الرئيس الزُبيدي يهنئ الجنوبيين بحلول عيد الأضحى    الرئيس يهنئ بمناسبة عيد الأضحى ويؤكد الالتزام بتوفير الخدمات واستعادة مؤسسات الدولة    أنصار الله: الفيتو الأمريكي يشرعن جرائم الصهاينة والتصعيد العسكري لقواتنا قادم    محافظة ذمار تُسيّر قوافل عيدية للمرابطين في الجبهات    الرئيس المشاط يهنئ قادة الدول العربية والإسلامية بحلول عيد الاضحى    محافظة صنعاء تسير 270 رأسا من الماشية للجبهات    رونالدو يحطم العقدة الألمانية ويقود البرتغال إلى نهائي دوري الأمم    الفضة تتجاوز 35 دولاراً للأونصة لأول مرة منذ أكثر من عقد    لماذا لم يستخدمها ضد الحوثي: طائرات مسيّرة تركية ضد قبائل مأرب    يوم عرفة والقيم الانسانية    عيد الأضحى تضحية وعطاء    المحضار.. لبيك اللهم هم لبيك ودعاي وجهته اليك    اليمن وقع عقد مع شركة أميركية لبناء 5 محطات نووية لإنتاج الكهرباء.. أين ذهب    مُفتي سلطنة عُمان: رئيس أمريكا طلب من مسقط أن تتوسط له لدى الحوثيين    عدن تتنفس السموم.. تقرير استقصائي يكشف كارثة صحية وراء حملات "الرش الضبابي"    إني أفتقدك يا وطني..؟!    البيض يقدم رؤية لإنهاء الأزمة والحرب وإعادة بناء اليمن    ترامب يحظر دخول مواطني عدة دول إلى الولايات المتحدة بينها اليمن    لجنة نقابية: نقل النفط من العقلة إلى عدن مخالف عبث ومخالف للتوجيهات    نص الدرس السادس لقائد الثورة من سلسلة دروس القصص القرآني    لجنة لتسهيل الإجراءات الجمركية لشاحنات المستوردين عبر خط عدن - الضالع- صنعاء    حجاج بيت الله يتوافدون على عرفات لأداء الركن الأعظم    ارتفاع قياسي لأسعار الأضاحي بعدن يطفئ فرحة العيد    أزمة خانقة في الغاز والبترول في عدن عشية عيد الأضحى المبارك    البرتغال تنهي عقدة ألمانيا وتتأهل لنهائي دوري الأمم الأوروبية    ارتفاع قياسي لصادرات السلاح الصهيوني لدول اتفاقات أبراهام    وول ستريت جورنال تعترف: اليمنيون أرهقوا أمريكا بعمليات معقّدة    النفط يتراجع والذهب مستقر    الهلال السعودي يعلن عن تعاقده مع المدرب الايطالي إنزاغي    الشماسي يعمل لصالح هائل والعليمي ويعفي شركة OMV من 100 مليون دولار ضرائب    حين يغضب الشعب لا تسألوا لماذا؟    المقالح: رفض الحوار والمصالحة والشراكة بعد فشل الحل العسكري يمثل هزيمة وخيانة    اللجنة الأمنية: عناصر مدعومة من الحوثيين نفذت أعمالاً تخريبية وسنتعامل معها بحزم    عدن تستقبل عيد الأضحى بأزمة غاز    سريع يعلن عن عملية في يافا بطائرتين مسيرتين    دوري الامم الأوروبية: كريستيانو ينهي سلسلة هزائمه امام الالمان ويقود البرتغال للنهائي    39 منظمة في عدن تناشد مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة للتدخل لوقف تدهور الأوضاع    مودريتش يقترب من الانتقال إلى الدوري الإيطالي    تربية تعز تقر حرمان طالبة عامين دراسيين بسبب اعتدائها ووالدتها على إحدى المعلمات    مرصد إعلامي: مايو الأكثر قمعاً على الصحفيين اليمنيين خلال العام 2025    شركة طبية سعودية تتنصل من التزاماتها للحجاج اليمنيين    هلال الإمارات يبدأ توزيع كسوة العيد على الأيتام في شبوة    العثور على سوار ذهبي للفايكنغ في إحدى الجزر التاريخية بالبحر الإيرلندي    ريال مدريد يتصدر تصنيف اليويفا.. وبرشلونة في المركز العاشر    صفقة ثقيلة.. إنزاجي يبدأ مهامه في الهلال    كيفية استعادة صحة الأمعاء بعد تناول مضادات الحيوية    سانشو يعلن رحيله عن تشيلسي    البرنامج الوطني لمكافحة التدخين يواصل جهوده التوعوية بأضرار التدخين في حضرموت    عيد مدجّج!!    وفاة الفنانة سميحة أيوب عن عمر يناهز 93 عامًا    العثور على جمجمة ستيجوصور عمرها 150 مليون عام    إلى هديل المجد وأغنية الضوء    ابنة المناضل راشد محمد ثابت تكشف الحالة الصحية لوالدها وحقيقة ما حصل معه وتوضح موقف السفير باحميد    الأوقاف تعلن اكتمال تفويج الحجاج اليمنيين إلى الأراضي المقدسة    وزير الصحة لمناقشة التدخلات لمواجهة الإسهالات المائية الحادة    مرض الفشل الكلوي (7)    حين يتحول الشاعر الى لغة واللغة الى كون متخيل في البومات آدم الثاني ل"علوان الجيلاني"    - وجوه يمنية في القاهرة..يكتب عنها الصحفي الصعفاني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مكة المكرمة تروي قبسات من أخبارها (3)

