يعجبني الاستماع إلى د.أحمد الطيبي –النائب العربي في الكنيست الإسرائيلي- كلما ظهر متحدثاً في برامج القنوات الفضائية .. فثقافته ووعيه السياسي وشجاعته تمنحني اطمئناناً على صلابة الفلسطينيين الذين يعيشون في فلسطينالمحتلة 1948م .. ووعيهم بانتمائهم القومي والوطني الحقيقي، الذي لا ينقص منه ولا تشكك فيه جوازات السفر الإسرائيلية التي يحملونها غصباً عنهم ولا حتى السماح لهم بتأسيس أحزاب سياسية ودخول البرلمان الصهيوني! في أكثر من برنامج تلفزيوني يبدو (الطيبي) وكأنه كتيبة في صلابته ووضوح الرؤية عنده، وعدم الانخداع بالمكر الصهيوني .. وهو مثل مواطنه الشيخ (صلاح رائد) الذي ترك العمل السياسي وتفرغ للدفاع عن المسجد الأقصى ومحاولة حمايته من ألاعيب اليهود الصهاينة .. وكلاهما مع آلاف من عرب فلسطين 1948م، يؤكدون أن روح الأمة لن تموت .. قد تغفو .. قد تختلط عليها السبل .. لكنها لا تموت، وهاهم أولاء هناك داخل غابة الوحوش الصهاينة صامدون رافعو رؤوسهم بعزة وشجاعة يفتقدها أعداؤهم المدججون بالأسلحة الفتاكة ويفتقدها قادة منسوبون لفلسطين وهي منهم براء .. غاية أمانيهم أن يرضى عنهم الصهاينة ويسمحون لهم بتناول الإفطار معهم! د.أحمد الطيبي ليس إسلامياً -لكيلا يقال إنه مسكون بثقافة كراهية الآخر وتكفيره والاستعلاء عليه-، لكنه لم ينخدع بألاعيب الصهاينة وشعاراتهم عن السلام وأكاذيبهم عن الإرهابيين الفلسطينيين في حماس والجهاد الإسلامي وأمثالهم .. كما يفعل قادة (رام الله) الذي تماهى بعضهم مع الصهاينة واتحدت قلوبهم .. وهو يعرف كيف يدير معركته السياسية والإعلامية مع غلاة اليهودية الصهيونية .. ويعرف كيف يفضح عنصريتها تجاه أبناء شعبه؛ سواء الذين يعيشون في الضفة وغزة .. أو الذين يعيشون في فلسطينالمحتلة عام 1948م .. فلم يعد خافياً أن هؤلاء الأخيرين يعيشون حالة تمييز عنصري بشعة في حياتهم اليومية، وفي حقهم في الحصول على الخدمات الضرورية والعمل، وفي حقهم في الحياة الكريمة .. وهي حالة عنصرية بدأت منذ الأيام الأولى لنهاية مرحلة النكبة الأولى عام 1949م .. وما تزال مستمرة حتى الآن .. ولم يخفف منها إعلامياً إلا أن الفلسطينيين هناك يبدون أفضل حالاً فقط من إخوانهم في البلدان المجاورة!! قبل أسابيع .. أثار د.الطيبي ثورة في الكنسيت الإسرائيلي عندما قدم استجواباً لوزير الأمن الداخلي الصهيوني حول قيام جيش الاحتلال الصهيوني بتدريب وحدة من الكلاب –الحيوانات وليس الجنود- على الانقضاض والهجوم على أي إنسان يصيح: الله أكبر! الطيبي سأل الوزير (كيف تدربون كلابكم على تشخيص العربي؟ وماذا بالضبط يخيفكم من الاصطلاح الديني الإيمابي: الله أكبر؟ وماذا دربتم كلابكم أن تفعل إذا مرت من جانب مسجد أو مسلمين يؤدون الصلاة ويرددون عبارة: الله أكبر؟) بعد ذلك التفت الطيبي إلى نواب الكنيست مؤكداً لهم إنه قد تم تنظيم مهرجان عرضت فيه هذه الكلاب وانقضت على (متدرب) صاح: الله أكبر!
الطيبي أنهى حديثه مؤنباً السامعين من بني صهيون حوله (إلى أين وصلتم؟ وإلى أي حضيض هبطتم؟ أتخافون من كلمة: الله أكبر وتحرضون ضدها؟ أقول لكم جميعاً: الله أكبر عليكم .. هل يوجد بينكم كلاب ستنقض عليّ)؟ في الفترة نفسها .. استنكر المسلمون البريطانيون قيام الجيش البريطاني بإجراء تدريبات لمنتسبيه قاموا خلالها بإطلاق الرصاص على نماذج .. لمساجد! قيادة الجيش البريطاني سارعت للاعتذار من مواطنيها المسلمين .. وهو موقف جيد أما في إسرائيل فلم يعرف أنه حدث اعتذار وحتى في الكنيست لم يعرف ماذا كان رد «الصهاينة» عندما سمعوا الطيبي يهتف: الله أكبر؟ هل نسوا أنفسهم وهجموا عليه؟