منذ بواكير نشاطه، عمل الإصلاح على الانتقال بالفن من منطقة الترف الثقافي إلى جعله وسيلة تعبيرية أصيلة تعزز الهوية الوطنية وتغرس قيم الجمهورية، فقدَّم إنتاجًا متنوعًا شكّل رافعة فكرية وثقافية موازية لنضاله السياسي، عبر الأناشيد والمسرحيات والبرامج والفعاليات الفنية. أدرك الإصلاح مبكرًا أن معركة الوعي لا تقل أهمية عن المعركة السياسية والعسكرية، فعمل على حشد طاقاته الإبداعية وأنتج سجلًا كبيرًا من الأعمال الفنية، والتي أصبحت علامات بارزة في خطاب مشروع التحرر والمقاومة الوطنية خلال السنوات الماضية.
مع الانقلاب الحوثي، تحولت الأعمال الفنية الإصلاحية إلى صوت الجماهير في الساحات والجبهات، تستنهض الهمم وتواجه آلة التجهيل الطائفية بشعارات الجمهورية وقيم الثورة، وترسّخ وعي الأجيال بخطر عودة الإمامة وأساليبها في الاستبداد والتمييز الطبقي والسلالي.
وقد مثَّل الإنتاج الفني للإصلاح مشروعًا وطنيًا واعيًا حمل رسالة الدفاع عن الهوية اليمنية، محافظًا على حضوره في الفعاليات والذاكرة الشعبية؛ لينجح الإصلاح بذلك في ترسيخ الفن كجبهة موازية للمقاومة، تسهم في مواجهة مشاريع الموت والتطييف والتمزيق.
- مضمون وطني متجدد
حافظ الإصلاح عبر إنتاجه الفني على تقديم مضمون وطني متجدد يواكب متغيرات الساحة اليمنية، فجعل من الأناشيد والمسرحيات والبرامج والأعمال الإعلامية مرآة لقضايا الوطن، وخطابًا حيًا يعبر عن وجدان المجتمع.
في هذا السياق، أكد المنشد طه الرجوي أن التجمع اليمني للإصلاح اعتمد منذ تأسيسه على الإنتاج الفني كجزء أصيل من مسيرته الوطنية، إدراكًا منه لأهمية الفن كأداة تعبيرية قادرة على الوصول إلى وجدان الناس والتأثير في وعيهم الجمعي.
وأوضح الرجوي في تصريحات خاصة ل"الصحوة نت"، أن المسيرة الفنية للإصلاح جسدت المبادئ الوطنية في قوالب إبداعية، وساهمت في مواجهة كل خطاب يدعو للكراهية أو التطرف أو السلالية والعنصرية، مقدمة صورة بديلة ومشرقة عن القيم الجامعة للشعب اليمني.
ولطالما ارتبطت الأعمال الفنية الإصلاحية، الأناشيد مثلا، بمناسبات الثورة والجمهورية والوحدة، متجاوزةً حدود التمجيد الحزبي على حساب إغفال الوطن، لتذكر اليمني بقضيته الأم وتربط الأجيال المتعاقبة بالثوابت الوطنية.
وخلال سنوات الحرب، أنتج الإصلاح فنًا يركز على تعزيز روح الانتماء وترسيخ الهوية اليمنية الجامعة، في مواجهة محاولات التزييف الحوثية؛ فجاءت الرسائل الفنية لتعري مشروع الإمامة وتؤكد على المقاومة والتحرر والتعددية، مستندة إلى قيم سبتمبر الخالدة كإطار جامع لكل اليمنيين.
وبذلك، ظل المضمون الفني للإصلاح متجددًا لا يكرر نفسه، يستلهم من الواقع أدواته وأفكاره، ليبقى قريبًا من الناس ومعبرًا عن تطلعاتهم؛ وهو ما جعله جزءًا أصيلًا من معركة الوعي، وجبهة ثقافية رديفة للجبهات السياسية والعسكرية في معركة اليمنيين ضد السلالة الحوثية الكهنوتية.
