في تقريرها عن وضع الأطفال في اليمن للعام 2009م والذي تأخر عن موعد إصداره بسبب معوقات مادية وحداثة التجربة، رصدت منظمة سياج لحماية الطفولة قائمة من الإنتهاكات واجهت وتعرض لها الأطفال خلال العام المنصرم، أبرزها حجز الحرية، ثم التعذيب الجسدي والاغتصاب والقتل والحرمان من الحقوق وتزويج الصغيرات والشروع في القتل. وأوضحت عن عدد الجرائم الماسة بالحياة التي تعرض لها الأطفال والبالغة ( 87 ) حالة من أصل ( 257) تم رصدها وتحليلها، إذ قدرت عدد حالات التعذيب الجسدي ب( 33) حالة والقتل بواقع 26 حالة، يليه الشروع في القتل بواقع 22 حالة ثم التهديد بالقتل بواقع حالتين، وجرائم أخرى بواقع 4 حالات. أما الجرائم والانتهاكات الماسة بالشرف، والتي رصدتها وحدة الرصد في المنظمة فبلغت (68) حالة من ( 257) حالة وبما بنسبة 26,46% ، تصدرها حالات الاغتصاب وبعدد 29 حالة، ثم الاختطاف والاغتصاب معا بواقع 13 حالة، يليه الاختطاف ومحاولة الاغتصاب بواقع 21 حال، وأخيرا التحرش ومحاولة الاغتصاب والذي رصدت فيه المنظمة سوى 5 حالات.
وعن الجرائم والانتهاكات الماسة بالحرية فرصد تقرير منظمة سياج 54 حالة من 257 حالة بنسبة 21.01% ، جاء على قائمتها الاعتقال والسجن وحجز الحرية وبعدد 46 حالة، ثم الإخفاء وبواقع 7 حالات في حين لم ترصد المنظمة سوى حالة واحدة في جرائم الأخذ كرهينة. وفي جرائم أطلق عليها التقرير ب"جرائم ماسة بالحقوق الفضلى"، فأوضحت المنظمة عن رصدها ( 48 ) حالة وبنسبة %18.68 من إجمالي الحالات التي تم تحليل بياناتها وهي ( 257 ) وزعتها على (9) أشكال، جاء تزويج صغيرات في مقدمتها، إذ رصدت 25 حالة، ثم بدون هوية والتهجير القسري بواقع خمس حالات لكل منهما والإهمال والحرمان من الحقوق بعدد أربع حالات.
كما رصد التقرير ثلاث حالات تشريد ومطاردة وتزوير وثائق بواقع حالتين فقط، ومثلها جرائم فصل تعسفي، وحالة واحدة لكل من المنع من السفر واستغلال اسم. وعن الأسباب التي أدت إلى حدوث تلك الجرائم مجتمعة، أشار تقرير منظمة سياج إلى مساهم تدني مستوى الوعي المجتمعي بحقوق الطفل والوعي الخاطئ اتجاه الكثير من تلك الحقوق في تدنى مستوى استشعارها ما ترتب عليه ضعف مساهمة المجتمع في حماية حقوق الطفل والدفاع عنها وضعف تحمسه معها، موضحا عن ملاحظته تدنياً في حجم الإبلاغ عن الجرائم والانتهاكات ضد الأطفال وأن التفاعل كان منحصرا على الجرائم والانتهاكات البشعة كالاغتصاب والقتل.
إضافة إلى ذلك أورد التقرير جملة من العوامل، حددها في (15) عاملا، قال إنها لعبت دوراً كبيراً في إفلات غالبية المجرمين من العقاب، وأبرزها عدم اكتراث ذوي الضحايا بالإبلاغ عن الانتهاكات التي يتعرض لها أطفالهم ومن يقومون بالإبلاغ واللجوء إلى مقاضاة المنتهكين وافتقارهم غالباً إلى عامل الصمود والاستمرار في متابعة القضايا. وغياب التفاعل المجتمعي المطلوب في مناصرة الأطفال الضحايا وأسرهم وتدني الوعي بحقوق الطفل وطرق تمكينه منها وحمايتها وضعف وعي الأسر خصوصاً والمجتمع عموماً بطرق التعامل مع الأطفال المعنفين أو الجانحين.
وأشار في جملة العوامل والأسباب إلى وجود وعي سلبي حول الكثير من أشكال التعامل مع الطفل حيث يسمى الضرب تربية والعمل رجولة وتزويج الصغيرات درءاً مبكراً للفضيحة وتحاشياً للعار وجزءا من الدين, واستخدام بعض مسئولي الدولة ومشائخ القبائل نفوذهم وممارسة ضغوط وتهديدات وقمع ووساطات وتدخلات معيقة للعدالة وضد القانون وبعضها تتم تحت مسمى الصلح خصوصاً في الجرائم الجسيمة والتي لا يجوز التنازل فيها ولا تسقط بالتقادم بل الواجب فيها مناصرة الضحايا وتقديم الجناة للعدالة، إضافة إلى ثقافة (الستر) السائدة خوفاً من العيب والعار والفضيحة وحداثة تجربة الرصد والتوثيق وتقديم العون القضائي والدعم النفسي المجاني في اليمن وغياب بعض التشريعات الوطنية الخاصة بحقوق الطفل وقصور وضعف بعضها الآخر.
واعتبر التقرير أن تطويل إجراءات التقاضي وعدم تنفيذ الأحكام في كثير من قضايا العنف ضد الأطفال يسبب الإحباط لكثير من الضحايا وأولياءهم من اللجوء للقضاء، من أهم الأسباب التي أدت إلى حدوث تلك الجرائم وزيادتها، ومثله ضعف تأهيل الكثير من منتسبي الأمن والنيابات والمحاكم في التعامل الصحيح مع قضايا العنف ضد الأطفال وعدم وجود محاكم ونيابات خاصة بالأحداث في أغلب المحافظات إذ لا توجد في اليمن سوى خمس محاكم مختصة بالأحداث فقط.
واختتم التقرير استعراضه للأسباب والعوامل التي أدت حدوث تلك الجرائم مجتمعة، تأكيده بعدم ثبات من تم تدريبهم من ضباط وضابطات الداخلية ضمن دائرة الطفل بل يتم نقلهم إلى مرافق أخرى لا صلة لها بالطفولة، وأخيرا صعوبة إثبات كثير من الجرائم الواقعة بحق الأطفال وخاصة الجرائم الجنسية بسبب ضعف التأهيل وغياب الإمكانات الفنية والتقنية.
وأكدت منظمة سياج في نهاية تقريرها عن وضع الأطفال في اليمن للعام 2009م أن تلك المعيقات تشكل تحديا كبيرا يفرض على المعنيين في الحكومة اليمنية والمنظمات الوطنية والدولية ذات الصلة المسارعة في وضع الحلول والمعالجات لها لتمكين الطفل من حقوقه ولتحقيق الأهداف والغايات التي يسعى الجميع لأجلها.