لم يكن إشهار تأسيس حزب التجمع اليمني للإصلاح قبل 35 عاماً، إلا تتويجا لنضال وطني بدأ مبكرا قبل إعلان الجمهورية، وهو امتداد لحركة الإصلاح اليمنية التي بدأت بشكل مبكر في معركة الوعي ضد الإمامة في الشمال والاستعمار البريطاني جنوباليمن، وهذا النضال هو مفتتح التأريخ اليمني الحديث. كثير من محاولات قراءة تأسيس الإصلاح من خلال التحولات خلال العقود الماضية تخلط بين دعاية الصراع السياسي التي رافقت الحزب منذ تأسيسه، والحقائق التأريخية والوطنية، والتي نحاول أن نستعرضها منذ ما قبل إعلان الإصلاح حزباً سياسياً، ومراحل نضال اليمنيين التأريخية والتي تحولت إلى جزء من البرنامج السياسي للإصلاح.
كان تأسيس الإصلاح في 13 سبتمبر/ أيلول 1990، هو إعلان النشأة الأولى لليمن الكبير بعد أشهر من إعلان الوحدة اليمنية والتي كانت تتويج لنضال مشترك للمناضلين اليمنيين شمالاً وجنوباً، وبهذا الإعلان الذي كان سياسياً بعد عقود من التكامل النضال الوطني المشترك، اكتملت ثنائية أهداف الثورات اليمنية المجيدة.
والمقصود بالثنائية هنا هي الأهداف الكبرى لثورتي 26 سبتمبر 1962، في شمال اليمن وثورة 14أكتوبر 1963 في الجنوب، والتي كانت أبرز أهداف الثورتين هو التحرر من استبداد الإمامة وإعلان إقامة حكم جمهوري هذا شمالا، وطرد الاحتلال البريطاني وإعلان الوحدة بين السلطنات جنوباً، ولاحقا النضال من أجل وحدة اليمن.
يتفق اليمنيون بمختلف التوجهات الفكرية على أهداف الثورتين في منتصف القرن الماضي، واللتان كانتا بداية المشروع لنشوء الجمهورية، واكتمال أهدافها بالوحدة الوطنية في 22 مايو 1990، لكن قبل ذلك كان هناك مسار نضالي وطني كبير لمواجهة أكثر من قرن من حالة التفكك والدويلات وسيطرة الإمامة في الشمال، والاحتلال البريطاني الذي قسم الجنوب إلى 22 سلطنة.
لكن كيف تم الوصول إلى هذه الثورات وامتدادها بحركة الإصلاح اليمنية، وعلاقتها بالتحولات على مستوى الوطن العربي في مراحل مختلفة، وكيف تم صياغة فلسفة سياسية لحزب الإصلاح تعتمد على هذا السياق التاريخي الوطني؟
حركة الإصلاح اليمنية التأريخية بدأ تيار الحركة الإصلاحية في اليمن خلال مراحل الصراع الإسلامي الفقهي الذي نشأ مع الدولتين الأموية والعباسية في القرن الأول هجري السابع ميلادي، وما نتج عنها من صراعات امتدت لقرون كانت الفلسفة الفقهية الدينة جزء من ذلك الصراع، ومن هنا تشكلت مدرسة إصلاحية يمنية تتقاطع وتختلف.
وفي القرن الثالث هجري بدأ التشيع السياسي التوسع في اليمن عبر الزيدية والإسماعيلية، في ذات الوقت كانت المدرسة الإصلاحية اليمنية بدأت بالتشكل وكان أبرز رموزها "عبد الرزاق الصنعاني الحميري" وكانت صنعاء مزاراً لفقهاء المذاهب كالإمام الشافعي وأحمد بن حنبل ولا تزال مقولة الشافعي الشهيرة "لابد من صنعاء ولو طال السفر" شاهدةً على تلك الريادة.
كان هدف المدرسة الإصلاحية اليمنية تقديم تصور فقهي بعيداً عن الجمود المذهبي الذي افرزه الصراع الأموي العباسي، ووصف الباحث نبيل البكيري تلك المرحلة بالقول "أن التشيع السياسي والتسنن الأموي والعباسي اختزل الإسلام بقريش من دون الناس".
وبرزت الحركة من خلال أبعادها اليمنية باستعادة الهوية الحضارية في مواجهة التيارات السياسية الوافدة بقالب مذهبي، وكانت تلك المعالم واضحة في كتابات "الحسن بن أحمد الهمداني" الذي واجه الزيدية السياسية، وكتب صفة جزيرة العرب لتأكيد الخصوصية اليمنية، ولاحقا "نشوان الحميري" الذي كان أول من رفض نظرية "البطنيين" التي تحتكر الحكم لسلالة معينة.