- الأناشيد الإصلاحية.. صوت الجمهورية وروح المقاومة
منذ بداياته، أولى الإصلاح مساحة واسعة للأناشيد، باعتبارها وسيلة تحفيزية تعبّر عن طموحات اليمنيين. وقد شكّلت هذه الأناشيد مدرسة فنية متكاملة تحمل مضمونًا وطنيًا واضحًا، وتمتزج فيها الروح الوجدانية بقيم الحرية والكرامة والعدالة.
عقب الانقلاب الحوثي، لعبت الأناشيد الإصلاحية دورًا بارزًا في مواجهة آلة الدعاية الطائفية، فعملت على استنهاض الهمم، وربطت بين الحاضر ومسيرة الثورة السبتمبرية، وجددت الوعي بأهمية الجمهورية، لتصبح أشبه ببيانات يومية تعبّر عن الموقف الشعبي في مواجهة الكهنوت.
وفي هذا الشأن، قال المنشد طه الرجوي إن الإصلاح اعتمد منذ تأسيسه على الأناشيد كأحد أبرز أدواته الفنية، حيث كانت بمثابة صوت الحماس في الميادين، تعبر عن مشاعر الجماهير، وتعكس التزام الحزب برسالته الوطنية في الدفاع عن الجمهورية والثوابت الكبرى.
وأضاف أن تلك الأناشيد لعبت دورًا محوريًا في تعزيز الوعي الوطني وربط المجتمع بمشروعه التحرري، إذ إنها حملت رسائل تحفّز الناس على الثبات، وتجسد قيم سبتمبر والحرية، وتوحد المشاعر الوطنية ضد مشاريع الاستبداد والكراهية والعنصرية.
وخلال مسيرته، أنتج الإصلاح سيل من الأناشيد التي رددها اليمنيون في الفعاليات والمناسبات الوطنية، وتناقلتها المنصات الإعلامية. وقد اتسمت بعمق المضمون وسلاسة اللحن وقوة الأداء، ما جعلها مؤثرة في الوجدان العام، وراسخة في الذاكرة كجزء أصيل من خطاب المقاومة الوطنية.
إلى ذلك، لفت الرجوي إلى أن مسيرة الإصلاح الفنية استمرت مع تطور الإعلام عبر أعمال مرئية وأفلام قصيرة وبرامج ومسرحيات عكست روح ثورة سبتمبر والجمهورية، وأسهمت في مواجهة خطابات الكراهية والتطرف والسلالية، مقدمة صورة بديلة تحمل قيم الحرية والوحدة والانتماء الوطني المشترك.
- ميدان مواجهة مع مشروع الكهنوت
أكد الفنان "محمد الحاوري" أن الإصلاح استخدم الفن في معترك السياسة كوسيلة للتعبير وإيصال الرسائل، مقدمًا صوت الإبداع على أصوات السلاح والتمرد، ومؤكدًا أن الأعمال الفنية شكلت على الدوام جبهة موازية لميدان المواجهة العسكرية والفكرية مع مشروع الكهنوت الحوثي.
تحدث الحاوري، في تصريحات خاصة ل"الصحوة نت"، عن تجربته الخاصة في فن التقليد والتمثيل، الذي نشأ تحت مظلة الأنشطة الإصلاحية، لافتًا إلى أنه وظّف هذه الموهبة في فضح مشروع الحوثيين وإبراز دجلهم وكذبهم، مستخدمًا الأسلوب الكوميدي لنقل رسائل قوية تصل بسهولة إلى قلوب الناس وعقولهم.
على الصعيد الشخصي، قال الحاوري إن موهبته صقلت برعاية وتشجيع إصلاحي منذ فترة مبكرة، عبر الأنشطة والفعاليات التي انطلقت من المعاهد العلمية، والتي شكلت منطلقًا لمسيرته الفنية وأتاحت له الفرصة لصقل قدراته الإبداعية والانطلاق نحو جمهور واسع.
وأوضح أن الأعمال الفنية التي يقدمها الإصلاح اليوم تحرص على تذكير الشعب بخطر المشروع الكهنوتي الحوثي وقبح ممارساته، وتحث اليمنيين على النهوض لمواجهة مشروع الموت الذي تحمله المليشيا، كلٌ بحسب طريقته وإمكانياته وإيمانه بالجمهورية.
