يأتي عيد الأضحى المبارك وهناك آلاف من الأطفال مختبئين في متارسهم يحملون الرشاشات ويحلمون بكسوة العيد مثل بقية اقرانهم، حملتهم الميليشيات البنادق و"الجعب"، وغرست فيهم القتل بدلا من اللعب وممارسة طفولتهم ووضعتهم تحت رحمة قذائف المدافع والدبابات. تعمل ميليشيات الحوثي كل يوم على تقديم الأطفال قرابين صراع على مرأى ومسمع من المنظمات الأممية ومنظمات حماية الطفولة، وكل يوم تلحق ميليشيات الحوثي المئات من الأطفال عبر ما يسمى مراكز تحفيظ القرآن والمراكز الصيفية، حيث تغسل أذهانهم وتجبرهم على تعاطي مادة "الشمة"، والقات وغيرها، وتستغل جهل وفقر الأسر للزج بالأطفال إلى المعسكرات بعد أن بدأت تعاني نقصا في أعداد المقاتلين على الجبهات. وتقدر منظمة (يونيسف)، أن عدد الأطفال الذين يشاركون في القتال الى جانب الميليشيات بعشرين ألف طفل، معظمهم ممن لم تتجاوز اعمارهم ال 12 عاماً. ويقول "جبران" ناشط حقوقي "للصحوة نت " أن "الاف الأطفال حرموا من متعة العيد وسلبت الفرحة من على وجوههم البريئة، بعد أن كانت لا تفارقها كل عام وهم يحتفلون بعيد الأضحى المبارك في مختلف القرى والمدن اليمنية، ليزيد هذا الحزن الذي اكتست به وجوههم همّاً ومعاناة مضافة لأولياء الأمور وهم يرون أطفالهم يدمرون أمام أعينهم." ويرى المراقبون أن المجتمع الدولي في حديثه عن اليمن يركز فقط على الجوانب الإنسانية ويتحاشى مسألة تجنيد الأطفال من قبل جماعة الحوثي لأسباب غير مفهومة ، مما شجع الحوثيين على فتح المئات من مراكز تجنيد الأطفال تحت مسمى المراكز الصيفية كل عام، بل وأقدمت الميليشيات على إغلاق المدارس عنوة لإفراغها من أداء رسالتها، وإبعاد الطلبة عن التعليم، فضلا عن عمليات الترهيب ضد الأهالي للزج بأبنائهم في الجبهات بقوة السلاح، واستغلال حالات الفقر فضلا عن ترغيب بعض الأسر بتسجيل أبنائهم لاستلام معونات غذائية أو رواتب. وتؤكد نائبة رئيس منظمة "سلام بلا حدود" ذكرى محمد" للصحوة نت "إن حملات مناهضة تجنيد الاطفال انطلقت من تعز كبرى المدن اليمنية التي تعرضت لانتهاكات ميليشيات الحوثي، والتي ترزح تحت الحصار منذ خمس سنوات، وأن المنظمة منذ إنشائها في 2012 تعمل بشكل تطوعي لخدمة السلام وبمحاولات جادة للحد من الحروب من خلال نشر فكر تقبل الآخر وإرساء احترام حرية التعبير". الطفل "مراد" 13 عاماً عائد من جبهة الجوف، يتحدث "للصحوة نت " أنه أمضى العيد السابق في الجبهة وانه شعر بحنين لبيته ومائدة الطعام الشهية صبيحة يوم العيد، لكنه اختار ان يظل في المترس "في سبيل الله" كما قال، وعندما سألته ماذا يعطونهم في العيد هناك؟ اجاب" زوامل" ! كذلك "حمير" ابن السادسة عشرة يقول انه ذهب هو واخوه البالغ 22 عاماً الى الجبهة وقضوا هناك عيدي الفطر والاضحى السابقين، لكنه يعترف ان العيد في المنزل أجمل بكثير، ولماذا إذن لم تعد للبيت؟ اجاب "ما سطاني" بمعنى "لا اجرؤ". وصمت لثوان ونظر الى البعيد وقال " ربما لان اعود". "عبدالسلام" أحد نشطاء حقوق الانسان يقول "مشكلة الأطفال المجندين في اليمن أن40% منهم لا يعرفون أنهم ذاهبون إلى القتال" ويؤكد أن العديد من الاطفال سيرفضون الذهاب الى الجبهات لو قيل لهم مسبقاً انهم سيقضون العيد هناك، لان العيد بالنسبة للأطفال شيء مقدس، ولذلك تعمد الميليشيات الى ايهامهم انهم ذاهبون لحضور دورات ثقافية لأيام محدودة فقط، وهذا مالا يحدث ابداً. هيمنت الصور الحزينة للأطفال وهم في جبهات القتال مشارف ايام العيد على المشهد المحلي وتعاطف الكبار والشباب مع وضعهم، باعتبار إن المأساة التي يعيشها الأطفال بفعل وعمل الكبار سيستمر أثرها السلبي ليس بسلب فرحة العيد من وجوههم فحسب، وإنما على حياتهم وكافة انشطتهم وسيمتد أثرها إلى الجيل القادم، في ظل الوقائع والارقام المؤلمة التي تصدرها المنظمات الدولية عن وضع الأطفال في اليمن ، والتي تؤكد ان عشرات الالف من الاطفال لا يقضون ليالي العيد المباركة مع اهاليهم، بل في قمم الجبال وبطون الاودية صحبة الكلاشنكوف و الآر بي جي.