وامتدت هذه الحركة عبر قرون وصولا الأمير الصنعاني والمقبلي والإمام الشوكاني، والذين كان لديهم تصور للإصلاح الديني المرتكز على الاجتهاد المطلق في النصوص الدينية في مواجهة الفكر الزيدي الذي كان مسيطر شمالي اليمن، وطور الشوكاني المشروع الإصلاحي في الدمج بين الفكر والعمل السياسي.
وممكن أن نلخص مسار أهداف نضال حركة الإصلاح اليمنية تاريخيا، في التحرر من التبعية المذهبية والسياسية المستوردة التي تحاول أن تفرض على اليمنيين، ومن هنا خلقت الدعوات للاجتهاد والتجديد والتمسك بالهوية اليمنية الحضارية، ومواجهة مشروع الطبقية السلالية والانفتاح على العلوم باعتبارها مسار في تطور البشرية، وهذا كان فكر متقدم حينها.
تحولات القرن العشرين رغم تبني الحركة الإصلاحية التأريخية في اليمن نموذج مستقل خلال قرون كان يراعي الخصوصية اليمنية والبعد الثقافي والحضاري، إلا انها أثرت وتأثرت في مراحل مختلفة لكنها لم تكن تابعه بل فلسفة مستقلة بذاتها، لكن العوامل الثقافية التأريخية المشتركة كانت جزء من هذا التأثر، وخاصة خلال ثلاثينات القرن العشرين من بروز حركات النضال العربي ضد الاستعمار الذي جاثم على كل الدول العربية حينها.
كانت نواة الثورة تتشكل بطرق مختلفة حينها ضد الإمامة، لكن كثير من الصعوبات التي واجهت فكرة إسقاط الإمامة، ففي الوقت الذي كانت الدول العربية تعيش تحت سلطة ملكيات تابعة للاحتلال ترى في شمال اليمن انه خالي من الاستعمار، لكنه كان يرزح في التخلف ومن هنا اندلعت ثورة 1948 التي فشلت وتعرض فيها كافة رموز الحركة الإصلاحية للإعدام.
ونجا المناضل الوطني محمد محمود الزبيري والذي كان ضمن وفد للتعريف بالثورة، وكان حينها ضمن قيادات حزب الأحرار الذي أسس بقيادة أحمد محمد نعمان ومعه وزيد الموشكي، وكانت الحركة الثورية الإصلاحية تمر في معاناة كبيرة حيث تشردوا ولم يقبلوا في الدول العربية.
وتزامن فشل الثورة مع النكبة الفلسطينية وإعلان الكيان الصهيوني وكان العرب محتشدين في ذات المأساة، حينها الإمام أحمد طلب من الاحتلال البريطاني طرد الزبيري وكافة المناضلين كان من بينهم الزبيري، الذي انتقل إلى الهند ومن ثم استقر في باكستان. وقال الباحث اليمني ثابت سعيد "في تلك المرحلة عاشت الحركة الإصلاحية مرحلة فراغ بعد اعدام النواة الأولى، والتي ارتبطت بنكبة فلسطين".
وكان هناك تخادم بين الإمامة والاحتلال البريطاني حيث طلب الامام أحمد بعد 48 طرد المناضلين والمدرسين المصريين من عدن، ومن بينهم المناضل الجزائري الفضيل الورتلاني والذي كان مطاردا من قبل الفرنسيين وكان موفد من قبل الحركة الإسلامية التي نشأت لمناهضة الاستعمار لكنه تشرد.
وعند قيام ثورة الضباط الأحرار في مصر عام 1952 بدأت مرحلة تحول جديدة في المنطقة العربية وكانت مصر الدولة المركزية حينها في دعم حركات التحرر من الاستعمار الفرنسي والبريطاني في الدول العربية، في هذا التأريخ كانت هناك معركة وعي يقودها مناضلون من عدن ضد الامامة والاستعمار.
وفي الخمسينات كانت ذروة بروز الدعوات القومية العربية حيث انتصرت مصر في العدوان الثلاثي وأعلن جمال عبد الناصر مشروع الوحدة العربية مع سوريا وانضم إليها الإمام أحمد باليمن الشمالي، وخفت التيار الإسلامي الذي كان في الثورة نتيجة خلافات كبيرة مع الضباط الأحرار. لكن نشاط التوعية في اليمن ضد الاستعمار كانت مستمرة، وفي مذكرات "محمد قائد سيف" أورد أن "المدرسين المصريين، كانوا يلقنوا الناس في عدن يسموا الدكاكين والمحال التجارية بأسماء صنعاءوتعز وصعدة" لإبقاء حالة الوحدة الوطنية حية في الذاكرة الجمعية.
