدينة بروم، يجعلنا نضع القضية على ترددات الفضاء الكوني علَّ من ينتمي إلى المجد الحضرمي التليد يدفع باتجاه عودة الألق البحري لمدينة المكلا وعلائقها الأخرى، ونختم بصرخة مدوية نرسلها إلى قيادة السلطة المحلية وكتلة حضرموت النيابية ومجموعات المجالس المحلية بالمديريات والمحافظة والغرفة التجارية، إن كانت تدرك جريرة اغتيال ميناء المكلا، متسائلين بهمس التاريخ وصوت الحاضر وقلق المستقبل: أما آن للمكلا أن ترسو على ميناء يليق بمجدها التجاري والحضاري والإنساني؟!، وللحديث بقية سطور وللبوح خفايا شجون، ولكن دعونا، نكتب، وكفى!.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.