مع صراحة المواقف الأمريكية مؤخرا التي تتقرب من الإخوان المسلمين داعية لاستمرار الحوار معهم في إشارة إلى انه بدأ منذ زمن دلالات كثيرة، من أهمها اطمئنان الولاياتالمتحدة لسلوك وتوجهات الجماعة من جهة، ورغبة منها في المراهنة على الجواد الفائز بعد أحداث الربيع العربي خاصة في مصر، في رسالة واضحة للجماهير العربية الواسعة، فحيث تتحقق المصالح الأمريكية المعروفة في المنطقة فان الكونغرس مفتوح الذراعين لأي تنظيم أو حزب أو منظمة أوجماعة. يقول الكاتب جمال عصام الدين (قد يكون البعض قد فوجىء بما أعلنته وزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون يوم الخميس 30 يونيو الماضي حول قرار ادارة أوباما فتح/استئناف قنوات اتصال علنية مع جماعة الإخوان المسلمين فى مصر. ولكن لمن يعرفون السياسة الأمريكية فى مصر فى السنوات الأخيرة، فان تلك ليست مفاجأة على الإطلاق. فالاتصالات كانت تجري بين أعضاء من الكونجرس الأمريكي وأعضاء من الإخوان فى السفارة الأمريكية فى القاهرة طوال عهد حسني مبارك وخصوصا فى السنوات الأخيرة وبالتحديد بعد عام 2005 وهو العام الذى فازت فيه الجماعة ب 88 مقعدا فى مجلس الشعب)، ونقول بل أبعد من ذلك ما سنعرضه في هذه الورقة. وكما ان الكونغرس يفتح ذراعيه ، في المقابل فان الإخوان المسلمين الذين لم يجدوا غضاضة طوال تاريخهم في فتح علاقات مع الغرب والولاياتالمتحدةالأمريكية حتى في ظل صراع المعسكرين الشيوعي الاشتراكي والرأسمالي الأمريكي وعندما كان ينظر للعلاقات مع أمريكا كتهمة يجتهد أي كان لإزاحتها عن كتفيه..... فأين مكمن الاستغراب في أن ينشط الحوار العلني بين الإخوان المسلمين والإدارة الأمريكية الآن؟ لذا جاء تصريح د.محمود غزلان المتحدث الاعلامي الرسمي لجماعة الاخوان المسلمين في هذا السياق حيث قال وعلى موقع الاخوان المسلمين 'أن مكتب الإرشاد قرر أن الحوار مبدأ ثابت لدى الإخوان المسلمين طيلة تاريخهم ومع كل القوى والاتجاهات، ومن ثم فنحن مستعدون للحوار مع الإدارة الأمريكية إذا قررت ذلك في إطار من الاحترام المتبادل'. مضيفا 'نحن نعتبر تصريحات مسؤولين أمريكيين عن إجراء حوار رسمي مع الجماعة أحد مكتسبات الثورة' مقدمة نحاول في هذه الورقة أن نتعرض للعلاقة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية والإخوان المسلمين وتخصيصا قيادة الجماعة في مصر، من خلال 3 اتجاهات الأول من خلال تسلسل زمني نتوقف فيه عند بعض المحطات مشيرين لأبرز حوادثها وعلاقاتها وفي الاتجاه الثاني المتكامل مع الأول سنسلط الضوء على خمس شخصيات رأينا لها دورا هاما في هذه العلاقة المتوترة والمتذبذبة حينا والايجابية الحميمة في أحيان أخرى . ثم نستعرض دلالات هذه العلاقة. من الممكن أن نشير إلى الشخصيات الخمسة التي كان لها إسهام مثير في بناء العلاقة بين الإخوان المسلمين وبين الولاياتالمتحدةالأمريكية ، وهي الشخصيات التي كان لكل منها دور في جزء أو مساحة او في مرحلة ما بحيث أن التواصل بين هذه الشخصيات ومن تحلق حولها، وربما شخصيات أخرى أيضا ليس بالضرورة مباشرا، وهذه الشخصيات الخمسة التي سنتعرض لها هي: - السفير فرانسيس ريتشاردوني - د. عصام العريان - الشيخ يوسف القرضاوي - روبرت مالي - د. جاسم السلطان أين كانت البداية؟ من الممكن الإشارة لبداية العلاقة أنها كانت بداية من عام 1979 وقد ترجع لعام 1953 وربما إلى العام 1946 ما سيتم الاشارة اليه في السياق ، ولكن العام 1979 يظل الأكثر غنى في بناء علاقة عادية ليست تناحريه أو عدائية أو متشككة بشكل كبير بين الطرفين. المرحلة الأولى: مرحلة الاستكشاف في هذا العام المثير أي عام 1979وقعت اتفاقيات كامب ديفيد، كما انتصرت الثورة الإيرانية ووقع اقتحام الطلاب الايرانيين للسفارة الأمريكية في طهران واحتلالها واحتجاز موظفيها كرهائن، وأيضا في ذات العام قام الاتحاد السوفياتي (السابق) باحتلال أفغانستان وذلك في ذروة الحرب الباردة بين المحورين الشيوعي الاشتراكي بقيادة الاتحاد السوفيتي من جهة والرأسمالي بقيادة الولاياتالمتحدةالأمريكية من جهة أخرى. في هذا العام تقدمت الإدارة الأمريكية بطلب للمرشد العام للإخوان المسلمين عمر التلمساني ان يتدخل لدى الحكومة الإيرانية للإفراج عن الرهائن الأمريكان، وفعلا قام التلمساني بطلب زيارة إيران التي رحبت به ولكن باشتراط عدم الحديث بموضوع الرهائن وكما يفيد د. عصام العريان في شهادته عن هذه المرحلة حيث يعلق قائلا: (قدر الأمريكيون بلا شك جهود ' الإخوان' ورغبتهم واستعدادهم للتدخل لحل أزمة إنسانية كأزمة الرهائن...). ليشير في موضع أخر إلى شكل ' التقدير' الأمريكي للجهود الاخوانية حينما قام الرئيس الأمريكي حينها جيمي كارتر عراب اتفاقية السلام المصري الاسرائيلي (كامب ديفد) ( بالتوسط لدى الرئيس أنور السادات للإفراج عن معتقلي الجماعة بالسجون المصرية)، وتواصلت اللقاءات لاحقا إلا أنها توقفت مع ( بداية الحملة المسعورة التي شنها نظام حسني مبارك ضد الإخوان في الثمانينات ) بحسب عصام العريان أيضا . في العام 1979 تلاقت ثلاثة اتجاهات (إسلاموية) كان الاتجاه الأول ممثلا لجماعة الإخوان المسلمين (الرسمية) ، والثاني ممثلا لأحد تجليات الحالة بشكلها المتطرف والمنشق عن الإخوان المسلمين من خلال تنظيم الجهاد المصري الذي ظهر في أواخر السبعينات في مصر ليكفر المجتمع مع تنظيم الجماعة الإسلامية ( التكفير والهجرة)،وليقوم بسلسة من العمليات (الإرهابية) ضد الدولة والناس والسياح الأجانب. أما الاتجاه الثالث فلقد مثل تيار ما أصبح يسمى لاحقا (السلفية الجهادية) بزعامة المليونير السعودي أسامة بن لادن. وبغض النظر عن تاريخ التحاق كل طرف ( بالجهاد الأفغاني) ضد 'الكفار الشيوعيين' من الروس، فلقد كان هذا 'الجهاد' مدعوما بالمليارات من عدد من الدول العربية على رأسها المملكة العربية السعودية، ومن قبل الولاياتالمتحدةالأمريكية والصين وباكستان الا ان هذا التعاون بين هذه الدول وبين الإطراف (الاسلاموية) العربية المقاتلة الثلاثة سرعان ما انقلب إلى خلاف حاد. اذن كانت هذه المرحلة مرحلة استشكشاف واختبار أثبت فيها الاسلامويون تعاونهم التام مع الولاياتالمتحدةالامريكية في حربها ضد الاتحاد السوفيتي، وان كان لكل منظوره الخاص الا ان المصالح السياسية والاستراتيجية اتفقت معا ولمدة 10 سنوات امكن للامريكان فيها الاعتماد الكلي على الفصائل الافغانية من خلال علاقات مباشرة او عبر المخابرات المركزية الامريكية ونظيرتها الباكستانية مع الفصائل وعبر 'الأفغان العرب' بتياراتهم، وعلى رأسهم الفلسطيني د.عبد الله عزام الذي 'جاهد' وناضل ونافح عن دور الولاياتالمتحدةالامريكية حتى اتهم بالعمالة من صديقيه اللدودين ونبذ منهما حتى قتل (مراجعة حوارات عزام وبن لادن والظواهري على موقع عبد الله عزام). مرحلة الاستشكاف بين الامريكان و'الاخوان' نجحت الا أن طرفي التطرف (الاسلامي) رسما خطا موازيا بعيدا عن الولاياتالمتحدةالامريكية اثر (نصر) الافغان. ولاكمال الملف والدراسة على الرابط التالي: العلاقات بين الولاياتالمتحدة والإخوان المسلمين،من الالتباس والارتباك الى التفهم والتعاون