- دراما في خدمة الوطن
اعتمد الإصلاح على الشاشات والمسرح والفعاليات الفنية كوسائل للتعبير الوطني، مستفيدًا من تأثير الدراما في تبسيط القضايا الكبرى، فكانت العروض المسرحية تعكس قضايا المجتمع، وتجسد الصراع مع الاستبداد والإمامة، لتجعل من الفن خطابًا مبسطًا يصل إلى عامة الجمهور.
خلال المعركة الوطنية ضد الانقلاب الحوثي، وظف الإصلاح الدراما كوسيلة مواجهة فاعلة، حيث قدم عشرات الأعمال الفنية التي هزت خطاب المليشيا، وفضحت زيف دعايتها السلالية، لتصبح الدراما أداة لترسيخ قيم الجمهورية وتعميق الانتماء الوطني في وجدان اليمنيين.
وتجلت هذه الجهود في برامج متعددة لاقت مؤخرًا انتشارًا واسعًا محليًا وعربيًا، من أبرزها "غاغة" و"هرجلة"، والتي اعتمدت على الأسلوب الكوميدي والنقدي لتعزيز الوعي الشعبي وكشف تناقضات المشروع الحوثي، بما جعلها من أبرز الأدوات الفنية التي دعمت الذاكرة الجمعية في مواجهة الإمامة الجديدة.
ووفَّرت هذه الأعمال الفنية مساحة لتجديد الذاكرة الوطنية وربط الأجيال الجديدة بقيم سبتمبر وأكتوبر؛ إذ عمد الإصلاح على إعادة صياغة الوعي الوطني عبر الفن بلغة وصورة وجدانية بسيطة ومؤثرة، في وقت حاولت المليشيا تفريغ الهوية من مضمونها واستبدالها بخرافة سلالية ضيقة.
- الأثر المجتمعي والرمزي
لم يقتصر الإنتاج الفني للإصلاح على التعبير السياسي المباشر فحسب، بل ترك أثرًا عميقًا في الوجدان الشعبي، حيث تحولت الأناشيد والمسرحيات والأعمال المرئية إلى رموز جامعة تلامس مشاعر اليمنيين، وتذكرهم بالمشتركات الوطنية.
وقد ساهمت هذه الأعمال في خلق هوية جمعية متماسكة، إذ رددها طلاب المدارس، ورددها الشباب في الميادين، وحملت معها دلالات الانتماء للجمهورية والحرية؛ ليتجاوز الفن، بهذا الشكل، دوره الترفيهي ويغدو أداة توحيد اجتماعية ورسالة وطنية راسخة.
في الشأن، أشار محمد الحاوري إلى أن الأنشطة الفنية التي أطلقها الإصلاح ساهمت بدور كبير في توعية المجتمع والتصدي للمشكلات، معتبرًا أن الإصلاح تعامل مع الفن كأداة بنّاءة، تزرع الوعي وتعمّق الانتماء الوطني، بعيدًا عن مسارات الفوضى التي أغرقت بها المليشيا الساحة.
بدوره، أشار طه الرجوي إلى أن الأعمال الفنية التي قدمها الإصلاح تركت أثرًا واسعًا في المجتمع، إذ أسهمت في إحياء الذاكرة الوطنية وربط الأجيال الجديدة بتاريخ نضالي حي.
وأوضح أن ذلك قد انعكس بشكل خاص على وعي الشباب الذين وجدوا في هذه الأناشيد والأعمال الفنية مصدر إلهام، يعمّق فيهم الاعتزاز بالجمهورية ويغرس روح الانتماء للوطن، بما يضمن استمرارية الرسالة الوطنية عبر الأجيال.
وبهذا المعنى، اكتسب الإنتاج الفني للإصلاح بعدًا رمزيًا، حيث أصبح بمثابة وثيقة مقاومة ثقافية تحفظ الذاكرة وتحصن المجتمع ضد محاولات الطمس والتزييف. إنَّه حضور يتجاوز اللحظة الراهنة ليبقى شاهدًا على انحياز التجمع اليمني للإصلاح الدائم إلى قيم الشعب وتطلعاته.