في عام 1996م بدأت الكتابة في صحيفة الصحوة إلى جانب الدراسة أو ربما قبل هذا التاريخ، وهو مالم يكن ببالي وأنا على مقاعد الدراسة في المرحلة الثانوية وتحديدا في أول ثانوي، فقد كنت أدخر من مصروفي وأعطيه لزميلتي في الصف ليشتري لي أخوها صحيفة الصحوة، كان الزمن لا يزال جميلا ولا يحمل الكثير من الإصدارات الصحفية، كانت هي الصحيفة الأهلية الإسلامية والمميزة حسب معايير الوسط الصغير صحفياً. كان هدفي من الكتابة التدريب أولا وتطبيق ما كنت أدرسه في قسم الصحافة، وكنت أكتب في مواضيع مختلفة وأغلبها مقالات، وفي مؤتمر الاتحاد النسائي الإسلامي العالمي في ديسمبر 1997 كنت أطبق مهارات المقابلة الصحفية مع شخصيات المؤتمر مما كان له الأثر لدى رئيس تحرير الصحوة آنذاك الأستاذ ناصر يحيى لتعييني محررة صفحة عالم المرأة في الصحوة. كانت هذه المرحلة من أهم محطات حياتي الصحفية، فقد بدأ قلمي يترعرع على هذه الصفحات ما بين مقال واستطلاع وتحقيق ومقابلة، كانت صفحة عالم المرأة بحجم صحيفة لوجود مجموعة من الكاتبات كن أساس وجود القلم النسائي الملتزم أمثال د. سمية الشرجبي إحدى مسئولات الصفحة سابقا، الأستاذات أسماء الشرجبي، عبير معتوق، نبيلة سعيد، أمة الغني هزاع، آمنة الشرعبي، إشراق البركاني، هذه الأقلام الأكثر من متميزة ظلت تنافح بأسنتها لسنوات من باب الدعوة قبل أن يكون الدافع إعلاميا بحتا، بعدها جاءت مجموعة من الأقلام الصحفية المتخصصة أمثال نسيم الرضا وسوسن الجوفي وسعيدة الطيب كتبن لفترة في الصحوة ثم غادرن الصفحة وتركن أثرا جميلا. ولم تكن الصفحة مجرد ورقة واحدة نخطط لموضوعاتها المختلفة بل كنا نعتقد أننا نحرر صحيفة بهذا العدد، لذلك كان لنا اجتماعات ثابتة نحدد فيها موضوعات الأعداد القادمة، ومخطط للأحداث التي يجب علينا تغطيتها أو الحديث عن مناسباتها، ومن سيقوم بالتغطية. الجميع كان يعمل في مؤسسات ومنظمات حكومية وخاصة، ومع ذلك كان للصحوة نصيب كبير من أوقاتنا جميعا، بل ربما هي الأهم، لأنها ارتبطت لدينا بمفهوم الدعوة عبر القلم، وكان للأستاذ علي أبو النصر الفضل الكبير في تقويم أقلامنا وموضوعاتنا، ومساعدتنا في النشر قبل أن يغادر الصحيفة، وهي فرصة في هذا المقال أن أقدم له شكري الخاص على كل ما قام به تجاهي وتجاه زميلاتي من اهتمام ودعم معنوي وموضوعي. كنا نعمل بروح الفريق الواحد في المواضيع والتغطيات، وقد تشترك ثلاث محررات في بعض الموضوعات الكبيرة التي كانت تحتاج لمجهود كبير، أو نتيجة لضيق الوقت والكل يعمل فتشترك مجموعة في موضوع واحد، ومن الطرائف في هذا الجانب أننا جميعا حضرنا المؤتمر العام الثاني من أجل تغطية موضوع مشاركة المرأة في مجلس الشورى وإصدار الفتوى الشهيرة، فكان الموضوع تقريبا كما أذكر لثلاثة أسماء دفعة واحدة مع أنه لم يكن بذلك القوة والتوسع، فاستغرب الأستاذ ناصر يحيى وقال: كلكن كتبتن الموضوع...؟؟!! ومثله التغطيات الخبرية لبعض المناشط كنا نذهب كمجموعة مكونة من اثنتين فما فوق لكتابة تقرير أو تنفيذ استطلاع للفعالية، ونتقاسم المكافأة المادية ثم نمضي للبحث عن موضوع جديد. قبلنا كانت الأستاذة رشيدة القيلي التي لم أعاصرها شخصيا في الصحوة التي أشعلت الصفحة بمناقشاتها لبعض أقطاب الفكر النسائي الإشتراكي في الحزب الإشتراكي اليمني عقب الوحدة، وكان طرحها متميزا بثقافة عميقة وفهم قوي، لذلك جٍِاْء أسلوبها أكثر تميزا في الكتابة واتضح ذلك من خلال مجموعة أعداد من الصحوة -لا أتذكر تواريخها- قمت بتحليلها كبحث في السنة الأولى في الجامعة. الآن وأنا أكتب الموضوع وتتسلسل الذكريات والمواقف لولا خشيتي من الإطالة أتذكر بمزيج من الفخر والألم أن الصفحة كانت هي الصفحة المتخصصة الأولى في الصحافة اليمنية عن المرأة، وأن عنوانها كان مثار نقاش بين المجموعة هل نتركه كما هو «عالم المرأة» بتميزه أم نغيره إلى عالم الأسرة لأننا نتحدث عن أفراد الأسرة جميعا ونتعرض لهموم الزوج والزوجة ومشاكل الأولاد، وكيفية التعامل بين أفراد الأسرة وغيرها من الموضوعات الأسرية، لا أتذكر الآن إن كنا غيرنا عنوان الصفحة أم لا فقد غادرت الصحوة عام 2000أو 2001 على وجه التقريب كمحررة ولكني لا زلت بين فترة وأخرى أبحث عن قلمي بين صفحاتها فأكتب حيثما أجد نفسي. ومنذ خروج الأستاذ ناصر يحيى وحتى اللحظة تتأرجح الصفحة بين الظهور الكامل حينا، ونصف الظهر في أحيان أخرى، وبين الغياب التام في أحيان كثيرة، رغم أن الأقلام النسائية موجودة وبكثرة لكن يقينا لا أعرف أسباب غياب هذه الصفحة وإهمالها وربما هي فرصة لمراجعة وضع الصفحة بجدية من قبل رئاسة التحرير على الأقل احتفالا بمناسبة مرور 25 عاما على الصحوة يعني بمناسبة اليوبيل الفضي كما تفعل الحكومة بالمناسبات...!! وعقبال مائة سنة صحافة.