[email protected] تخرج الشعوب بحثا عن الحرية والمستقبل فتواجه بزعماء أدمنوا الخطابة والتباهي بسراب الانجاز، ترفع الشعوب أصواتها أكثر، فيخرج الزعماء أدوات القمع والقتل في مواجهة الصدور العارية، تستبسل الشعوب في الدفاع عن مطالبها العادلة بكل الطرق السلمية التي لا تفهمها الأنظمة الديكتاتورية القائمة على الاستبداد والقهر، فتمعن في القتل والتعذيب والسحل، يسقط الشهداء فتزداد الشعوب صلابة وصمودا، ويزيد القتلة من صلفهم، فيستخدمون الرصاص الحي ومختلف الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، تقصف المدن والقرى بالدبابات وبالطيران. كلما أمعن القتلة في القتل أحيت الدماء الزكية للشهداء الأرض وأعادت وهج الكرامة للشعوب المنهوبة والمستباحة من قبل عصابات الحكم على امتداد الوطن العربي التي صعدت للحكم على غفلة من الزمن، لتسرق من عمر الشعوب أكثر من نصف قرن كان اللصوص والقتلة هم الحاضر فوق جثث شعوبهم، رافعين خطابات الحرية والديمقراطية والعدالة، وهي شعارات ومفاهيم لا يعرفون شيئا من معانيها، وإنما يستخدمونها لتبرير بقائهم على كراسيهم ممسكين بفوهات المدافع، مخلفين وراءهم الدمار أينما حلوا وارتحلوا. الحاكمون بأمرهم افسدوا حاضر شعوبهم وشوهوا كل القيم الأخلاقية والإنسانية، يدينون بالشرق والغرب ولا علاقة لهم بالشرع أو الشريعة إلا حين تقنن بقائهم في مناصبهم، مسخوا الشعوب وسيطروا على أحلامها، صادروا حاضرها، وخنقوا مستقبلها. مسافات شاسعة بين الحاكم والمحكوم، فالحاكم العربي المستبد يعتقد أن له سلطات إلهية، وانه مخلد للأبد، وأن ما يقوله لا ينطق عن الهوى، وإن مجرد التفكير في الاعتراض عليه أو نقد ما يقوله هو كفر بواح يوجب القتل والسحل. اليوم تدفع الشعوب ثمن الصمت والخنوع هو في بعض الحالات باهظ القيمة، غير أنه ضروري لاستعادة الحياة والكرامة، شباب العرب اليوم يدفعون ثمن أخطاء شيوخها ومشايخها، من صنعاء إلى دمشق مرورا بطرابلس وتونس والقاهرة، تشكلت أحلام جيل عريض باللحاق بركب الحياة، والالتحاق بالعالم وركب الحضارة، يواجهون آلة قمع وحشية بصدور عارية أحيانا، وبنفس سلاح القتلة أحيانا أخرى. الخلاص من شرك الاستبداد الطويل التي وقعت الشعوب ضحيته، يحتاج لعزيمة وصبر وقوة وإيمان بأن قيم الخير والحق تنتصر في الأخير، وأن المستبدون اضعف كثيرا مما كانوا يصورون قوتهم لشعوبهم. الشعوب تحيا وتتجدد ولا تسقط سهوا، ولا يستطيع أحد اختزالها أو خنقها، في تنبعث من جديد حين يعتقد الطغاة أنها وصلت لطور الوفاة، الشعوب عنيدة أيضا، وهي أكثر عنادا من حكامها،لم يسجل التاريخ إن أحد الطغاة استطاع الصمود في وجه شعب غاضب، مهما أفرط في استخدام القتل والدمار. رأينا حولنا وقريبا منا كيف تساقط القتلة كأوراق الخريف، رأيناهم يهربون في تونس ويحاكمون في مصر ويختبئون تحت الأرض في ليبيا، وسنراهم بأشكال أخرى في اليمن وسوريا، وفي كل البلدان المتعطشة للحرية والعدالة والكرامة والإنسانية.