لم تعد مشكلة الحصول على أضحية العيد، وحدها من ساهمت في إفساد فرحة العيد وتعقيد الوضع على أرباب الأسر بمضاعفة أعبائهم المالية؛ نظراً لارتفاع سعرها، وعدم قدرة الكثيرين على شرائها، وإنما تعدته إلى قضية الحفاظ على الأضحية بعد وصولها إلى المنزل. ففي أول أيام العيد شهدت بعض مناطق الضالع، هروب عدد من الأبقار والماعز من المرابض التي خصصت لها تمهيداً لعملية النحر، ما اضطر مالكيها إلى إعلان حالة الاستنفار في الأحياء لمساعدتهم في اللحاق بها ومطاردتها في الشعاب والأودية. وسجلت في منطقة الجبارة بمريس حالة هروب ثورين كبيرين، عقب إخراج اثنين من جوارهما، وعجز عشرات المواطنين الإمساك بهما بعد مطاردة شاقة إلى نقيل الشيم وقرى فرثان والجرب، وصولاً إلى مناطق بعيدة. وكانت كاميرا مراقبة في الشارع العام بمدينة الضالع عاصمة المحافظة قد سجلت قيام ثور هائج خلال عيد الفطر المبارك بنطح ثلاثة أشخاص كانوا يستقلون دراجة نارية ما تسبب في انقلابها وظل ينطح كل من يقترب منه ما تسبب في إصابة عدد منهم بجروح متوسطة. أما خروف العيد التابع لعائلة المواطن " علي قايد " فإن وضعه هو الآخر مختلف، حيث لم يتمكن من الإفلات والهرب، ولكنه وقع ضحية نفوق غامض داخل كومة من الاشواك التي وضع فيها، لتتفاجأ الأسرة صباحاً وقد فارق الحياة دون معرفة السبب،!! مطاردة مضنية وشاقة كثيرة هي القصص والحكايات في هذا الجانب، حيث يقول توفيق أحمد وهو شخص يعمل في الذباحة، قام من مجلسه هو ومعاونيه لينضموا إلى من سبقهم من الأشخاص، لملاحقة الثيران والإمساك بهما، فيقول أن عملية الملاحقة كانت شاقة ومضنية للغاية، ولا يمكن أن توصف حد قوله. إذ كلما تم الاقتراب من الثور زاد الأخير من هيجانه وجنونه، وزادت سرعته أكثر وأكثر، والانطلاق مسافات أطول. وقال أحمد : لقد حاوطناهما أكثر من مرة من كل اتجاه ولكنهما سرعان ما يتمكنا من الإفلات والهرب من بيننا بالعفس والرفس وهكذا حتى كدنا نفقد الأمل في الإمساك بهم..!! وقد أصيب الأخ عبدالجبار اليريمي بإصابات بليغة نقل على إثرها للمستشفى وذلك بعد تعرضه لنطحة قوية من أحد الثيران وهو بجوار سيارته . وقال نايف المريسي : ها نحن الآن عائدون من منطقة سعده ( 7:47 ) مساء بعد مطاردة استمرت ما يقارب ال 5 ساعات متواصلة انتهت بحصار أحد الثيران في مضيق بإحدى شعاب قرية سعده وإطلاق النار على قدميه، فيما كان الثور الآخر قد جرى محاصرته وتطويقه داخل معسكر الصدرين. وقال نايف أن هذا التوحش من قبل الثيران لم يشهد له مثيل من قبل، ولولا تعاون الكثيرين لما تمكنا من الإمساك بهما. ولأن عادة ما يشهد الناس هروب الأضاحي في أول أيام العيد حيث أن الحيوانات أول ما ترى الدماء وتشم رائحتها تشعر بالخوف وبالتالي تحاول الهرب. الهروب .. ظاهرة متكررة .. كما أن هذه المسألة ليست محصورة في بلد معين وإنما غدت تمثل ظاهرة تشهدها بلدان العالم الإسلامي كافة، فقد أسدت دور الإفتاء عدد من النصائح والإرشادات للمواطنين بحيث يتجنبوا قضية الهروب. من هذه النصائح : الرفق بها عند الذبح وعدم جرها من مكان إلى آخر حتى لا تثير غضبها، ولا تظهر لها آلة الذبح لأن هذا الأمر ضمن أكبر أسباب خوف الأضاحي وهروبها، ولا تذبحها بحضرة أضحية أخرى. فيما سنت بعض البلدان قوانين تنظم مثل هذه الأمور لتصل إلى عقوبة السجن على من يقوم بذبح الأضحية في الشارع، بعيداً عن الأماكن المخصصة لها، كما هو الحال في جمهورية مصر. وبات من الضروري إتباع النصائح المذكورة حتى لا تتعرض الأضحية للخوف من الذبح بشكل يدفعها للهرب، كما لابد من أخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة للحفاظ على الأضحية، من خلال خطة تأمين محكمة تضمن سلامتها وعدم خسارتها، أو على أقل تقدير لا تسبب في الكثير من المشاق والمتاعب المترتبة على هروبها.