كم يحتاج الحوثيون ليقتلوا من اليمنيين ويدمروا من مساجدهم ومنازلهم ليصلوا إلى حكمهم؟ كم يحتاجون من المشردين واللاجئين ومن الحروب الهمجية والعبثية ليصلوا إلى القصر الرئاسي بصنعاء؟ كم مدينة ومديرية وقرية يحتاجون لإسقاطها وتسويتها بالأرض ليصير الطريق مُعبّدا نحو العاصمة؟ ولماذا يظل صندوق الذخيرة هو الخيار المفضل بالنسبة لهم من صندوق الانتخاب؟ لماذا يتمددون هنا وهناك ويذهبون للاعتداء على الجيش والمواطنين في عمران؟ ولأجل ماذا يحاصرونها ويهددون باجتياحها وترويعها وجعلها غنيمة لهم؟ ولماذا يحاولون تفجير حرب سابعة مع الجيش وقد قتلوا منه ستين ألفا باعترافهم؟ من منحهم حق رفع السلاح وإعطاء تصاريح بالقتل، وأي تغيير هذا الذي يطالبون به بقوة الحديد والنار؟ حتى اللحظة ترفض جماعة الحوثي كل دعوات السلام والتعايش الموجهة لها من الرئيس والحكومة والقوى السياسية والمدنية والاجتماعية، وتصر على رفع سلاحها والتحدث بلغة الرصاص والدم، مستلهمة إرثها الماضوي الموغل في الحقد والكراهية واحتقار اليمنيين، وبخاصة أولئك المخالفين لنظرية ولاية البطنين، والنظر إليهم بدونيه والطعن في عقيدتهم واستباحة حرماتهم. في ظاهرة غريبة على اليمنيين ومصادمة لعاداتهم وأخلاقهم الاسلامية ونخوتهم العربية يعمد الحوثيون إلى تفجير المساجد والمنازل وتشريد السكان وإجلائهم من مناطقهم في حالة تتطابق تماما مع ما يفعله الصهاينة اليهود بحق الشعب الفلسطيني، ولا ندري حتى الآن سببا لكل ذلك!! وحدهم أعداء الحياة والإنسانية من يفعلون ذلك، من يفجّرون المنازل والمدارس ودور العبادة، من يقتلون بالهوية والانتماء السياسي ويُحيلون الأرض خرابا ودمارا حيثما حلوا وارتحلوا. لينظر الحوثيون إلى حجم الخراب والدماء التي سالت والمآسي التي خلّفوها ورائهم في عمران وهمدان وأرحب وذمار وقبلها في صعده وحرف سفيان، وليقولوا لنا هل هذا هو "النصر للإسلام" الذي يزعمونه، أم هو مشروع الدولة المدنية الذي يتحدثون عنه، أم أنه الطريق الذي لا بد أن يمروا عبره لولاية العِترة وسيادة البطنين؟ في الوقت الذي يخوض الجيش معارك البطولة والشرف للدفاع عن الوطن وتحريره من قبضة الإرهاب والجماعات المسلحة، وفيما فرغ اليمنيون من مؤتمر الحوار الوطني الذي مثّل صيغة توافقية حضارية وإجماع شعبي قل نظيره حول خارطة طريق خرج بها المؤتمر لإعادة بناء الدولة اليمنية الحديثة وصوغ مستقبل مشرق لليمن، وفيما يراقب العالم خطوات اليمنيين المتسارعة صوب الانتخابات، يعمد الحوثيون إلى تفجير الوضع عسكريا في أكثر من مكان ويباغتون قوات الجيش على أكثر من جبهة في عمران، في مسعى حثيث لاجتياحها والسيطرة عليها وضمها لأملاك السيد، ضمن توجه يهدف لخلط الأوراق وإعاقة التحول السياسي وإرباك الرئيس ومحاولة ابتزازه لتقديم تنازلات. ومعلوم أن رئيس الجمهوري شكل لجنة رئاسية للتفاوض مع جماعة الحوثي لتسليم أسلحتها الثقيلة والمتوسطة، والانخراط في العمل السياسي السلمي، والاسهام مع القوى الوطنية في تنفيذ مخرجات الحوار الوطني والدفع قدما بعملية التحول السياسي وإنجاح المرحلة الانتقالية، لما من شأنه تحقيق أهداف الثورة الشبابية وتطلعات الشعب اليمني. لكن جماعة الحوثي تصر على تحدي اليمنيين والمجتمع الدولي وقرارات مجلس الأمن ولجنة العقوبات الدولية، وتأبى إلاّ أن تمارس دور الجماعات الإرهابية وعصابات التمرد التي لا تؤمن بدولة ولا بمجتمع مدني تعددي تشاركي، وتصر على البقاء حبيسة فكر منغلق موغل في العنصرية والطائفية السياسية، فيما تواصل الهروب من استحقاقات المرحلة، بما فيها التزاماتها السياسية والأخلاقية بتنفيذ مخرجات مؤتمر الحوار الوطني وتسليم أسلحتها الثقيلة التي وعدت على لسان بعض قادتها بتسليمها. وفيما ترفع شعار المسيرة القرآنية، تمعن في إيذاء اليمنيين وتكدير حياتهم وتفجير مساجدهم، ومدارس القرآن الكريم ودور العلم، كما لم تسلم منهم مقرات الأحزاب ومنازل المواطنين والمؤسسات الرسمية، ضمن ما يبدو أنه حرب شاملة ضد المجتمع وسياسة استئصالية ترفض الاعتراف بالآخر والتعايش معه والإقرار بحقه في الحياة والحرية والعيش الكريم. وهذا هو دأب أعداء الحياة على مر العصور، لكنهم دائما ما يخسرون معاركهم مع الشعوب وتلك حقيقة لا مراء فيها، لكنهم قوما يجهلون وفي الغي سادرون.