ثورتي 26 سبتمبر و14 أكتوبر في الخمسينات بدأت تتأسس الأفكار القومية واليسارية الشيوعية، ومعها كان هناك نشاط للإخوان المسلمين وكل تلك الأفكار كانت شعبية حينها قبل أن تتحول إلى حالة تنظيمية، كانت اليمن جزء التأثر الذي انتشرت في مصر وسوريا والعراق، لكن كانت لدى اليمنيين معركة مختلفة وهي الإمامة.
لم تكن حالة الاستقطاب حادة في مطلع الخمسينات مثلما تطورت لاحقاً إلى تصفيات ونزاع، حيث كان الهدف هو التحرر من الاستعمار وخلق ثقافة عربية مستقلة وكان هناك تداخل بين الإسلاميين والأفكار الأخرى بالنسبة لحالة الدول العربية، لكن في اليمن كان الوضع مختلف مازال اليمنيون تحت الاستعمار والاستبداد وهدفهم الجماعي التخلص منه.
لكن نستطيع القول إن التيار الماركسي الشيوعي والتيارات القومية تشكلت في أواخر الخمسينات، في ذات الوقت كانت تتشكل نواة الوعي للثورات اليمنية، وكان غالبيتهم يدرسون في المدارس والجامعات المصرية، حينها كان المناضلين ورواد الحركة الإصلاحية يخوضون معركة من أجل اليمن.
وفي ذروة صراع القوميين والشيوعيين وكان حينها تم حل الإخوان المسلمين من قبل قيادة الثورة المصرية، بدأت تتشكل حركة الإصلاح اليمنية من جديد كان الهدف إسقاط الإمامة، وكان رموزها الطلاب في مصر هم عبد المجيد الزنداني وعبده محمد المخلافي، وعبد السلام العنسي، وآخرين والذين شكلوا حركة الحياد بين التيارات القومية والشيوعية ويلتقون ويستلهمون الأفكار من محمد محمود الزبيري.
وبالتزامن مع حركة العسكريين من الضباط الأحرار في اليمن بقيادة المشير عبد الله السلال، التي كانت تقتنص الفرصة للثورة وإسقاط الإمامة، كانت حركة الطليعة الإسلامية العربية التي تعمل في مصر بمعركة الوعي وكانت رسمية ويعرف أنشطتها النظام في مصر، في تلك الفترة كان الإخوان جماعة محظورة، وهذا يشير أن حركة الإصلاح اليمنية كانت مستقلة بذاتها منذ البدايات.
ولم تكن الحركة الطليعة فرعًا من الإخوان، لكنها تأثرت بها فكريًا لأن التدين حالة أساسية لدى اليمنيين وله تأريخ من الاجتهاد الفقهي والإصلاحي وهناك تراث كبير، وعقب اندلاع ثورة 26 سبتمبر 1962 عاد كل أولئك الشباب اليمنيين وأيضا الزبيري، وكانت مهمتهم في مواصلة التوعية.
بعد نجاح الثورة عُيّن الزبيري وزيرًا للتربية والتعليم، ثم نائبًا لرئيس الوزراء، وعضوًا في مجلس الثورة ولم يستمر طويلاً حيث تم اغتياله في مارس 1964، ومن ضمن الشباب اليمنيين في حركة الطليعة الذين عادوا من القاهرة إلى صنعاء عبد المجيد الزانداني، وبدأ في تقديم برنامج إذاعي بعنوان "الدين والثورة" ولهذا مبررات مهمة حينها.
وكان النظام الإمامي يقوم على أساس فكرة دينية سلالية طبقية وأمام الثوار تحدي في مواجهة هذه السردية، ومن هنا كان دور شباب حركة الطليعة وجاءت فكرة البرنامج الإذاعي الذي قدمه الزنداني. وقال الباحث سعيد ثابت "أن سبب هذه الفكرة هي لمواجهة الدعاية الإمامية التي تقوم على فكرة ان النظام الجديد ضد الإسلام وكان لابد من مواجهة هذا الخطاب الذي لم يكن أولوية لدى القوميين".
هؤلاء الطليعة من الشباب كانت نشأتهم وطنية يمنية قومية وكان الهم الوطني هو الشاغل لديهم وتلك هي العلاقة التي بنوها مع جمال عبد الناصر حينها كونه ساند الثورة وإعلان الجمهورية وهذه المساندة تكشف عدم الارتباط الأيدولوجي الخارجي ومحلية الأهداف والانتماء لكن حدة الصراعات كان لها مسار مختلف.
