لأنك إنسان سخر لك الكون و أنزلت من أجلك الشرائع السماوية على مر العصور , ومن أجلك تداعت الأمم لعقد الاتفاقيات الدولية التي تضمن لك ان تعيش بكرامة , وتحميك من كيد الأشرار من بنى جنسك ,وتحفظ لك حقوقك وتذكرك بواجباتك تجاه نفسك ومجتمعك ودولتك وإنسانيتك . ليس من الإنسانية ان يأكل الإنسان من القمامة والمسئول عنه يعاني من إمراض التخمة , وليس من إكرام الله لك ان تموت وأنت تبحث عن العلاج في مستشفى انشأ من أجلك لرعاية صحتك والقائمين على أمرك لا يعرفون مستشفيات محلية خاصة فما بالك بالعامة وتستقبلهم مستشفيات العالم مقاس خمسة نجوم ان اشتكى من الزكام , عندما يعمل الطفل لإعاشة أسرته فهذه جريمة في حق إنسانيته, عندما يوظف ابن المسئول وهو مازال يرضع وخريجي الجامعات ولعشرات السنين محرومون من العمل وبدون ضمان اجتماعي يسد بطالته فهو عين الامتهان لإنسانيته وأحيانا حرمان له من حقه في الحياة التي يفضل ان ينهيها لأنه شبع من المعاناة والألم وما قصة بوعزيزي تونس قائد ثورات الربيع العربي ببعيدة عنا . الفقر والحرمان والبطالة وانعدام العلاج وتحويل التعليم إلي تجارة وتحويل المجتمع إلي غابة يأكل فيها القوي الضعيف وتحويل الدولة إلي دولة فاشلة إرهابية متسولة على كل باب ومغنم لكل من تجرد من قيم الدين و الإنسانية , وتحويل الثورة إلي فيد وتقاسمات , كلها ماسي لعبت وعبثت بإنسانيتك أيها الإنسان وبكرامتك .. لأنك إنسان أكد الله تعالي قيمتك في محكم كتابه وقال (ولقد كرمنا بنى ادم ) وقال ( انه من قتل نفسا بغير نفس أو فساد في الأرض فكأنما قتل الناس جميعا ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا )فإذا كان الله قد أكرمك وجعل هذا الكون لإكرامك ومن اجل أحياك حياة طيبة عزيزة لأنك مداره ومصدر نوره , فانه يتضح لنا كم هي عاقبة كل من يناقض هذا الإكرام ويعمل على إذلال الإنسان وإهانته وكسر إرادته وقمع حريته ومصادرة حقوقه ونهب ثرواته وقتله لمجرد انه ثار ضد الظلم والاستبداد والحرمان والفقر . ما أعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرر حقيقة ان (الناس سواسية كأسنان المشط )و ( لهدم الكعبة حجرا حجرا أهون عند الله من قتل امرئ مسلم ) صيانة للحق في الحياة و (خير الناس من ينفع الناس) و (لا دين لمن لا أمانة له ) و ( الحر لا يكذب) و( لو ان فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها ) في ضمان إقامة حدود الله ضد كل من يعبث بالمال العام أو الخاص و (إنما أنا بشر ) في الصدق عند القضاء و ( اكره ان أتميز عليكم ) في المشاركة في المسئولية وغيرها كثير , كلها منظومة من القيم والمبادئ التي توجب لك كانسان حقوق وتفرض عليك كانسان واجبات تجاه الإنسان الذي أمامك , جميعها سنن تهدف إلي إحياء النفس البشرية والحفاظ عليها وبيئتها . ولو تتبعنا الاتفاقيات الدولية التي جاءت بعد الحرب العالمية الأولى والثانية لوجدناها جميعها تهدف ألي حماية هذا الإنسان وحفظ أدميته بان يعيش بكرامة وحرية وعلى قدم المساواة مع غيره من البشر في جميع أصقاع الأرض , ولنعرج على بعض الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وعلى رأسها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي نصت المادة الأولى منه على ان (يولد جميع الناس أحرارا ومتساوين في الكرامة والحقوق , ولقد احتوى هذا الإعلان على مجموعة من الحقوق أهمها الحق في الحياة , والحق في التمتع لكل إنسان بجميع الحقوق والحريات المذكورة في الإعلان، دونما تمييز من أي نوع، ولاسيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدين، أو الرأي سياسيا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد وغيره ، كذلك الحق في الأمان الشخصي , والحق في عدم التعذيب ,والحق في المساواة أمام القانون , والحماية من الاعتقال والحجز التعسفي , والحق في حرية الفكر والمعتقد , والحق في التجمع السلمي , والحق في الضمان الاجتماعي , والحق في العمل والعلاج المجاني وغيرها كثير . كذلك العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي أضاف إلي ما سبق الحق في تقرير الشعوب لمصيرها ,والحق في المشاركة في إدارة العملية السياسية وتولي المناصب العليا , والحق في حرية التعبير , والحق في الحصول على المعلومة , والحق في الحصول على اجر متساو على ذات العمل . وهناك الكثير من الاتفاقيات الدولية التي هدفت إلي العمل على حماية الإنسان ورعاية