سعى الملأ من قريش إلى ألا يستجيب أحد من أهلي و بَنِيّ للنور الذي عمّ أرجائي، و مضوا يحاربون الرسول الكريم ، و يتعامون عن الحق المبين.

ما أتعس الملأ و هم يتعامون عن الحق، و يَخْنسون عن صحيح المواقف ، متمسكين بأوهام صَدّقت بها مصالحهم، و تعلقت بها قلوبهم. لكنها المنفعة الحقيرة التي تتضخم حتى تسد أمام ناظري صاحبها الأفق، فيرى فُتات المنفعة و قد تكاثر، و تعملق، حتى غَيّب العقل، و الكرامة، و الحق، و النبل، و الدين، و غدا يَتكفّف الطغيان الظاهر و الخفي، و إذا هو قد باع كل خير، و تنكر لكل موقف، و خسر الدنيا و الآخرة،و ذلك هو الخسران المبين.

غادرني الركب الكريم المهاجر بسلام و عافية، و اكْفَهرّ الجو في سمائي، و أجدبت شِعابي ، و عاد الوادي وادٍ غير ذي زرع و لا نور . فقد حل النور هناك في يثرب، و أينع الزرع في المدينة المنورة.

تأمّلتُ في وجوه الملأ و هم يَخطُرون في أنحائي لَعَلّي أجد في وجوههم ما أَقرأ به حقيقتهم بعد أن هاجر النبي الكريم و الضياء المبين، فلم أجد فيها إلا الخيبة تكسوها، و الانكسار يعصف بها،و القلق من أن الدين الحق قد صارت له حاضنة و أنصارا في يثرب.

الملأ الذين تتحكم فيهم الأنانية، و المصالح الذاتية، يَتقزّمون ؛ لأنهم يُعادون، و يُخاصمون عمقهم الزماني و المكاني، و يتنكرون لِسرِّ قوتهم، و رسالتهم، و فضّلوا اللّهثَ خلف سراب يحسبه عبد الشهوات ماء.

مضت الأيام، و هالني ذات صباح و ضمضم بن عمرو الغفاري رسول أبي سفيان إلى قريش يُوَلْول، و يستصرخ ؛ قد جَدع أنف بعيره، و حَوّل رَحْلَه، و كشف عن سَوْأته مبالغا في الإثارة، و هو يصيح: اللطيمة.. اللطيمة.. لقد اعترض محمد و أصحابه قافلتكم.

و أعلنت قريش النفير و بالغت في الاستنفار لتستأصل بزعمها محمدا و أصحابه.. و خرجت قريش بقضها و قضيضها لقتال محمد.

و اشتد بي القلق ،و قد خرجت قريش بذلك الجيش الكبير، فيما نقلت إلينا الأخبار،أن الرسول الكريم إنما كان قد خرج بثلاثمائة من أصحابه، مواجهة غير متكافئة، إلا أنه لم يمض وقت طويل حتى كانت فلول قريش تعود مهزومة، و إذا بالملأ المتغطرس قد صاروا بين قتيل و أسير بيد المسلمين في بدر.