وفي ذات الوقت كانت هناك تنظيمات مختلفة تقود معركة أخرى في جنوباليمن ضد الاحتلال البريطاني الذي كان يسعى لتغيير ديمغرافي في مدينة عدن لإلغاء هويتها العربية، من خلال توطين قوميات مختلفة لكن ذلك كان محل مواجهة مع العلماء ورواد الحركة الإصلاحية اليمنية.
وأبرز أولئك الرواد هم الشيخ محمد بن سالم البيحاني والمناضل الوطني عمر طرموم، كلاهما شكلا حالة من الوعي والنضال ضد الاستعمار وأسسوا المعهد الإسلامي والذي كان جامع لكثير من المنتمين إلى عدد من الأفكار والتيارات حينها، حيث كانت عدن مدينة مفتوحة على العالم.
في عدن كانت الحركة الإصلاحية عبارة عن فكرة تحظى بدعم كبير محلي عبر المركز الثقافي الإسلامي وكان على علاقة بحركات وتنظيمات المقاومة ضد الاستعمار، وكانوا قيادات فاعلة في المجتمع بلا تنظيم بمفهومة التقليدي وكانت حركة فكرية منفتحة على الجميع.
ما بعد إعلان الجمهورية مرت الثورات اليمنية بإرهاصات كبيرة ومراحل متعددة خلال نحو 7 سنوات من اندلاعها، لكن لم تنتهي معركة النضال بسبب التدخلات الإقليمية التي كانت تخوض معارك بينية في ذروه تضخم القوميين العرب والذين خاضوا معارك مع ما كانوا يسمونها الرجعية المتخلفة، وهذا من ضمن التأثير المباشر فكريا والذي انعكس بين المكونات اليمنية.
ورغم حالة الصراع كان رموز الحركة الإصلاحية يخوضون معركة وطنية بمسار واضح شعارها الجمهورية ومن خلالها كانت تتوسع في اليمن شمالاً وجنوباً وكان الوعي هو مركزية النضال، ففي مدينة تعز كان عبده محمد المخلافي يكتب عمود أسبوعي بعنوان "الدين والكهنوت" ووفق الباحث سعيد ثابت "كان يقدم خطاب متقدم في حينها بمواجهة أفكار الإمامة".
وبعد نكسة عام 1967 بدأت اليمن تتخفف من حالة الاستقطاب عربياً بعد انسحاب الجيش المصري من شمال اليمن، وبالتزامن انسحب آخر جندي بريطاني من عدن في 30 نوفمبر من ذات العام، وتم تشكيل المجلس الوطني عام 1968 وكان قادة الحركة الإصلاحية جزء أساسي من تشكيلة المجلس عبر "عبد المخلافي" الذي راس لجنة التعليم والخدمات والصحة.
لكن في سبعينات القرن الماضي شهدت شمال اليمن صراعات داخلية سواء في حروب المناطق الوسطى وعرفت ب"حرب الجبهة" خاضتها قوى اليسار وأيضاً حالة استقطاب في السلطة بين التيارات القومية، وأيضا في جنوباليمن بين تيارات الشيوعيين وأبرزها يناير 1986، كل هذه كانت المخاض الأخير في البحث عن الهوية اليمنية في معارك الاستقطاب بأفكار خارجية.
بالتزامن مع ذلك كانت الحركة الإصلاحية تتوسع عبر المعاهد العلمية التي بدأت في السبعينات، والتي أسهمت في نشر التعليم الحديث والذي كان أساسه ديني معاصر يواجه التعصب المذهبي وحالة الفرز الذي خلقتها الإمامة في تقسيم اليمنيين زيود وشوافع وغيرها، وكانت الاستجابة سريعة من المجتمع اليمني، لأن الخطاب كان متوازن ويفتد خرافات الإمامة ضد الجمهورية.
وفي مطلع الثمانيات تم البدء بإعداد الميثاق الوطني، وعلى إثره تم إعلان المؤتمر الشعبي العام في أغسطس 1982، كمشروع سياسي وفكري هدف إلى توحيد الرؤية الوطنية بعد مرحلة من الانقسامات والصراعات الداخلية التي كانت تهدد النظام نتيجة حدة الصراع، وكان قادة الحركة الإصلاحية جزء من هذا المشروع لحماية النظام الذي يتداعى.
