الحرية روح الإنسان وحياته، لا يمكن الاستعاضة عنها بأي ثمن مادي، وقد خلق الله الإنسان وكرمه على سائر مخلوقاته بحرية الإرادة والاختيار (ولقد كرمنا بني آدم، وحملناهم في البر والبحر، ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلاً). وعبر التاريخ قدم الإنسان روحه وماله وأعز ما يملك ليعيش حراً كريماً، والفطرة السليمة تكره الاستبداد وتعاف الظلم وتأبى الخنوع، ويخطئ من يظن أن من حقه استعباد الناس بسلطانه أو جاهه أو أمواله، حتى وإن واتته الظروف، فإن ذلك استثناء ما يلبث أن يتمرد عليه الناس ليعودوا إلى القاعدة المطردة التي تجعل البشر أحراراً لا يدينون بالعبودية إلا لله وحده. وحين ينعم الإنسان بحريته، ويعيش بكرامته، ينتج ويبدع، ويحقق الإنجازات والانتصارات يسعد في نفسه، وينشر السعادة على من حوله، يحب الناس، ولا يفكر بإيذائهم.. لقد كان أخطر ما ابتليت به أمتنا، الاستبداد والقهر ومصادرة الحريات، أضحى المواطن متهماً عليه إثبات براءته، جعلته الأنظمة الحاكمة محل الاشتباه في ظعنه وإقامته، في وظيفته ومهنته، في سلوكه وسيرته، في آرائه وأفكاره، وانشغلت الدولة بمراقبة الناس، والبحث عن أخطائهم، وسخرت الإمكانات لهذا الغرض الدنيء، ولم تجن الأمة من هذا غير الهزائم والانكسارات والانحسار!! نحن في اليمن كغيرنا عانينا من الاستبداد والظلم، وما زال النظام يعتقد أن من حقه تقييد حرية المواطن والتجسس عليه، فكم من أبرياء زج بهم في غياهب السجون ظلماً وعدواناً، أما اليوم وبعد اندلاع الثورة الشعبية السلمية، فقد تم اختطاف واعتقال شباب ونشطاء، بعضهم قضى نحبه في أماكن الاعتقال، وقلة أفرج عنهم، وكثيرون ما زالوا يعاقبون على آرائهم حتى اللحظة.. الذين خرجوا من المعتقلات المعروفة أو السرية أفصحوا عن بعض ما تعرضوا له وتحدثوا لوسائل الإعلام وأمام المنظمات الحقوقية عن الجرم الهائل الذي تمارسه أجهزة القمع من تعذيب جسدي ونفسي، وصل إلى حد إجبارهم على شرب البول وأكل البراز، إضافة إلى الجلد والضرب واللطم والسب والشتم والسخرية والاستهزاء لسبب وحيد هو معارضة النظام الذي يرى هؤلاء المجرمون أنه مقدس لا يجوز المساس به!! إن مصادرة حريات الناس واختطافهم يكفي لإعلان الخروج لإسقاط النظام، فضلاً عن المفاسد الأخرى، وأي نظام حكم يستبيح دماء المواطنين وأعراضهم وحرياتهم ومساكنهم وأموالهم، ويسخر إمكانات الدولة لمصالح الحكام الشخصية، هو نظام كتب على نفسه شهادة الوفاة، ويجب أن يذهب غير مأسوف عليه، ولابد أن يخلفه نظام آخر يقوم على العدالة والمساواة واحترام حق الإنسان في الحياة الكريمة، الحاكم فيه يدير ولا يمتلك، لا حصانة له في حقوق الناس وحرياتهم، لقد سئمت الشعوب الاستبداد، وأضحت تتطلع إلى حياة جديدة تعيش فيها عزيزة كريمة.. * الشيخ حزام الصعر في رحاب الله: انتقل إلى رحمة الله الشيخ الفاضل حزام عبدالله الصعر شيخ محافظة عمران وعضو مجلس النواب السابق.وقد ترك فراغا كبيرا فقد كان علما شامخا، وعاش مجاهدا صادقا، عرفته مؤمنا، ورعا، عابدا، صالحا، متواضعا، قريبا من الناس، خدوما للقريب والبعيد،كان قويا في الحق ثابت المبدأ راجح الرأي.بوفاته خسرنا رجلا عظيما حكيما يذكرك مرآه بالآخرة ولا نزكي على الله أحدا.أسأل الله أن يجعله في الصالحين ويحشره في المهديين وأن يرفع درجاته في عليين وأن يلهم أهله وذويه الصبر والسلوان." إنا لله وإنا إليه راجعون"