و أشد ما أثار استغرابي في أحد الأيام ؛ حين طرق أبوابي أكثر من عشرين يهوديا، من ملأ يهود، و زعمائهم، و كان على رأسهم أشقاهم : حُيي بن أخطب؛ فقد غدر يهود و مكروا في المدينة المنورة فقاتلهم الرسول و أجلاهم عنها، فتجمّع حقدهم ، و جاؤوا إلى قريش يحرضونها على غزو المدينة، و يَعِدون أهلها انهم سيكونون معهم، و أنهم قد ضمو إليهم قبائل عربية كثيرة، ستكون معهم في الغزو، منها : غطفان، و فزارة، وأسد.. و غيرها.

و عجبت كيف يستجيب العربي لليهود على بغيهم و مكرهم، و حقدهم ، وكيف يجيزون لأنفسهم أن يقاتلوا عربا جنبا إلى جنب مع يهود . لكنها المواقف التي تجهل الحقيقة ، و تفقد الصّواب، و تفتقر إلى رُشد العقيدة.

و ما هي إلا أيام حتى رجعت قريش من غزوة الأحزاب منكسرة مدحورة.

و كان أعز أيامي و أعظمها و أجملها ؛ حينما عاد الركب المهاجر قبل ثماني سنوات فاتحا، فهاهو ذا قد وصل أطرافي للفتح الأعظم.

و دخل الرسول على ناقته متضرعا، مبتهلا، متبتلا، شاكرا لأنعم الله، و نصر الله و الفتح. و غرقتُ في تفكير، و ذكريات، و الملأ من قريش يطاردون المسلمين ، و يلاحقونهم بالأذى، ثُم و النبي يغادرني مهاجرا، و الملأ من قريش يذرعون أنحائي جيئة و ذهابا ؛ كيف أفلت منهم محمدا ؟ و لم أفق من ذكرياتي إلا على صوت تَحَطُّم الأصنام، و تطهير البيت من الأوثان ..!! و رحت من جديد في تفكير أعمق.. كيف أصبحت تلك النبتة الأولى : " إقرأ " و التي حاربتها قريش بكل شراسة بهذه القوة ، و العظمة، و الاقتدار.

إنها العقيدة الحقة، التي تنشئ أجيالا صادقة ، تُطَوّع المستحيل، و تهزم المشاق، و تستعصي على الصعاب، فحيث الصبر و العمل ، يكون النصر، و الفتح المبين.


و مرة أخرى يعود إليَّ الرسول الكريم، في حجة الوداع تَحفّه، و تحيط به الألوف المؤلفة، في مشهد مهيب، لم أعرفه من قبل، و لا عرفَت مثله الجزيرة العربية كلها.

و ياله من موقف رهيب و قد وقف الرسول صلى الله عليه وسلم على صعيد عرفات ، يُوْدِع سمع المكان و الزمان ، و الإنسان إرشاداته الغالية، و وصاياه الخالصة.. ثم يختمها بسؤال ألقاه سمع الكون كله، و الحاضر و المستقبل : ألا هل بلّغت؟ فيردد حشد عرفات جميعهم : نشهد أنك بلّغتَ، و أدّيتَ، و نصحت.. فيردد السؤال ثلاثا، و يكررون الشهادة ثلاثا؛ فيقول: اللهم فاشهد.

و تذكرتُ يوم أن جمع الرسول قريشا أول مرة ليبلغهم دعوته، حين ناداهم : وا صباحاه ! و أخبرهم أنه نذير لهم ، فقال قائلهم : تبا لك، ألهذا جمعتنا؟!

و رحتُ أبحث عن رجال شهدوا ذلك اليوم، فإذا هناك الكثير ممن حضروه ؛ رأيت أباسفيان، و سهيل بن عمرو، و الحارث بن هشام .. و آخرين كثير، ممن كان لسان حالهم و مقالهم ، و موقفهم، هو: تبا لك ! لكنهم اليوم قد تبدلت قناعاتهم، و ها هم ممن يشهدون أن الرسول بلّغ، و أدّى، و نصح.

إنه الصبر، و العمل المتواصل، و الأرقام الصحيحة التي لا يعتريها خوف، و لا يرتهنها طمع، و لا تبدل تبديلا.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.