حقه في الحياة ضد كل من تسول له نفسه قتل أخيه الإنسان ومنها الاتفاقية الدولية ضد جرائم الإبادة الجماعية والتي تنص في المادة الأولى على ان جرائم الإبادة الجماعية سواء ارتكبت في أيام السلم أو الحرب فهي جرائم يعاقب عليها بمقتض الاتفاقية , وجاءت المادة الثانية بتعريف معنى الإبادة بالتالي : الإبادة الجماعية ممارسة كلا من الأفعال التالية، المرتكبة علي قصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو أثنية أو عنصرية أو دينية، بصفتها هذه: (أ) قتل أعضاء من الجماعة، (ب) إلحاق أذى جسدي أو روحي خطير بأعضاء من الجماعة، ج) إخضاع الجماعة عمدا لظروف معيشية يراد بها تدميرها المادي كليا أو جزئيا ، د) فرض تدابير تستهدف تحول دون إنجاب الأطفال داخل الجماعة ، (ه) نقل أطفال من الجماعة عنوة إلي جماعة أخري , أما المادة الثالثة فحددت الحالات التي تدخل ضمن جرائم الإبادة الجماعية ونصت على : يعاقب علي الأفعال التالية: (أ) الإبادة الجماعية ، (ب) التآمر علي ارتكاب الإبادة الجماعية ، ج) التحريض المباشر والعلني علي ارتكاب الإبادة الجماعية , (د) محاولة ارتكاب الإبادة الجماعية ، (ه) الاشتراك في الإبادة الجماعية , أما المادة الرابعة فحددت الجناة الذين يعاقبوا كمرتكبي جرائم إبادة في ( الحكام الدستورين والموظفين العموميين والأفراد العاديين ) . وهناك اتفاقية يطلق عليها ( اتفاقية عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية التي أكدت على مبدأ عدم تقادم جرائم الحرب والجرائم المرتكبة ضد الإنسانية , وقد جاء في المادة السابعة من اتفاقية روما للمحكمة الجنائية التي لها الاختصاص في نظر جرائم الإبادة والجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب حيث ذكرت مجموعة واسعة من الأفعال التي تدخل ضمن جرائم ضد الإنسانية ومنها القتل العمد لجماعة معينة , الاسترقاق , إبعاد البشر ونقلهم قسريا عن منازلهم , السجن التعسفي , التعذيب ,الاغتصاب والأفعال اللاانسانية ذات الطابع المتمثل بالتسبب عمدا في معاناة شديدة أو أذى خطير يلحق بالجسم أو بالصحة العقلية أو البدنية . أما جرائم الحرب فقد حددت بالقتل العمد , التعذيب , إلحاق تدمير واسع النطاق بالممتلكات الخاصة والعامة والاستيلاء عليها دون ان تكون هناك ضرورة عسكرية , واخذ الرهائن , وتعمد توجيه ضربات ضد السكان المدنيين أو المواقع المدنية أو قصف المدن أو مساكن العزل والتي لا تكون أهدافا عسكرية , واستخدام الغازات السامة , وتعمد تجويع المدنيين بحرمانهم من المواد الغذائية , وتجنيد الأطفال دون الخامسة عشرة إلزاميا أو تطوعيا . وكما ترى أيها القارئ الكريم فان جميع الشرائع السماوية وجميع التشريعات الوضعية البشرية كان موضوعها الرئيسي هو هذا الإنسان الذي كرمه الله وأهانته الأنظمة المستبدة وعلى رأسها نظام علي عبدالله صالح الذي ارتكب بحق شعبنا جميع الأفعال المذكورة أعلاه ونقض جميع الاتفاقيات الموقع والمصادق عليها فقد ارتكب وعصابته القتل العمد ضد الشعب رجاله ونساءه أطفاله وشيوخه من عارضه ومن سقطت عليه قذائفه ألي بيته بدون تمييز , مارس ووسائل إعلامه التحريض على القتل والاعتقال لمعارضيه وخطفهم وتعذيبهم وهدم المنازل على رؤوس السكان المدنيين الأبرياء واستولى على الممتلكات الخاصة والعامة , واستخدم الغازات المحرمة دوليا ,ومارس العقاب الجماعي ضد الشعب وجوع السكان بإخفاء المواد الأساسية ورفع أسعارها الجنوني وحرمانهم من الخدمات الأساسية من ماء وكهرباء وبترول وغاز واعتدى على الأطفال حين جندهم ليكون دروع لحمايته وعصابته كما اعتدى عليهم حتى في بطون أمهاتهم اللواتي أجهضن من هول المعارك التي لا تنتهي وخصوصا في تعز وأرحب وغيرها , فهو وعصابته وكل من شارك في جرائمه يستحق بجدارة لقب مجرم مارس ضد شعبه جرائم الإبادة الجماعية وجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب , ونحن على يقين بان عدالة السماء ستدفعه ومن معه ثمن كل جرائمه مهما طال الزمن أو ازداد الحماة أو قدمت له الحصانات أو الضمانات المرفوضة من قبل الشباب والشعب الثائر , ولأننا نحترم الإنسان لأننا حراس قيم ومبادئ فأننا نضمن له محاكمة عادلة ان سلم نفسه للثوار وللعدالة السماوية والإنسانية التي تؤكد انه ( من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا ) و(بشر القاتل بالقتل ولو بعد حين ) . رئيسة منظمة مساواة للتنمية السياسية وحقوق الإنسان