لم يعد السفر في زمن المليشيات، من داخل مدينة تعز إلى خارجها (10 كيلو تقريبا)، بالأمر السهل الذي يستغرق منك بضع دقائق حتى تصل، بل أصبح الأمر يحتاج منك إلى كثير من التفكير العميق كي تتخذ القرار الصعب، الذي بات يندرج في قائمة المخاطرة، بسبب التصرفات الحوثية الغير مسؤولة على امتداد الطريق. ابتزاز مالي طرق جبلية ووعرة، نقاط حوثية، ألغام، ومخاطر أخرى، تعترض طريقك أثناء سفرك الذي يمتد من 4 إلى 5 ساعات متواصلة، حتى تصل إلى منطقة الحوبان، المنفذ الشرقي للمدينة، التي لا تزال ترزح تحت الحصار الذي تفرضه مليشيات الحوثي والمخلوع صالح منذ أكثر من 20 شهرا، انتقاما من أبناء هذه المدينة التي أعلنت رفضها للتواجد المليشاوي، وعمل أبنائها على مقاومته بكل شجاعة وثبات ولا يزالون. "احذفوا كل ما يتعلق بالمقاومة من جوالاتكم"، هذه العبارة هي الأشهر التي يطلقها سائقو السيارات المتخصصة بالنقل، للمواطنين الذين يعتزمون السفر، خوفا عليهم من مغبة اختطافهم من قبل النقاط الحوثية المنتشرة على امتداد المساحة الأكبر من الطريق، حيث تقوم تلك النقاط بتفتيش جولات المسافرين للبحث عن أي ذريعة تتيح لها ابتزازهم ماليا، أو احتجازهم وإلصاق تهما عدة بهم لتبرير جريمة الاختطاف.
وتمتد الطريق التي أصبحت هي الوحيدة للخروج إلى الحوبان، عقب إغلاق طريق مقبنة، بسبب العمليات العسكرية الاخيرة، إلى حوالي 100 كيلومتر، حيث تبدأ الرحلة من وسط المدينة إلى منطقة الضباب، جنوب غرب المدينة، ثم منطقة نجد قسيم مديرية المسراخ (جنوباً)، بعدها يتم العبور شرقاً باتجاه الأقروض الأكثر وعورة، ومنها إلى مديرية دمنة خدير، مروراً عبر نقيل الإبل، شرقاً، وصولاً إلى الحوبان، شمال شرق تعز. معاناة كبيرة وخلال رحلة السفر إلى الحوبان يتعرض بعض المسافرين للاختطاف من قبل مليشيات الحوثيين وصالح بمبررات متنوعة، بهدف ابتزازهم لدفع مبالغ مالية باهظة مقابل إخراجهم، وفي سبيل اختطاف المسافر، تعمد المليشيات إلى تفتيش هاتفه وأغراضه الشخصية وبطاقة هويته للبحث عن أي مبرر مصطنع لتنفيذ عملية الاختطاف. يقول أحمد النابهي، أحد أبناء تعز، أن معاناة المسافرين إلى خارج المدينة تبدأ من أول خطوة تخطوها باتجاه تجمع السيارات المخصصة للنقل (الفرزة)، حيث يجب عليك الانتظار طويلا حتى يكتمل العدد المحدد للركاب، (13) راكبا، والذين انخفضت نسبتهم بدرجة كبيرة، بسبب المعاناة الكبيرة، الأمر الذي جعل السفر مقتصرا على من لديه أمرا اضطراريا بدرجة رئيسية. وأضاف النابهي في تصريح "الصحوة نت"، أن السفر إلى الحوبان أصبح نوعا من المخاطرة الكبيرة، حيث أنك تمر في طرقات هي عبارة عن ممرات سيول، ليست مؤهلة ولا آمنة ، ومرتفعات جبلية شاهقة، تمر فيها وأنت واضع يدك على قلبك، متوقعا انهيارها في أي لحظة، بسبب وعورتها، وكثرة انحرافاتها. وقال النابهي أن تصرفات الحوثيين تزيد من رفع عناء السفر، وتجعلك تتمنى الموت بدلا من الحياة على هذا المنوال، مشيرا إلى أن سعر المقعد الواحد استقر عند ال3 آلاف ريال يمني (10 $)، بعد أن كانت التكلفة لا تتجاوز ال100ريال، قبل قطع المليشيات للطريق الرئيس الذي يصل قلب المدينة بمنطقة الحوبان شرقا، مبينا أن السيارة الواحدة تقل 13 راكبا، الأمر الذي يجعل السفر قطع من نار. عقاب جماعي وأوضح أن مليشيات الحوثي وصالح، تستغل سيطرتها على جميع منافذ المدينة باستثناء المنفذ الجنوبي الذي يصلها بمدينة عدن، وتتفنن في ابتكار وسائل مختلفة لتعذيب أبناء المدينة ، الذي يزيد عددهم عن 2 مليون نسمة، عقابا لهم على انتفاضتهم على حكم المخلوع صالح في 2011، ورفضهم لحكم المليشيات للمدينة. من جهته قال أنور الحاج، أحد سائقي السيارات المخصصة للنقل، أن معاناة السفر إلى خارج المدينة أصبحت كبيرة وقاسية ولا يمكن وصفها، بعد قطع المليشيات لكافة المنافذ الحيوية للمدينة، ورغم ذلك نحن مستمرون، كونها الوسيلة الوحيدة أمامنا لتوفير احتياجات الحياة، في ظل الظروف التي تمر بها البلاد بشكل عام، وتعز بشكل خاص. وأضاف الحاج، في تصريح ل"الصحوة نت:أن السائقين ورغم المغامرة التي يقومون بها في سبيل توفير لقمة العيش، يواجهون الكثير من الإبتزازات المختلفة من قبل المسلحين الحوثيين، والتي تتمثل في اخذ مبالغ مالية مقابل المرور، أو تعمد التأخير الذي تتجاوز مدته أحيانا أكثر من ساعة دون أي مبررات، وإنزال أمتعة المسافرين والعبث بها بحجة التفتيش، واحتجاز بعض الركاب بذريعة الاشتباه، وغيرها من الابتزازات التي تهدف إلى التعذيب الممنهج للمسافرين. وأوضح أنهم يقومون بتسير رحلة كل يومين بسبب النقص في أعداد المسافرين، الذين أصبحوا لا يسافرون إلا للضرورة القصوى بسبب المخاوف المتزايدة من الاختطافات التي تقوم بها المليشيات خصوصا في منطقة دمنة خدير التي تعد معقل المليشيات الرئيسي، بعد منطقة الحوبان. المصدر | الصحوة نت إقرأ أيضاً مجزرة جديدة للمليشيات الانقلابية بحق المدنيين بتعز "أسماء"