مرة بعد أخرى يتعرض قطاع غزة لعدوان الكيان الصهيوني, ويحاول الساسة الصهاينة – في المواسم الانتخابية - أن يكسبوا أصوات ناخبيهم بقتل الفلسطينيين واغتيال قادتهم وتدمير مساكنهم وممتلكاتهم ! يمارس الصهاينة بغيهم وطغيانهم دون خوف من العقوبة ولا خجل من قبح الجريمة أمام العالم, فقد ضمنوا دعم وتشجيع الولاياتالمتحدةالأمريكية وحلفائها, وسكوت ورضا المنظمات الدولية بالظلم والعدوان, تنطلق الصواريخ لتتصيد أبناء الشعب الفلسطيني ويردد القادة الصهاينة وأنصارهم في العالم تلك العبارة السّمجة: (من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها !!!) , أما الضحايا المحاصرون أصحاب الأرض فليس من حقهم العيش بأمان ولا الدفاع عن أنفسهم, ولا الرد على العدوان بما لديهم من أسلحة تقليدية, وكأنهم يطالبونهم أن يحتفلوا بالطغيان, ويقدموا الشكر لمن يقتلهم, ويتلذذ برؤية أشلاء أطفالهم ونسائهم !! هكذا يختل ميزان العدالة في عالم طغت عليه المصالح المادية, فأمسى لا يحفل بالقيم ولا يأبه بحريات وحقوق الإنسان مالم يكن قوياً وصاحب سطوة أو حظوة, وإذا كانت المقاومة الفلسطينية - ومن خلفها صبر وجلد وتأييد الشعب الفلسطيني – تبدي بطولة نادرة في الدفاع عن كرامة الأمة, وقد استطاعت أن ترد على العدوان بالسلاح المتواضع الذي تملكه, وأن تحرم الغاصبين الصهاينة الأمن والاستقرار, وتجعلهم يعيشون حالة الهلع والخوف, فإن هذه المقاومة الشجاعة يمكن أن تفعل الكثير إذا وجدت الدعم الكامل من أشقائها العرب والمسلمين .. تغيرت الأوضاع في عالمنا اليوم, لاسيما في دول الربيع العربي, وتحولت بعض الدول المتآمرة على القضية الفلسطينية إلى داعمة وحاضنة للمقاومة, ففي عام 2008م بدأ العدوان على غزة ووزيرة الكيان الصهيوني في ضيافة الرئيس حسني مبارك, واليوم أضحى رئيس وزراء مصر أول الزائرين لقطاع غزة بعد العدوان, ليعلن موقف مصر ووقوفها مع أشقائها الفلسطينيين, وقبل أربع سنوات تأخر اجتماع وزراء الخارجية العرب عدة أشهر بعد الهجوم الصهيوني على غزة, بينما سارع الوزراء للاجتماع هذه المرة بعد ساعات من العدوان, وسمعنا منهم خطاباً مختلفاً؛ حازماً ومسؤولاً, لعل الكيان الصهيوني وأمريكا قد فهموه جيداً! يجب أن لا يتوقف الأمر عند هذا الحد, فهناك أسلحة سلمية فتّاكة وكثيرة يجب أن تستخدم لتأديب الصهاينة المقامرين: مواقف سياسية واقتصادية حازمة وقوية تطال الداعمين للكيان الصهيوني, وتتحول من القول إلى الفعل, وهذا واجب الحكام, ثم تصعيد شعبي لحشد الدعم المادي والمعنوي لأهلنا الصامدين في وجه آلة الدمار الصهيونية, وهذا واجب النُّخب والعلماء والمفكرين والوجهاء والتنظيمات السياسية ومنظمات المجتمع المدني, ولابد من عمل إعلامي رسمي وشعبي هادف يؤثر على الرأي العام الغربي ليفهم الحقائق ويعترف بحق الفلسطينيين في العيش بكرامة على أرضهم, لنتمكن من دمغ التضليل الذي تمارسه وسائل الإعلام الصهيونية والتي تصور الجلاد ضحية والضحية جلاداً!! نتطلع أن يترجم التأييد والتعاطف العربي والإسلامي مع إخوتنا في غزة وكل الأرض الفلسطينية إلي دعم مالي وفني (ولوجستي), وأن يتطور ليحقق خطوة متقدمة لاحقاً بالتحول إلى الشراكة الكاملة مع الشعب الفلسطيني في تحرير الأرض الفلسطينية من الغاصبين المعتدين وإجبارهم على العودة إلى أوطانهم التي قدموا منها, حينها ستتغير الموازين, وستقل التكاليف, وسيتوقف نزيف الدم الفلسطيني, وسيعلم الصهاينة وحلفاؤهم أن العرب والمسلمين يمثّلون مع إخوانهم في الأرض المحتلة جسداً واحداً, "إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى.." "ويقولون متى هو؟ قل عسى أن يكون قريباً". [email protected]