وحدة 22 مايو لعام 1990م أساءت للوحدة ، ومزقت المشاعر ، وحولت ملايين الجنوبيين الذين سارعوا لها بكل صدق إلى دعاة انفصال .. تلك الوحدة ردمت كامل التاريخ الوطني في اليمن ، عندما كان الشطران في تسابق نحو الوحدة ، لكن النوايا لم تكن صادقة ، وما حدث في المرحلة الانتقالية من عام 1990 حتى 1994.. ثم ما تلا ذلك من حرب ظالمة واستباحة مكشوفة للدولة ذاتها، قبل الجنوب ومعطياته . تلك الأسباب هي التي أشعلت المزاج العام في الشارع الجنوبي ، وترميم هذه الشروخ الغائرة أمر لا مفر منه ، فملف الجنوب سيظل ساخناً مالم يتم الشروع بإجراءات فورية، وخاصة ما يتعلق بأراضي الدولة البيضاء ، ومخططات الوحدات السكنية للمواطنين التي نهبت من قبل حفنة من المتنفذين ، ولا مفر من عودة آلاف المسرحين العسكريين والمدنيين إلى أعمالهم . مثل هذه التدابير العاجلة ستظهر الرغبة الحقيقية في معالجة مشاكل الجنوب أثناء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني ، وبنفس القدر لا مفر من إصلاح الحال في صعدة عبر ترميم وإعادة بناء ما هدمته الحروب الست الظالمة ، وإطلاق سراح المعتقلين. وإلى ذلك يصبح من أوجب الواجبات الماثلة تفعيل قانون العدالة الانتقالية وفق المرئيات التي تم الاتفاق عليها ، وبما يرضي ويعوض ويجبر خواطر المتضررين من أحداث الانتفاضة الشبابية الجماهيرية السلمية. إنجاز هذه المهام أثناء انعقاد مؤتمر الحوار الوطني سيسرع في الوصول إلى توافق التوافق من خلال تحديد مرئيات بناء الدولة الاتحادية متعددة الأقاليم والتي ستكون لها كامل الصلاحيات المالية والإدارية والتنموية. المراهنة على فلسفة الانتظار والاعتقاد بأن نتائج مؤتمر الحوار الوطني ستمثل الحل النهائي رهان عقيم ، ذلك أن تسارع الأحداث ، وعدم البت في تلك الملفات واضحة العيان والبيان ، وتسليم كل شيء لما بعد الحوار الوطني هو الطريق الأقرب للإخفاق، ولهذا السبب من المهم بمكان ان يسير الحوار بالترافق مع الإجراءات، بل إنني أرى لزاما أن تتم الإجراءات التمهيدية للتغيير استباقاً لما يتبلور عن الحوار. اليوم نستطيع أن نقول بكل ثقة إنه قد تبين الخيط الأسود من الأبيض ، ولم يعد هنالك من مبرر للتأجيلات اللزجة ، والتبريرات غير المقبولة .