شكّل الاعتداء الذي نفذته عناصر مسلحة تتبع المجلس الانتقالي، التي داهمت في 27 سبتمبر الماضي فعالية أقامتها دائرة المرأة في التجمع اليمني للإصلاح بمحافظة حضرموت، بمدينة المكلا، شكّل صدمة للرأي العام ولاقى إدانات محلية ودولية، في الوقت الذي يجري فيه توجيه الجهود لإعادة تفعيل الحياة السياسية في البلاد. فقد داهمت عناصر الانتقالي المسلحة، فعالية أقامتها دائرة المرأة في التجمع اليمني للإصلاح، بمدينة المكلا، بمناسبة ذكرى تأسيس الحزب وأعياد الثورة اليمنية، واعتدت على جموع المشاركات، لتقرع جرس الإنذار من خطورة النهج الذي يعادي العمل السياسي، ويحتكم إلى أدوات العنف، ويكرر ممارسات مليشيا الحوثي. هذا الاعتداء الصارخ، أدانه المكتب التنفيذي للإصلاح بحضرموت، وحمّل السلطة المحلية المسؤولية عن حماية الفعاليات السياسية، وتوالت الإدانات لهذه التصرفات الطائشة. تبريرات تدين نفسها واتساقاً مع أسلوب التضليل المتبع في تبرير مثل هذه الأعمال والانتهاكات المُدانة، سارع من يقف وراءها إلى تسويق تبريرات، بدت كإدانات أكثر من كونها تبريرا لارتكاب هذه الأعمال التي شكلت صدمة للرأي العام. وقد كشفت وسائل إعلام محلية أن مشرف المجلس الانتقالي الجديد على محافظة حضرموت، يحيى غالب الشعيبي، هو من وجّه باقتحام القاعة والاعتداء على النساء المشاركات فيها، ضمن مهمته الهادفة إلى فرض هيمنة المجلس على الحياة العامة في المحافظة. موقف أمريكي يدعم العمل السياسي في اليمن وعلى إثر ذلك، عبرت سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية لدى اليمن عن القلق البالغ إزاء مداهمة فعالية نسائية لدائرة المرأة في الإصلاح في مدينة المكلا بمحافظة حضرموت. وقالت، في بيان، إن هذه المداهمات تقوض القيم الأساسية لحرية التعبير والتجمع. وإزاء هذا الموقف، عبر الإصلاح عن الشكر لموقف السفارة الأمريكية، الذي أدان مداهمة عناصر مسلحة تتبع المجلس الانتقالي لفعالية أقامتها دائرة المرأة في إصلاح حضرموتبالمكلا، وعبّر عضو الهيئة العليا للحزب رئيس الكتلة البرلمانية، النائب عبد الرزاق الهجري، خلال لقائه بالسفير ستيفن فاجن، عن التقدير للموقف الأمريكي الداعم لاستعادة الحياة السياسية، ودور الأحزاب، كونها الحامل السياسي للشرعية، في مواجهة نهج المليشيا الحوثية التي عملت على تجريف الحياة السياسية. وتلتها إدانة الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية لهذا الاعتداء، وأكدت رفضها لنهج التلويح باستخدام القوة لمنع أي نشاط سياسي، يهدف إلى التعبير عن المواقف أو نقل معاناة المواطنين في عدن وسائر المدن المحررة، ورفضت كل محاولات تجريف الحياة السياسية في المحافظات الجنوبية، لصالح طرف واحد أو لون سياسي بعينه. كلمة السر: المشروع الإيراني وكما هو حال من لا يقف على أرضية صلبة، سارع المذكور الذي لا يحمل أي صفة رسمية، إلى ربط الإصلاح بالإخوان لتسويغ جريمة الاعتداء على فعالية سياسية نسائية. الحادثة كشفت أمورا كثيرة كانت شبه منسية، فالشعيبي الذي يمثل مشرفاً للمجلس الانتقالي في حضرموت، والمشرف الذي سبقه ويُدعى أبو علي الحضرمي، يتشاركان خلفية طويلة من العلاقة مع إيران عبر "حزب الله" اللبناني، ظهرت إلى العلن خلال وجودهما مع علي سالم البيض في الضاحية الجنوبية لبيروت قبل 2015، كما يُسجل للشعيبي ظهوره الإعلامي على قناة "الميادين" مبدياً دعمه للحوثيين خلال اجتياحهم صنعاء، وهو ما يفسر هذا العداء لعودة الحياة السياسية وأدواتها السلمية، وللإصلاح بشكل خاص. وأفادت وسائل إعلام محلية بأن تقارير ذكرت أن الحضرمي سهّل إرسال عشرات الشباب من محافظات الجنوب إلى صعدة للتدريب في معسكرات الحوثيين خلال الفترة ذاتها. وكل ما سبق يثبت بجلاء أن هذه الأعمال التي تستهدف الحياة السياسية وتعرقل عودة العمل السياسي وتعافيه في المناطق المحررة، ويستفزها فعالية نسائية تحتفي بالسياسة وأعياد الثورة اليمنية 26 سبتمبر و14 أكتوبر، ترتبط ارتباطاً مباشراً بالمشروع الإيراني، الذي له أذرع متعددة، أبرزها مليشيا الحوثي، وأخرى تسندها من مواقع أخرى. وشبًه مراقبون الانتهاكات المتصاعدة ضد المرأة في مدينة عدن وما حدث من اعتداء على فعالية سياسية نسائية بالمكلا، ومناطق أخرى تخضع لسيطرة الانتقالي، بسلوك مليشيا الحوثي المصنفة عالميًا في قوائم الإرهاب ضد المرأة منذ اجتياحها للعاصمة صنعاء، لا سيما مع تصاعد حدة العنف ونوعية الانتهاكات في الآونة الأخيرة. نسخة حوثية الإدانات المحلية والدولية للاعتداء على احتفال نساء الإصلاح في المكلا، جاءت في ظل سعي القوى السياسية الوطنية، وعلى رأسها الإصلاح، لإعادة تطبيع الحياة السياسية في المناطق المحررة، وبث الحياة في روح العمل السياسي السلمي، الذي هو جوهر النظام الجمهوري الديمقراطي التعددي، والجهود المبذولة لاستعادة الحياة السياسية التي جرفتها مليشيا الحوثي الإرهابية إثر انقلابها المشؤوم على الدولة والإرادة الشعبية في عام 2014، إلا أن هذه الجهود تصطدم بالممارسات القمعية المعادية للسياسة وأدواتها السلمية، في تناغم مع ما تقوم به مليشيا الحوثي في العاصمة المختطفة صنعاء والمناطق الخاضعة لسيطرتها، حيث لا توجد أي مظاهر للعمل السياسي، ولا صوت يعلو فوق صوت المشروع السلالي الكهنوتي. وشدد الناطق الرسمي باسم الإصلاح، عدنان العديني، على أن العمل السياسي في اليمن أصبح واجباً لحماية حرية الإنسان وكرامته، في مواجهة محاولات عودة حكم الفرد والانقسام.