في اليمن تتحول أعياد الأطفال لساحات حروب، فبين الألعاب النارية (شديدة ومنخفضة الانفجار) و مسدسات الخرز (كبيرة الحجم وصغيرة الحجم)، يتحول الأطفال إلى جرحى وشهداء في تراجيديا محزنة، يُنذر بمستقبل مليء بالمخاطر عقب هذا التأسيس المبكر لنفسيات لا تعرف سوى العنف. أطفال يتأذون بإعاقة دائمة في العين بسبب مسدسات الخرز، وآخرون تصيب أجسادهم الحروق عقب أن تنفذ "الطماش" والألعاب النارية عبر ملابسهم، أقسام طوارئ المستشفيات مكتظة بأطفال وذويهم، بعد أن نزعت تلك البنادق والمتفجرات فرحتهم؛ إنها نتيجة مأسوية للأطفال نفسياً وجسدياً. هذا العام انضمت "القناصات" وهي سلاح يشبه القناصة الحقيقة ويحمل ليزر مثبت لإصابة الهدف ب"خرزة" كبيرة بدقة، ويا لفرحة الطرف الذي يملك أحدهم قناصة في صفوفه حيث أن قيمتها يتجاوز 2000 ريال ( 10$)، فهو الفائز بدون شك، لكن هذا الفوز يأتي بعد أن يصيب أعين ورؤوس أعضاء الفريق الخصم، وبعد انفجارات متعددة لحرب الشوارع، تنتهي الحرب لكن المأساة أكبر بالتأكيد،إذا ما أحصينا النازحين المصابين إلى المستشفيات. يقول أطباء إن مسدسات الخرز تؤدي لإصابات خطيرة على العين وأنها تسبب أخطر أمراض العيون الفتاكة مثل المياه الزرقاء والمياه البيضاء وانفصال الشبكية وتعتم القرنية وضمور العصب البصري والالتهابات الحادة للقزحية، وغالبا ما يكون مصير الأعين المصابة بحبيبات البلاستيك الضمور الكامل والعمى الدائم. وأكد أخصائي العيون المناوب مستشفى الثورة العام الدكتور نشوان محمد، أن الأطفال المصابة أعينهم بحبات الخرز يتوافدون منذ الصباح الباكر لعيد الفطر إلى الطوارئ العامة، حيث بلغ عدد الحالات حتى الغروب 28 حالة إصابة وعددهم في تزايد مستمر. وأشار الدكتور العطاب في تصريحات صحافية سابقة إلى أن الإصابات تفاوتت ما بين نزيف شديد داخل العين وإصابات وتعتم للقرنية وفقدان كامل للنظر، وهذه الحالات تتطلب المتابعة عن قرب لتوقع حدوث المضاعفات الخطيرة في أي لحظة. مواطنون ألقوا بالآئمة على الجهات المختصة التي سمحت للتجار باستيراد مثل هذه الألعاب إلى جانب الألعاب النارية التي تغرق السوق المحلية، ويقولون إنهم يتعرضون لخوف وقلق كبير على سلامة أبنائهم نتيجة عدم قدرتهم على مراقبة أطفالهم الذين يندفعون بشكل كبير على شراء هذه الألعاب. لكن أولياء أمور الأطفال يتحملون جزءا كبيرا من المسؤولية في غض الطرف عند رؤية الأطفال يحملون مثل هذه الألعاب التي قد تحول فرحة أطفالهم إلى معاناة دائمة من العاهات ومن ألم. ويؤكد حمير المقبالي وهو صاحب محل تجاري صغير أن بعض الآباء يحضرون مع أبنائهم لشراء هذا النوع من الألعاب ثم يندمون بعد ذلك.ويقول المقبالي: لا أتحمل المسؤولية أبداً، أنا فاتح طالب الله على بيتي ولا يمكن أن يأتي العيد دون أن أحضر ما يشتريه مني الأطفال من ألعاب. ويشير أن جميع أطفال الحي اشتروا الألعاب معظمهم يحبذ الألعاب النارية والمفرقعات بالإضافة إلى مسدسات الخرز،لكنه في الوقت نفسه يحذر الأطفال من اللعب أمام محله التجاري خشية انكسار زجاج المحل بمسدس الخرز أو يصاب في عينه نتيجة العبث أو يقذف أحدهم بمفرقعات إلى داخل المحل ويحترق. ويذكر المقبالي أن طفلاً العام الماضي كسر زجاج محلة بمسدس خرز نوع "علمدار" وليس مستعدا لأن يدخل في شجار مع والد طفل مرة أخرى كما في العام الماضي. القنابل والمتفجرات- أيضاً- أصبحت أعنف بكثير على السمع، يشعر السامع أنها عبوة ناسفة انفجرت، يقول آخر ربما: هو قصف صاروخي على المنطقة؛ إنها أعنف بكثير على المرضى والنساء الحوامل، قد يؤدي هذا الخوف المسكون في المتغيرات العسكرية في اليمن إلى إجهاض، و وفاة مريض، بما فيهم كبار السن. ويشير تربويون أن هذه الألعاب ذات الطبيعة العدوانية أو الحربية سيكون لها انعكاسات سلبية على نفسيات الأطفال والنشء. وستنمي فيهم القسوة والعنف، والإضرار بالآخر والتفنن في طرق الإضرار.
ويقول التربوي خالد الحدائي المحرر في شبكة ينابيع التربوية: إن السكوت على هذه الممارسات والسلوكيات الخاطئة للأطفال دون رادع أو زاجر من أولياء أمورهم سينعكس سلبا على سلوكيات أبنائهم، وستجعلهم أكثر عدوانية وشراسة، مما يخلق في المستقبل جيلا لا يهتم أو يعبأ بالغير، ويكون أكثر استهتارا وإهمالا -حد قوله.