وفي 11 إبريل 1985 أصدر الأستاذ محمد عبد الله اليدومي صحيفة "الصحوة" التي كانت تعتبر لسان حال تيار الإصلاح الإسلامي اليمني في أول افتتاحية للصحيفة قدم ملخص عن الخطاب الفكري والثقافي كامتداد للحركة الإصلاحية، وقال مخاطباً القراء "انطلاقنا معا في طريق الحق والقوة والحرية".
تأسيس حزب الإصلاح
وفي أواخر الثمانينات كانت اليمن تعيش حالة استقرار وتم إعلان إعادة تحقيق الوطنية في 22 مايو 1990م، وبعد أربعة أشهر وتحديدا في 13 سبتمبر 1990 أعلن التجمع اليمني للإصلاح، كحزب سياسي يمثل امتدادا فكريا وسياسيا ونضالياً لحركة الإصلاح التأريخية اليمنية.
وكان تأسيس الإصلاح كتيار سياسي إعلان للتعددية الحزبية التي كانت إحدى اشتراطات الوحدة اليمنية وعمل على تأطير غالبية فئات الشعب اليمني وهذا انعكس على التمدد شعبياً من حين ولادته خلال العقود الماضية، وكان وجوده حقيقة موضوعية أمام حزبين نشأت من السلطة في الشمال والجنوب.
ويقول سعيد ثابت صاحب كتاب الحركة الإسلامية في اليمن "تفاجأ الناس أثناء تأسيس الإصلاح أن هذا الحزب الأكبر وفي الحقيقة ارتكز على نواه صلبة موجودة من الستينات وهذه كانت المحرك الحقيقي لهذا الحزب الكبير الذي جمع كل الناس".
اكتسب الإصلاح شعبية واسعة بفضل الخطاب السياسي المعتدل، وحقق المركز الثاني في أول انتخابات برلمانية عام 1993م ب63 مقعدًا، بعد المؤتمر الشعبي العام، وكان في المركز الثالث الحزب الاشتراكي اليمني وبعد حرب صيف 1994 كان هناك حالة تفاهم بين حزبي المؤتمر والإصلاح.
لاحقًا، تفاقمت الخلافات بين المؤتمر والإصلاح بسبب سياسات الإقصاء والفساد، ما دفع الإصلاح إلى الخروج من الحكومة بعد انتخابات 1997م، احتجاجًا على تهميشه وعدم قدرته على التأثير في السياسات العامة، ليتحول إلى المعارضة السياسية.
من هنا بدأت حالة الدعاية ضد الإصلاح تتضخم في سياق الصراع السياسي بدء من الإرهاب مع تصاعد الموجة العالمية بداية الألفية الأولى، لكن تلك الدعاية كانت بسردية هشة في الواقع وظل حزب الإصلاح فاعل خلال العقود الماضية إلى الان، وفي كل مرحلة يتعرض لذات الدعاية التي تحاول تفكيكه واستهداف بنيته السياسية والتنظيمية.
ربما من خلال ما اورنا من المراحل التأريخية اليمنية يفهم جذور تأسيس الإصلاح والعمق اليمني الذي مثله خلال العقود الماضية، وبالعودة إلى تعريف الإصلاح لنفسه يقول أنه "حزب سياسي يمني المنبت والجذور، يشكل امتداداً لحركة الإصلاح اليمنية التاريخية فكراً وسلوكاً في جميع ربوع اليمن".
ويشير وفقاً لإعلان الإصلاح بذكرى تأسيسه ال 26 عام 2016 "أن الحركة الإصلاحية التي تستند لها جذوره، عملت وظلت تعمل لإعادة الوجه المشرق لليمن وتحريره من التشوه الذي أصابه بفعل الاستعمار الاجنبي والحكم الاستبدادي الطبقي العنصري للأئمة".
وكحزب مؤثر في المشهد السياسي اليمني يثار الجدل ما بين الحين والآخر عن علاقته بالإخوان المسلمين وخاصة في مرحلة حروب الحوثيين والتي على إثرها سقطت الدولة في 21 سبتمبر 2014، لكن الإصلاح ينفي وجود كيان اسمه الإخوان المسلمين في اليمن.
وفي تصريح صحافي -نشر عام 2018 بصحيفة اليوم السابع المصرية- قال عدنان العدينى، نائب رئيس إعلامية الإصلاح "الإصلاح حزب يمنى وليس له علاقة إدارية بأي تنظيم خارج البلد ومنها الإخوان"، لافتا أنه "يتواجد فى كل محافظة ومازال بنفس قوة تواجده، فهو أهم ركائز الشرعية السياسية اليمنية".